عرف الكثير من المشاكل في قطاع الصحة مسيرها للانفراج ، بفضل الحوار المتواصل الذي دأبت الوصاية على ترسيخه كوسيلة للوصول إلى الحلول ، التي ترضي في الغالب جميع الأطراف. اعتمدت الوصاية في تعاطيها مع المشاكل التي واجهت و تواجه عمال القطاع طريقة الحوار الهادئ ، و ذلك من خلال الاستماع إلى الانشغالات ، و المطالب المرفوعة من قبل نقابات القطاع ، فبعد الغليان الكبير الذي عرفه قطاع شبه الطبي ، تم التوصل إلى حل جانب كبير من المشاكل التي يعاني منها أعوان هذا السلك ، كما عولجت المسائل المتعلقة بالأطباء العامين ، حيث تم إقرار زيادات هامة تراوحت نسبتها من 60 إلى 85 بالمائة ، فضلا عن تمكينهم من الاستفادة من التكوين من خلال الملتقيات التي تنظم باستمرار. وبنفس الأسلوب تتعامل وزارة الصحة مع الأطباء المقيمين الذين يشنون إضرابا منذ عدة أسابيع ، رافعين مطالب تتعلق بالتعويضات و ظروف العمل ، و كذا إلغاء الخدمة المدنية الإجبارية التي تعد مطلبا أساسيا لهؤلاء الأطباء المختصين ، بالرغم من ان هذه الأخيرة ليست من اختصاص الوصاية و إنما وزارة التعليم العالي. وقد أكد الوزير ولد عباس على شرعية المطالب المرفوعة من قبل الأطباء المقيمين ، فيما يتعلق بالتعويضات و ظروف العمل ، و بالنسبة للخدمة المدنية ، أوضح على هامش الجلسة العلنية المخصصة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة أول أمس ، بأنها ليست عقابا ، و إنما تدخل في إطار واجب التضامن ، مبرزا ان التخلي عنها يتطلب وقتا. وأشار في سياق متصل بان الخدمة المدنية كانت مفروضة على الأطباء العامين ، و قد تم إلغاؤها سنة 1993، بعد ان تأكدت السلطات العمومية من تحقيق تغطية صحية كافية على المستوى الوطني. و لعل تعزيز مناطق الجنوب بالأطباء المختصين من شانه ان يساهم في التقليص من الأطباء المقيمين ، حيث تقرر تحويل دفعة قوامها 1160 طبيبا مختصا إلى جنوب البلاد ابتداء من الأسبوع الجاري ، و من المنتظر ان يستفيد هؤلاء الأطباء في إطار برنامج خاص أعدته الوزارة من تحسين الظروف الاجتماعية من خلال ضمان المسكن ، والرفع من الأجور و إجراءات تحفيزية أخرى ، مع التأكيد بان التكفل بسكان المناطق الصحراوية تعد أولوية بالنسبة للدولة . فضلا عن معالجة مشاكل عمال قطاع الصحة ، ستكون سوق الدواء اكثر تنظيما ، بعد الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في اطار المراقبة و الشفافية على الصيادلة المنتجين و المستوردين و الناشطين في مجال التوظيب. و سيسمح تطبيق هذه الاجراءات اكتشاف النقائص الموجودة على مستوى سوق الادوية ، من خلال فاتورات مبالغ فيها للمنتجات الصيدلانية، والتي تجاوز سعرها الأصلي اكثر من 10 إضعاف. وقد كشفت التحقيقات التي قامت بها مصالح وزارة الصحة و السكان وإصلاح المستشفيات ، عن وجود قائمة للأدوية المستوردة ، التي تصنع مثيلاتها محليا ، فضلا عن اقتصار المتعاملين على ممارسة نشاط الاستيراد ، بالرغم من أنهم ملزمين باحترام بالدخول إلى مرحلة الإنتاج حسب ما تنص عليه قوانين القطاع. ولعلاج هذه النقائص تقرر حسب تصريحات وزير القطاع جمال ولد عباس على هامش الجلسة العلنية المخصصة للأسئلة الشفوية ، سحب الاعتماد من المستوردين الذين لا ينتقلون إلى إنتاج الدواء في مدة لا تقل عن سنتين ، فضلا عن تعزيز المجال الرقابي. الرفع من قدرات الإنتاج الوطني للدواء سيسمح بمعالجة التذبذب الموجود في سوق الدواء ، هذا الأخير الذي عرف خاصة خلال السنوات الأخيرة أزمة متمثلة في ندرة الأدوية الأساسية لعلاج الأمراض المزمنة. ولا يمكن لهذا الواقع ان يتغير إلا بالاستثمار الوطني ، حيث تسعى الدولة إلى تقديم كل التحفيزات لصالح المتعاملين الوطنيين و الأجانب لصناعة الأدوية الجنيسة محليا ، للوصول إلى تغطية الاحتياجات الوطنية من الدواء بنسبة 70 بالمائة في حدود 2015. العديد من المتعاملين في مجال الاستيراد ابدوا استعدادهم للاندماج ضمن التوجه الجديد للسياسة القطاعية ، حيث تم إيداع 140 ملفا لمستثمرين محليين وأجانب لصناعة الداوية الصالية و الجنيسة ، هذه الملفات التي ستعرض على اللجنة الوطنية للاستثمارات من اجل الموافقة عليها قريبا ، و قد كشف في هذا الصدد المسؤول الأول على القطاع بأنه لن يسجل أي نقص في الأدوية خاصة الأساسية خلال السنة الجارية.