يقول المؤرخون أن »دنانير« كانت من أشهر مغنيات الغرص العباسي وقد ألفت كتابا في أصول الغناء يعتبره أهل الإختصاص أصلا من أصوله وقد كانت للخليفة هارون الرشيد قصة ترقى الى مستوى الدراما الإنسانية. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عنه هذه القصة بالتفصيل ولكن نقدم الحقائق التالية: 1) لم يتطرق أحد من مؤرخي الطرب عند العرب ال ىمعرفة أصلها وكل ما عرفوه عنها أنها كانت ملك رجل من أهل المدينة علمها وأدبها ولمارآها الوزير يحيى بن خالد البرمكي اعجبته وإشتراها وما أن بلغت أخبارها أسماع الخليفة هارون الرشيد حتى سعي اليها في بيت وزيره وتعلق بصوتها. وأد من الحضور الى بيت الوزير للاستماع بغنائها وثقا فتها بالاضافة الى خفة دمها وحلاوة معشرها. 2) لما علمت زوجته السيدة زبيدة بالموضوع أوكلت الى عيوونها لمراقبة تحركات زوجها الخليفة هارون الرشيد وعلمت أنه أهدى تلك الجارية في لحظة من لحظات سروره وإنشراحه عقدا ب30 ألف دينار شعرت بغضب شديد وشكته الى أهله وعمومته الذين حزنوا من أجلها فذهبو الى إبنهم وعاتبوه فقال لهم أنه معجب بفنها وأن علاقته بهاروحيجة ولماسمعوا صوتها إقتنعوا بكلامه وعادوا الى زبيدة ليشيروا عليها بنسيان الموضوع وقالوا لها أنهم أصبحوا مسجونين بصوت دنانير الملائكي. 3) كان الخليفة هارون الرشيد حريصا على سمعته وعلى تمسكه بالتقاليد الاجتماعية بمزيد من الصرامة واليقظة وكانت الفنانة الذكية على علم بما يدور في رأس الخليفة وما يكنه من مشاعر سلبية نجاه الوزير بحي بن خالد وعلى رأسه الغيرة وكانت العلاقة بين الرشيد والبرامكة في قمة تدهورها وإستطاعت الامساك بخيط التوازن في موقفها بين الرجلين : سيديها الوزير يحيى بن خالد والخليفة هارون الرشيد مع مراعاتها التامة لمشاعر السيدة زبيدة. 4) موضوع دنانير رغم أهميته كان من أصغر الأشياء التي تربك سلطانا ذلك لأن إتساع رقعة الدولة كان كفيلا بطرح مئات المشاكل التي كان يحلها ببراعة بالاضافة الى صراعه مع إمبراطورية الروم. 5) كان الوزير يحيى بن خالد من جملة البرامكة الذين يطغى بهم وإنتقلت دنانير الى قصر الخليفة وطلبها للغناء لكن الفنانة المفجوعة برحيل حبيبها الوزير يحيى بن خالد رفضت الغناء وكانت لحظة حرجة بالنسبة للخليفة هارون الرشيد وعندما علم بإخلاصها إغرورقت عيناه بالدموع وقال لها لقد أطلقتك فأنت منذ هذه اللحظة أنت سيدة نفسك فما عليك الاأن تغادري بغداد وأن تبتعدي قدر إستطاعتك عن هذه البلاد.