سليمان جوادي يبرز أهمية الإنجاز في التعريف بالمنتوج الثقافي تعزز المشهد الثقافي بولاية تندوف بمولود جديد من شانه التعريف بالموروث الثقافي الحضاري المنسي ، من خلال تأسيس بيت الشعر الجزائري بحضور الشاعر «سليمان جوادي» رئيس الجمعية الوطنية التي تحمل هذه التسمية وأمينها العام «عاشور فني» الشاعر و الصحفي السابق في يومية «الشعب». هذا الصرح الجديد من شأنه نقل الثقافة المحلية إلى أبعاد أخرى و السفر بها خارج إقليمها الجغرافي، من خلال الإسهام في التعريف بثقافة المنطقة بكل ألوانها و التي لم تنل نصيبها من البحث ولم تنل حقها من الاهتمام المستحق. لهذا جاء بيت الشعر لاعطاء اضافة الى المنتوج الثقافي الثري بالمنطقة حسب سليمان جوادي الذي اعطى ابعادا لهذا الانجاز في مرحلة يراد من الثقافة الجزائرية الاقلاع والخروج من الواقع الستاتيكي الجامد. بيت الشعر الجزائري بفرعه على مستوى تندوف، كان مطلباً ملحاً للكتاب والشعراء في المنطقة التي تزخر بموروث ثقافي غير معروف، و هو ما يضع أعضاء مكتب بيت الشعر هنا أمام تحدٍ صعب من أجل التعريف بالثقافة الحسّانية و تسويقها. الشاعر «مباركي سعدي بيه» رئيس المكتب الولائي لجمعية بيت الشعر بتندوف أكد ل»الشعب» أن الهدف من تأسيس بيت جزائري للشعر هو العمل على إرجاع الشعر الى مكانته الريادية و إحداث قطيعة مع «مركزة» النشاطات الأدبية و الفنية بخلق نشاطات أدبية في كل الولايات، كما سيشرف بيت الشعر الجزائري على تدوين الأعمال الشعرية و الأدبية الأخرى، و حفظ الكم الهائل من المنتوج الثقافي الذي تزخر به بلادنا. أشار الشاعر مباركي سعدي بيه أن من أولويات الفرع الولائي لبيت الشعر الجزائري هو التعريف بالثقافة الحسّانية التي تمتاز بها تندوف، مؤكداً على أن المواطن الجزائري لا يعرف شيئاً عن هذه الثقافة و لا عن الشعر الحسّاني بالرغم من كونه طابعا وطنيا و له خصوصياته و يمثل لوحة من لوحات الفن الجزائري و الثقافة الجزائرية، موضحاً أن عدم معرفة الجزائريين بالثقافة الحسّانية يلقي على المثقفين و أعمدة الفن الحسّاني بتندوف مسؤولية كبيرة، تفرض عليهم التجند للتعريف بهذه الثقافة التي لم تنل نصيبها من الاهتمام إعلامياً و رسمياً. لهذا جاء بيت الشعر الجزائري ليكون وسيلة لتعريف الجزائريين بهذا الجزء المنسي و المجهول من الثقافة الجزائرية الأصيلة، عبر تنظيم ندوات و جلسات شعرية و العديد من النشاطات التي من شأنها تسليط الضوء على الثقافة الحسّانية، داعياً الى ضرورة أن يعرف الجزائري ثقافته الغنية بكل ألوانهاو تنوعها قبل التعرف و الإنغماس في ثقافة الآخر. الشعر الحسّاني هو أحد أهم ركائز الثقافة الحسّانية، و هو لسان حالها الذي نقلها من جيل الى جيل وحافظ عليها من النسيان، فكان له شعراؤه الذين أبدعوا في الغزل و المدح و الرثاء، و نقلوا حروب الأجداد في ملاحم لا تزال الى اليوم متداولة بين العامة. فالشعر الحسّاني هو طابع فني متجذر في الثقافة الحسّانية المتنوعة الألوان و الطبوع، و له مكانته في مجتمع»البيظان»، يغذيه حب الإنسان الحسّاني للهجته و اعتزازه بها. فالحسّانية هي لهجة دارجة محلية في جنوبي غرب الجزائر و خاصة بولاية تندوف، و تمتد الى جنوب ولاية أدرار بالإضافة الى بعض الدول المجاورة كجنوب المغرب، الصحراء الغربية، موريتانيا، شمال مالي و شمال النيجر التي تتشارك كلها مع ولاية تندوف في نفس الثقافة و العادات و التقاليد مشكّلةً بذلك إقليماً ثقافياً حسانياً لا يعترف بالحدود السياسية للدول. «مباركي سعدي بيه» يوضح كيف تشكلت الثقافة الحسّانية التي هي مزيج مختلط بين عدة ثقافات، فالامتداد التاريخي للثقافة الحسانية لا يكاد يخلو من البعد العربي القُح، البعد الأفريقي الزنجي و البعد الصنهاجي الأمازيغي، هذه الثقافات الثلاث امتزجت عبر الزمن شيئاً فشيئاً لتنتج هذه الثقافة الناضجة التي تسمى اليوم بالثقافة الحسّانية بشعرها المتميز، زيها التقليدي، عاداتها و تقاليدها و مجتمعها الذي يسمى مجتمع «البيظان» في أبهى حلله، و تشكل العربية الفصحى في لسان «البيظان» نسبة كبيرة جداً، وهي اللغة السائدة في اللهجة الحسانية بالإضافة الى بعض الثقافات كالزنجية الإفريقية و الصنهاجية. الشعر الحسّاني له عَروضه الخاص و أبحره و ميزانه الموسيقي، و له ارتباط وثيق بالموسيقى الحسّانية التي تسمى «أزَوان»، و بحور الشعر الحسّاني سبعة متداولة و أخرى كثيرة تم هجرانها و نسيانها عبر الزمن، أما الموسيقى الحسّانية التي تسمى «أزوان» فهي طابع فني قائم بذاته جدير بالاهتمام و قابل للتدريس و وضعه في قالب أكاديمي مناسب له و إعطائه حقه من الدراسة التي ستساهم بشكل كبير في اتساع دائرة المعرفة بين الجزائريين لهذا اللون. مجتمع «البيظان» و الإنسان الحساني ذوّاق بطبعه للثقافة الحسّانية بكل مكوناتها من شعر و موسيقى، و»أزوان» حاضر في كل بيت من بيوت «البيظان» و في كل المناسبات، فالموسيقى الحسّانية هي من تحمل الشعر الحسّاني، و هي أداة حاملة و حامية لنفسها من الضياع، فهي ساكنة في وجدان مجتمع «البيظان» لا تفارقهم و ترفض الانصهار مع الثقافات الأخرى و تأخذ لنفسها مكانة سامية بين المجتمعات المجاورة.