يواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاوزه للمعاهدات الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي، مقدما خدمات غير مسبوقة لفائدة الاحتلال الاسرائيلي، بدءا بالقدس وصولا إلى هضبة الجولان، في وقت يكتفي فيه العالم بالتنديد ورفض الانسياق وراء قرارته. منذ انتخابه على رأس الولاياتالمتحدةالأمريكية، سنة 2016، لم يتردد دونالد ترامب، في إثبات أنه أفضل من يضمن مصالح الكيان الإسرائيلي أكثر من الاسرائليين أنفسهم، وبدل جهودا عملاقة في هذا الاتجاه أكثر من عمله على تجسيد شعاره «أمريكا أولا». قام الرئيس الأمريكي، شهر ديسمبر 2017، بالاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي، على مدينة القدس، ووقّع مرسوما يقضي بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وحدث ذلك في 14 ماي 2018. في الفترة ذاتها وقّع ترامب، مرسوما يقضي بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقّعه سلفه باراك أوباما، رفقة الإتحاد الأوروبي وروسيا مع إيران عام 2015. انسحب ترامب بدعم شديد من قبل الحكومة الاسرائلية بقيادة بنيامين نتنياهو، من الاتفاق النووي لتقويض قدرات طهران والإبقاء على التفوق العسكري الاسرائيلي في الشرق الأوسط. كان الرئيس الأمريكي، قرر فور انتخابه، الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ، معتبرا أنه سبب معاناة نظيره الفرنسي من احتجاجات السترات الصفراء، بسبب «بنوده»، التي تثقل كاهل المواطنين بالضرائب البيئية. واصل الرئيس المثير للجدل، سلسلة خروقاته للقانون والمعاهدات الدولية، بالاعتراف بسيادة الاحتلال الاسرائيلي على هضبة الجولان السورية، قبل سنة عن نهاية عهدته الانتخابية الأولى. لماذا يفعل ذلك؟ يريد الرئيس الأمريكي، بقراراته المخالفة للقانون الدولي والإنساني، بشأن القدسالمحتلة، وهضبة الجولان، تحقيق الأمنيات التاريخية للكيان الصهيوني، الذي جثم على صدر الفلسطينيين، منذ العام 1948. رأت الصحف الإسرائيلية، أن إثارة الرئيس الأمريكي، لقضية الجولان، في هذا الوقت، جاءت بهدف دعم حليفه بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من متابعات قضائية تتعلق بضلوعه في قضايا فساد، تشوّش على استعداداته للانتخابات المقبلة. فور تغريدة ترامب، عبر حسابه الرسمي على تويتر بشأن «عزمه الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان»، هاتفه رئيس الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة قائلا: «لقد دخلت التاريخ». يتخذ نتنياهو، من ترامب درعه الواقي، من أجل تنفيذ مخططات تلمودية قديمة، تهدف للسيطرة الكاملة على القدس الشريف، وتوسيع كيان الدولة القائمة على الاحتلال لتشمل أراضي فلسطينية وسورية بطريقة مخالفة للقانون الدولي والأعراف الانسانية. استجاب الرئيس الأمريكي لحد الآن، لأغلب رغبات نتنياهو، بفضل رجل الأعمال الصهيوني الأمريكي شيلدون أديلسون مالك أكبر الكازينوهات في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومموّل حملته الانتخابية بأزيد من 20 مليون دولار. لم يأبه ترامب، في سعيه لفرض سلطة الكيان الاسرائيلي، من منطلق الأمر الواقع، لملايين الفلسطينيين الذين عانوا أبشع أنواع التنكيل والتهجير والسجن والتقتيل من قبل الآلة الصهيونية العنصرية. كما تجاوز كل التحذيرات التي صدرت من مختلف الهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية، من أن خطواته قد تفجر الوضع في الشرق الأوسط، وراهن على عامل الوقت وتقبل الفلسطينيين للقرارات الجديدة، مع مرور الأيام. تسبّب قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي والتّحضير لصفقة القرن الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، في سقوط عشرات الفلسطينيين كشهداء وآلاف الجرحى، منذ بداية مسيرات العودة في 30 مارس الماضي، جراء آلة القمع الاسرائيلية. هضبة الجولان يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد، قد لجأ إلى ورقة الاعتراف بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان السورية، كمقابل لسحب القوات الأمريكية من سوريا، مانحا له بذلك منطقة إستراتيجية تعطيها التفوق العسكري في المنطقة. احتلت اسرائيل هضبة الجولان، سنة 1967، في حرب استباقية مباغتة، وأعلنت ضمنها سنة 1981. أصدر مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، قرارا اعتمد بالإجماع عام 1967، ويدعو إلى «انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية التي احتلتها». قام الرئيس الأمريكي السابق، فور إعلان اسرائيل ضم الهضبة السورية، بوقف اتفاقية التعاون العسكري معها، والمصادقة على قرار أصدره مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ينص على أن «قرار إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل قرار لاغ وباطل، وليس له أثر قانوني دولي». عكس ترامب، سعى آخر ثلاثة رؤساء أمريكيين وهم بيل كلينتون، جورج بوش الإبن، وباراك أوباما، لإقناع الكيان الصهيوني بالانسحاب من الجولان لكن دون جدوى. معلومات أساسية وفقا لمنظمة الأممالمتحدة، يبلغ عدد سكان هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل حوالي 50 ألف شخص، وأكثر من نصفهم من الدروز السوريين الأصليين، وهم أقلية عربية تعتنق الإسلام. بحسب ذات المنظمة، هناك 23 ألف إسرائيلي يعيشون في 34 مستوطنة تضم اليهود. ذكر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في جانفي الماضي أنه «لا يزال السكان السوريون في هضبة الجولان السورية المحتلة يواجهون تحديات بسبب سياسات التخطيط والتقسيم العنصرية التي تحابي المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية». أضاف «هذه السياسات تجعل من شبه المستحيل على السكان السوريين بناء أوتخطيط أوتوسيع منازلهم والبنية التحتية لقراهم». رفض حوالي 90 ٪، من سكان المنطقة من السوريين الحصول على الجنسية الإسرائيلية، التي ستمنحهم حق التصويت والترشح للمناصب في الانتخابات المحلية. ردود فعل متوّقعة فور إعلان ترامب، عزمه الاعتراف بسيادة الكيان الاسرائيلي على هضبة الجولان السورية المحتلة، صدرت ردود فعل دولية تراوحت بين التنديد والرفض. وعبرت دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، عن التزامها بقرارات مجلس الأمن التي تصنف الهضبة كأرض سورية محتلة من قبل اسرائيل. نددت روسيا بتصريح ترامب وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن هذه الخطوة «يمكن أن تزعزع استقرار الوضع المتوتر بالفعل في الشرق الأوسط بدرجة كبيرة». استهجنت دمشق خطوة ترامب وقالت: «إن القرار حول الجولان السوري المحتل لن يغير أبداً حقيقة أن الجولان كانت وستظل دائماً أرضاً سورية عربية، والشعب السوري مصمّم أكثر على تحريرها بكافة الوسائل الممكنة، مهما كلف الأمر». تعجز كل الدول المعارضة لسياسات أمريكا بقيادة الرئيس ترامب، عن القيام بخطوات عملية لكبح جماحه لحد الآن. الجولان سورية عبر الزمن رغم القرارات الأممية التي صوتّت عليها أمريكا لتصبح مرجعاً لعدم شرعية احتلال إسرائيل لهضبة الجولان المحتل في سوريا، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضرب بكل تلك القوانين عرض الحائط بعد توقيعه على قرار تعترف فيه أمريكا بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان المحتلة. وقد أصدرت هيئات الأممالمتحدة قرارات عديدة أكدت تبعية هذه المنطقة لسوريا، ووصفت الاستيلاء الإسرائيلي عليها بالاحتلال، منذ احتلال إسرائيل هضبة الجولان خلال حرب 1967 وضمها بموجب قانون صدر عن الكنيست في 14 ديسمبر 1981. وقد طالب مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 497، تل أبيب فورا بإلغاء قرارها الذي فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل، واعتبره لاغياً وباطلاً ودون أي أثر قانوني. قرارات مجلس الأمن الدولي: أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 497 بتاريخ 17 ديسمبر 1981، الذي اعتبر فيه أن قرار إسرائيل فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل، قرار لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، وطالب فيه إسرائيل بأن تلغي قرارها على الفور. وأكد القرار أن جميع أحكام اتفاقية جنيف الصادرة بتاريخ 12 أوت 1949، المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، سارية المفعول على الأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل منذ جوان 1967. قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة: 1 - قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 35 - 122 الصادر بتاريخ 11 / 12 /1980، الذي يدين إسرائيل لفرضها تشريعا ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان. 2 - قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 35 - 207 الصادر بتاريخ 16 /12 /1980، الذي يجدد الرفض الشديد لقرار إسرائيل ضم الجولان والقدس. 3 - القرار 36 - 147 الصادر بتاريخ 16 / 12 / 1980، الذي أدان إسرائيل لمحاولاتها فرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على المواطنين السوريين في الجولان. لجنة ومجلس حقوق الإنسان 1 - القرار «2» للدورة ال32 بتاريخ 13 / 2 /1976 الذي يتضمن إدانة إسرائيل لانتهاكها المستمر لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة وتغيير معالم القدس وتهديم مدينة القنيطرة، خارقة بذلك اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب المؤرخة لعام 1949 2 - القرار «1» للدورة ال43 بتاريخ 1981/2/11 الذي اعتبر مجددا أن القرار الذي اتخذته إسرائيل سنة 1981 بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على الجولان السوري ملغى وباطل، ودعا إسرائيل إلى إلغائه فورا. 3 - قرار مجلس حقوق الإنسان الصادر يوم 28 مارس 2014، المعنون ب»حالة حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل»، الذي يدين التصرفات الإسرائيلية في الجولان المحتل. وقد طالب القرار إسرائيل بالامتثال لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان. اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات 1 - القرار «11» بتاريخ الأول من سبتمبر 1987، الذي يتضمن إدانة إسرائيل لانتهاكها حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ولقرارها فرض قوانينها وإدارتها على الجولان. وإضافة إلى ما سبق، تطرقت مختلف هيئات الأممالمتحدة للجولان السوري المحتل أيضا عبر قرارات بشأن أوضاع الأراضي العربية المحتلة والممارسات الإسرائيلية فيها. بطاقة تعريف
الجولان هضبة سورية، تتبع إداريا وبشكل جزئي محافظة القنيطرة، تقدر مساحتها الإجمالية ب1860 كيلومترا مربعا، احتلت إسرائيل ثلثيها (1158 كلم2) في حرب جوان 1967، ولم تستطع سوريا تحريرها في حرب عام 1973. الموقع تقع هضبة الجولان إلى الجنوب من نهر اليرموك وإلى الشمال من جبل الشيخ وإلى الشرق من سهول حوران وريف دمشق، وتطل على بحيرة طبرية ومرج الحولة غرب الجليل. وتعتبر مدينة القنيطرة أهم مدينة في الهضبة التي تبعد خمسين كيلومترا إلى الغرب من مدينة دمشق. وضع الاحتلال الإسرائيلي نقاطا عسكرية في الهضبة، أهمها حصن عسكري في جبل الشيخ على ارتفاع 2224 متر عن مستوى سطح البحر، كما أقام قاعدة عسكرية جنوب الجولان وفرت له عمقا دفاعيا، وبات مصدر تهديد لسوريا عبر محور القنيطرةدمشق وكذلك عبر محاور حوران. السكان بعد الاحتلال الإسرائيلي تمَّ تهجير ما يقرب من مائة ألف نسمة من أهالي الجولان، وهم ما يزالون يعانون من مشاكل النزوح، وتجاوز عددهم 170 ألف نسمة، ويسكن معظمهم في العاصمة دمشق، فيما يتراوح عدد من بقي منهم في الجولان بين 17 و20 ألف نسمة يعيشون في أربع قرى رئيسية، ويعمل أغلبهم بالرعي والزراعة. ويخضع سكان الجولان لقانون الاحتلال الإسرائيلي الذي صدر من الكنيست في 14 ديسمبر 1981، تحت عنوان قانون مرتفعات الجولان القاضي بضم الجولان الذي لم يعترف به المجتمع الدولي ورفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرار برقم 497 الصادر في 17 ديسمبر 1981. غزو ونهب وشجّع الاحتلال اليهود على الاستقرار في الجولان حتى تجاوز عددهم 18 ألف مستوطن يقيمون في حوالي أربعين مستوطنة، ويشكل اليهود المهاجرين من روسيا أغلب المستوطنين فيها. وأصل الاحتلال نهب موارد الجولان الطبيعية وعلى رأسها الثروة المائية الغنية كمياه نهري اليرموك وبانياس، والثروة الزراعية، وأقام فيها مناطق صناعية، واستثمرت شركات السياحة الإسرائيلية الهضبة حتى وصلت الغرف السياحية المستثمرة لحسابها حوالي مائة ألف غرفة، فيما بلغت أعداد السائحين في الجولان عام 2006، قرابة مليوني سائح. التاريخ يعود تاريخ إعمار الجولان واستقرار السكان فيها إلى العهد الكنعاني، واستمر دون انقطاع مع حركة مد وجزر سكاني، حتى تهجير أهله منه عام 1967 بعد احتلاله. سكان الجولان الأصليون أحفاد قبائل عربية امتهنت تربية الحيوانات في مراعي الجولان وخارجه. ارتفع عدد السكان وتوسع العمران في الجولان بعد عام 1948 مع وصول أفواج اللاجئين الفلسطينيين، وباتت منطقة مواجهة عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي. احتلها الإسرائيليون في 9 جوان 1967، واسترجع الجيش السوري جزءا منها (684 كلم2) في حرب أكتوبر 1973، لكن الاحتلال استولى عليها فيما بعد وأعاد عام 1974 لسوريا مساحة ستين كيلومترا مربعا تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد، في إطار اتفاقية فكّ الاشتباك. قرّر الكنيست الإسرائيلي بشكل أحادي في ديسمبر 1981، ضم الجزء المحتل من الجولان، غير مبال برفض مجلس الأمن والمجتمع الدولي.