تحتفل الجزائر اليوم بالذكرى المزدوجة لمؤتمر الصومام وهجوم الشمال القسنطيني الموافقة ل 20 اوت، اللذان يعتبران حدثين فيصلين في تاريخ ثورة المليون والنصف مليون شهيد، وقد تزامنت هذا العام هذه المناسبة مع 20 رمضان يوم فتح مكة. وقف الدكتور محمد الأمين بلغيث استاذ بجامعة الجزائر في ندوة فكرية نشطها أول أمس بالمركز الثقافي الاسلامي، على أهم الأحداث التي ميزت التواريخ الثلاث. و تحدث الأستاذ الجامعي عن هجمات الشمال القسنطيني الموافقة ل 20 أوت 1955 قائلا: «في مثل هذا اليوم قام ثلة من مجاهدي جبهة التحرير الوطني بقيادة البطل الشهيد زيغوت يوسف بعمليات واسعة في منطقة الشمال القسنطيني، استمرت ثلاثة أيام، أرهبت العدو الفرنسي وكبدته خسائر بشرية ومادية». أكد ذات المحاضر، معلنا الأهداف والخلفيات، أن هجوم 20 أوت أراد من ورائه قادة الثورة الجزائرية البرهان على أن جيش التحرير قادر على المبادرة في الزمان والمكان، وتأكيد التلاحم الشعبي مع الثورة وفك الحصار عن منطقة الاوراس، مع انضمام معظم الأحزاب للثورة. وأضاف الدكتور في سرد وقائع ما جرى في هذه المحطة الحاسمة للثورة التحريرية: «والأهم من ذلك أن الهجوم الذي كان محل تخطيط وتحضير من قادة الثورة يعد منعرجا إيجابيا وحاسما في تطور حرب التحرير، حيث بدأت الرؤية تتضح للمستدمر أن وراء هذه الهجمات جيش بالمفهوم العسكري وليس مجموعة من /الفلاقة / وهو الوصف الذي كانت فرنسا تطلقه على المجاهدين وتعني به قطاع طرق وإرهابيين»، وأعطى هجوم 20 أوت قوة معنوية وتكتيكية لسائر جيش التحرير في باقي مناطق الجزائر ووسع عملياته الحربية بدل سلسلة العمليات الصغيرة المنتهجة في بداية الثورة. وبفضلها أدركت الإدارة الاستعمارية مدى قدرات جيش التحرير وانه قرر الثورة من اجل استعادة السيادة الوطنية وليس مجرد حركة عابرة تتوقف في الزمان والمكان. إنها قدرات جزائرية تحمل الإرادة في تدمير قلاع المستدمر الغاشم، ترجمتها الانتصارات المتتالية ثوار جبهة التحرير الوطني في معارك عسكرية شهد ويشهد لها لحد اليوم الخبراء والعسكريون بأنها مدرسة في الحروب التحريرية. والثورات من اجل الاستقلال. وسرد محمد الأمين بلغيث في الندوة الفكرية المصادفة لاحتفائية يوم المجاهد نتائج هجومات 20 أوت 1955، حيث ردت السلطات الفرنسية بوحشية على تحدي جيش التحرير الوطني، إذ شنت حملة توقيف وقمع واسعة استهدفت الآلاف من المدنيين الجزائريين وأحرقت المشاتي وقصفت القرى جوا وبرا. وقامت الإدارة الفرنسية بتسليح الأوروبيين بتشكيل ميليشيات فاشية وعمدوا على الإنتقام من المدنيين الجزائريين العزل. وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة كبيرة في ملعب /فيليب فيل/ سكيكدة حيث حشرت الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ ، وأعدمت العديد منهم. و ذهب ضحية الحملة الانتقامية للسلطات الاستعمارية، العسكرية والمدنية والمليشيات الفاشية، ما يقارب 12 ألف جزائري. وهناك حدث آخر صادف ذكرى 20 أوت كان محل اهتمام المحاضر. ويتعلق الأمر بمؤتمر الصومام المنظم للثورة الجزائرية المؤطر لها بهياكل ولجان وهيئات. وتحدث محمد الأمين بلغيث عن هذا الحدث بالقول: «أن مؤتمر الصومام، يعد أول مؤتمر في تاريخ ثورة التحرير الجزائرية ضم قادة الثورة الميدانين ونخبة المجاهدين وممثلين عن الزعامات التاريخية للثورة وممثليها في الخارج، وذلك من أجل تقييم تجربة الثورة بعد مضي أكثر من سنة ونصف من الهبة التاريخية، محاولين تصحيح وترتيب الأوضاع العسكرية والسياسية للثورة داخل وخارج الجزائر». وقد كانت فرصة لترتيب عمل مؤسساتي للثورة لإيمان القائمين أنذاك على المؤتمر على جدية الثورة وإمكانية تحقيقها لمطلب الإستقال، وكذا على قناعة بضرورة العمل المنظم ووجوب وجود قيادة جماعية لقيادة الثورة خصوصا أن المعروف أن الثورة الجزائرية هي ثورة بلا قائد حيث كان قائدها الشعب الجزائري. ومن جانب آخر عرج ذات المتحدث على نتائج انعقاد المؤتمر، فمن الناحية العسكرية أدى إلى إعادة تقسيم المناطق العسكرية إلى ستة مناطق بدل خمسة والبحث في وسائل دعم الجيش بالأسلحة والذخائر وتقيم التجربة الماضية ومحاولة تدارك النقائص، ومن الناحية السياسية أنشئ /المجلس الوطني للثورة الجزائرية / وهو بمثابة البرلمان، و/لجنة التنسيق العسكرية والسياسية/، وهي عبارة عن هيئة تنفيذية تعنى بتنفيذ قرارات المؤتمر ومتابعة الشأن العسكري والسياسي للثورة. في الأخير خلص محمد الأمين بلغيث بالقول أن هذا الحدث شكل منعطفا هاما في الثورة الجزائرية، حيث هب بعد إنعقاده كل المترددين من زعامات النضال السياسي الجزائري للانضما م للثورة وتدعيمها بخبراتهم السياسية وعلاقاتهم الواسعة من أجل نيل الاستقلال. واغتنم المحاضر الفرصة ليتحدث عن فتح مكة وأهم الاحداث المرتبطة بهذا التاريخ، كأسباب فتح مكة وغدر الكفار، قصة إسلام أبي سفيان، وتطهير الكعبة وإعادة إعطاء المفتاح عثمان بن طلحة .