بعد سنوات من المشاكل والفوضى التي ميزت الصحة، والذي جعل العاملين به يقومون باحتجاجات وإضرابات لبحث المشاكل المطروحة، توجت لقاءات في إطار الحوار التي جمعت الوزير ولد عباس بالنقابات المختلفة بالتوصل إلى الحلول المنتظرة للمطالب المرفوعة يتصدرها القانون الأساسي والزيادات في الأجور التي تراوحت ما بين 65 و80 بالمائة و بالأثر الرجعي منذ 2008. وتعد من أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السنة الماضية لوضع حد لحالة الاحتقان السائدة، وتطرقت اليها الجلسة المخصصة لتقييم هذا القطاع الحساس. لم تكن الحلول للمشاكل التي كان يتخبط فيها قطاع الصحة منذ أكثر من عقدين من الزمن ممكن التوصل إليها دون الحوار الذي ظل مفتوحا أمام النقابات للإدلاء بمقترحاتها تجاه المشاكل التي يتخبط فيها عمال القطاع، في ظل قانون تجاوزه الزمن ولم يعد يتماشى والمستجدات ولا يستجيب للتطلعات. بعد تفاقم المشاكل التي أدت إلى شن إضرابات في قطاع الصحة وصل حد شل مستشفيات ما اثر على سلبا على الخدمات الصحية، وإدراكا منها بان الحلول الترقيعية لم تعد تجدي نفعا بل تزيد الأمر تعقيدا، باشرت الوصاية أسلوب الحوار مع مختلف النقابات في إطار تشاوري، بحثا على نقاط التلاقي لوضع الحلول الكفيلة لمعالجة الخلل، ولان طريقة صم الآذان تؤدي حتما إلى طريق مسدود وعواقب وخيمة خاصة في قطاع كالصحة الحساس جدا لان فيه مسألة حياة أو موت وبالتالي لا مجال للتلاعب والمراوغة لان انعكاسها سيكون على المرضى مباشرة. جاءت الندوة الوطنية الخاصة بقانون الصحة الجديد المنعقدة في شهر فيفري الماضي، لتساهم بصفة كبيرة في تقريب الهوة بين الوصاية ونقابات القطاع التي انتقدت قبل هذا اللقاء طريقة تعاطي وزارة الصحة مع المشاكل المطروحة، ونددت بالتهميش الذي مورس ضدها وعدم استشارتها كطرف أساسي فيما يتعلق بهذا القانون الجديد، الذي ظل منتظرا منذ 26 سنة. وشكل القانون الأساسي احد أهم المطالب التي شدد عليها العمال سواء كانوا أطباء عامين، أطباء مساعدين .. وشبه الطبي، بالإضافة إلى ملف الزيادة في الأجور، وقد عقدت ما بين الوصاية والنقابات القطاعية جلسات ماراطونية على طول السنة، لم يستثن منها أي احد، كان خاتمتها الجلسات الوطنية المنعقدة في فيفري الماضي التي وجهت للمشاركة فيها جميع الأطراف إلا لمن امتنع إراديا عن الحضور. وبالرغم من أن الدعوة وجهت لجميع النقابات بدون استثناء إلا أن هناك من تخلف عن الحضور كما هو الحال بالنسبة لنقابة شبه الطبي التي قاطعت المشاركة في هذه اللقاء وفضلت التغريد خارج السرب، واعتبرت بان الإضراب والاحتجاج هو الأسلوب الأمثل بالنسبة لها للضغط، من اجل افتكاك المطالب، غير المرفوعة والتي تقاطعت مع تلك التي رفعتها النقابات الأخرى، خاصة ما يتعلق بالقانون الأساسي، الزيادة في الأجور، المنح والتعويضات غير أنها أدركت فيما بعد بأنه بدون الحوار لا يمكن التوصل إلى أي شيء، خاصة وأن الوصاية قررت أن تسير الأمور في شفافية، وأي قرار يتخذ لا بمشورة الأطراف المعنية، لأنها أدركت بأن القرارات الفوقية لا تجدي نفعا بل تزيد الوضع تأزما. وقد أبدت النقابات التي شاركت في هذه الندوة الهامة ارتياحها بالنسبة للمواضيع التي تناولتها في أجندتها، خاصة وأن الهدف من انعقادها هو بحث السبل الكفيلة لمعالجة وتسوية القضايا المطروحة بإشراك جميع الأطراف في وضع التوصيات التي خرجت بها، مع الإشارة انه لأول مرة تجتمع فيه 14 نقابة مع المسؤول الأول ولد عباس الذي أظهر منذ تواجده على رأس وزارة الصحة لحل الأوضاع غير العادية التي كان يعيشها القطاع، وقد فتح بالفعل أبواب النقاش واسعا أمام ممثلي الشرائح العمالية على طاولة الحوار. وقد توجت لقاءات الحوار الصريح والمسؤول بين الوصاية والنقابات المختلفة للقطاع، إلى تحقيق أغلب المطالب المرفوعة، كالقانون الأساسي، والزيادات في الأجور التي شرع في تطبيقها العام الماضي، حيث تراوحت نسبته ما بين 70 و80 بالمائة، وبالأثر الرجعي ابتداء من جانفي 2008.