تواصل »الشعب« عبر صفحاتها، نشر سلسلة الحوارات التي تجريها مع شخصيات وطنية، سياسية، وممثلي المجتمع المدني، وفي هذا العدد تستضيف السيد محند السعيد أو بلعيد المعروف باسم محمد السعيد رئيس حزب العدالة والحرية (قيد التأسيس)، للحديث عن مستقبل حزبه وأخذ رأيه في الأحداث التي ميزت الساحة الوطنية في الفترة الأخيرة، وفي مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان في إطار تجسيد الإصلاحات السياسية التي وعد بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتطبيقها. وفي هذا الحوار، دعا محمد السعيد المترشح السابق للرئاسيات، السلطات العليا للبلاد إلى التعجيل بفتح الساحة السياسية أمام الأحزاب الجديدة، لتمكينها من المشاركة في إثراء المشهد السياسي الحالي لأن تغيبها على الانتخابات المقبلة سيفتح حسبه باب التشكيك في مصداقية البرلمان، ويطعن في الدستور المنتظر تعديله وهو ما يعيد البلاد إلى نفس الأزمة التي عرفتها خلال هذه الصائفة. واقترح محمد السعيد تأجيل الانتخابات لمدة سنة، في حال ما إذا عجزت وزارة الداخلية عن دراسة ملفات الأحزاب الجديدة والفصل فيها قبل حلول الاستحقاقات المقبلة، داعيا إلى إيجاد فتوى قانونية تسمح بذلك. وتطرق محمد السعيد إلى نتائج الثلاثية، والاحتجاجات العمالية، وغيرها من المواضيع ندعوكم لمتابعتها في بقية الحوار. ❊ الشعب: نبدأ الحديث من آخر حدث ميز الساحة الوطنية، الثلاثية وما تمخض عنها من زيادة في الأجر الوطني المضمون إلى 18 ألف دينار بعد أن كان في حدود 15 ألف دينار، فيهم من انتقد وفيهم من ثمن، كيف يرى محمد السعيد هذه النتيجة؟ ❊ ❊ بلعيد محند أوسعيد: أولا سبق وأن قلت قبل انعقاد الثلاثية في تصريحاتي للصحافة، أن هذه الثلاثية تنطلق ناقصة من حيث الشكل لأن الأطراف الممثلة لا تعكس حقيقة القوة العاملة في الميدان، فالدولة ممثلة بالحكومة، وأرباب العمل ممثلين بأرباب الأعمال وهم أكثر من تنظيم، لكن عمال عالم الشغل ممثلين بنقابة واحدة هي الاتحاد العام للعمال الجزائريين وهذه تعتبر نقابة واحدة لعدة نقابات وطنية، فإذن تمثيل عالم الشغل مبتور وبالتالي هذا يخلق الانطباع بأن عمل هذه الثلاثية يكون حتما محدودا وفي كل الحالات لا يرقى إلى تطلعات الجميع لذلك هذه النقطة لا بد أن تعالج وأن توسع الثلاثية إلى الأطراف الاجتماعية الممثلة في الميدان وخصوصا النقابات المستقلة التي أثبتت أن لها وجودا ميدانيا ولها قوة مثل نقابة عمال التربية. وفيما يخص نتائج هذه الثلاثية، قرار رفع الأجر الأدنى المضمون إلى 18 ألف دينار إيجابي لكن كنت أتمنى أن يتم رفع هذا الحد الأدنى وإلغاء المادة 87 مكرر من قانون المالية التي تحسب الأجر الأدنى بالعلاوات والمنح، أو أن نحتفظ بأجر 15 ألف دينار كأجر قاعدي لكن من دون حساب المنح والعلاوات. مشروع قانون الانتخابات إيجابي ❊ شرع البرلمان في مناقشة أحد أهم القوانين المنتظرة من قبل الطبقة السياسية مشروع قانون الانتخابات، هل ترون التعديلات التي أدرجت عليه لا سيما فيما يتعلق بمراقبة العملية الانتخابية كفيلة بمنح الضمانات التي طالبتم بها في أكثر من مرة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ ❊ ❊ الضمان الوحيد لشفافية الانتخابات ونزاهتها هو توفر الإرادة السياسية، وهذا يعد أكبر ضمانة، لكن بالرجوع إلى قانون الانتخابات فيه أشياء إيجابية تحصلت عليها الطبقة السياسية بفضل المشاورات السياسية التي جرت والتي شاركت فيها، من بين هذه الأشياء الايجابية وضع العملية الانتخابية تحت مراقبة السلطة القضائية أي تحرير العملية الانتخابية من قبضة الإدارة التي يفترض أن تكون محايدة لأنها مرفق عمومي لكن عمليا في الميدان نرى هذه الإدارة أداة تسخر لخدمة اتجاه معين أو الطرف الأعلى في السلطة. إذن وضع العملية الانتخابية تحت رقابة السلطة القضائية مكسب لكن هذا يشترط شرطا آخر مازلنا نناضل من أجل تحقيقه ويحتاج إلى وقت هو استقلالية القضاء والعدالة، وبالتالي هي خطوة إيجابية ولكن غير كافية بحكم عدم تحقق هذا الشرط. طبعا، مشروع القانون يحمل أشياء ايجابية أخرى منها شفافية الصندوق الانتخابي والتوقيع بالبصمة بدل التوقيع في سجل الانتخابات. وفي الميدان إذا كانت فيه إرادة سياسية سنصل إلى انتخابات حرة ونزيهة، ولكن إذا لم نصل إلى تغيير الطباع والسلوك السيئ الموجود لحد الآن ولم تحرر الإدارة من عيوب التزوير ممكن لدائرة التزوير أن تتقلص ولكنها تبقى، وأكثر من هذا لا أعتقد أنه يوجد لحد الآن حزب سياسي سواء معتمد أو غير معتمد قادر على أن يكون له ممثلين في كل التراب الوطني فعندنا تقريبا 40 ألف مكتب انتخابي وأنا أرى أنه لا يوجد أي حزب من الأحزاب قادر على تغطية كل تلك المكاتب باستثناء الحزب الوحيد الإدارة. ❊ تعيب بعض الأطراف السياسية على عملية إحالة المشاريع القوانين المهمة على البرلمان بحجة أنه يفتقد للشرعية، هل تشاطرون هذا الرأي؟ ❊ ❊ لا يوجد حل آخر، مكره أخاك ولا بطل، أنا مؤيد للطرح ولكن ما هو البديل. ❊ البديل يراه البعض في حل البرلمان وتنظيم انتخابات مسبقة؟ ❊ ❊ هذه الأطراف التي تطالب بحل البرلمان، تنسى شيئا أساسيا وهو أن حل البرلمان في الوقت الراهن يعني الذهاب إلى انتخابات مسبقة بنفس التركيبة السياسية الموجودة الآن، وهذا يعني عدم فسح المجال أمام الأحزاب الجديدة، ويعني كذلك تجديد البرلمان بنفس الأحزاب السياسية وإبقاء الأحزاب الجديدة خارج اللعبة السياسية، ماذا سيتغير هنا؟ لا يتغير شيء، لأن الأحزاب السياسية الآن هي التي ستشكل البرلمان القادم وبعضها الآن يطعن في نفسه، أخشى أن يكون الهدف الحقيقي غير المعلن من المطالب بحل البرلمان هو الإبقاء على الخريطة السياسية كما هي دون أي تجديد الذي يمثله وصول الأحزاب الجدية المنتظر اعتمادها. ❊ على ذكر الأحزاب الجديدة المنتظر اعتمادها، إلى أين وصل ملف حزب العدالة والحرية؟ ❊ ❊ موجود في وزارة الداخلية منذ أكثر من سنتين وننتظر مرور قانون الأحزاب الجديد الموجود على مستوى البرلمان، وأعتقد أن قضية منح الاعتماد تبقى مرتبطة بتطبيق هذا القانون، وفور تصويت البرلمان على هذا القانون وصدوره في الجريدة الرسمية ننطلق بعدها في الميدان، ولكن هذا لا يعني أننا جالسين في المكاتب ننتظر بل نعمل وكأننا حزب معتمد، نتجول في الولايات لتهيئة وتنظيم الإطارات فإذا تحصلنا على الاعتماد نكون قد استكملنا تنصيب هياكل الحزب وأصبحنا متواجدين في الميدان. ❊ ولكن كيف تفسرون التناقض في تصريحات المسؤول الأول عن منح الاعتماد ونقصد وزير الداخلية حيث صرح أنه لن تكون أحزاب جديدة بعد صدور القانون الجديد، ثم عاد وتراجع؟ ❊ ❊ أظن أنه فيه سوء فهم من الصحافة لموقف وزير الداخلية فمنذ تعيينه ومن منطلق اطلاعي لأني معني بالأمر، فتح المجال للحوار والعطاء، ومواقفه واضحة فهي في نهاية الأمر تعبر عن موقف السلطة وموقف رئيس الجمهورية الذي عبر عن إرادته في فتح الساحة السياسية من خلال تعديل قانون الأحزاب وطرحه للنقاش على البرلمان لإصداره، وهذا موقف سليم وليس متذبذبا. ومن خلال اتصالي به أكد لي أن خريطة الطريق واضحة فبمجرد صدور القانون يفتح المجال لاعتماد الأحزاب الجديدة التي تتوفر فيها الشروط. ❊ أثار اقتراح تحديد نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية ب 30 بالمائة، انتقادات بعض ممثلي الأحزاب السياسية، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك حينما اعتبر الأمر إهانة للمرأة وليس ترقية لحقوقها، كيف يرى محمد السعيد هذا المقترح؟ ❊ ❊ أنا منهم، لأنه لماذا 30 بالمائة؟ وليس 10 أو 50 بالمائة؟ والسؤال الثاني لماذا 30 بالمائة في المناصب المنتخبة وليس في المناصب السياسية مثل الولاة، السفراء والوزراء ومدراء الشركات؟ نعتقد أن تقييد عملية تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة بنسبة معينة هو عمل غير ديمقراطي لأن الديمقراطية معناها الحرية، اقتراحي أن نوفر للمرأة شيئين أولا التعليم نعلمها ونشجعها لكي تصل إلى دراسات ما بعد التدرج، وثانيا نضمن لها الاستقلال الاقتصادي ومناصب الشغل، وبالتالي استقلالية قراراتها فإمكانها أن تكون ربة بيت أو تشتغل في السياسة لا نفرض عليها ولكن نوفر لها كل أسباب الانفتاح والترقية والتعليم واختيار المجالات. ثانيا تطبيق نسبة 30 بالمائة صعب جدا في الجزائر لأن فيه بعض المناطق مازالت محافظة جدا يستحيل تحصيل فيها نسبة 3 بالمائة وذلك لعدم تقبل المجتمع مشاركة المرأة في الحياة السياسية خاصة في المناطق الداخلية. يبقى كفكرة نعمل من أجل الوصول إليها ليس بأن تكون المرأة ممثلة وإنما شريك سياسي فاعل في المجتمع وهذه غاية لا بد أن نشترك فيها جميعا خصوصا وأن المرأة الجزائرية أثبتت كفاءاتها ليس اليوم وإنما في حرب التحرير حيث كانت مجاهدة وأما، وهذا رصيد ينبغي تطويره بالإمكانيات الاقتصادية لتصبح شريكا سياسيا وليس كما وهما في عملية حسابية بسيطة الغاية منها إرضاء الخارج. ❊ مرت منذ أيام قليلة الذكرى السادسة للاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كيف تقيمون هذا المسعى بعد 6 سنوات من تطبيقه؟ وهل تشاطرون رأي الداعين إلى إعادة فسح المجال أمام ما يسمى بأعضاء الحزب المحظور (الفيس) للمشاركة في العمل السياسي؟ ❊ ❊ أولا المصالحة الوطنية مكسب استراتيجي لا بد من الحفاظ عليه والعمل على تدعيمه ليل نهار مهما كانت نقائصه، لأنه ما هو البديل للمصالحة الوطنية؟ العودة إلى الاقتتال والدماء! الرجوع إلى التدمير والتخريب!. الحمد لله بفضل المصالحة الوطنية والوئام وما أتبعها من إجراءات صرنا ننعم بالأمن والحرية والفرد يخرج الآن مطمئنا وهذا لم يكن موجودا في سنوات التسعينات وبفضل هذا المكسب أصبحت الناس تتكلم بكل حرية. أما الآن وبعد 6 سنوات، ممكن أن ننظم وقفة لنحدد الجوانب السلبية التي لا بد من معالجتها بحكم تجربتنا، ونقيم الجوانب الايجابية التي يجب تعزيزيها. منذ 4 أشهر دعوت إلى تنظيم وقفة تقيمية للمصالحة فقد بقيت بعض المشاكل التي تحتاج إلى عامل الوقت لمعالجتها عالقة، مثل قضية المفقودين وتسوية بعض الحالات الاجتماعية التي يمكن أن تناقش في إطار ضيق من وحي تجارب الدول التي سبقتنا إلى هذا الميدان في المصالحة الوطنية وأقصد اسبانيا التي عاشت حرب أهلية لمدة ثلاث سنوات وخلفت أكثر نصف مليون قتيل ووجدت حلولا لبعض المشاكل التي مازالت عالقة في بلادنا، تجربة جنوب إفريقيا كذلك، المهم عندما نريد التوقف عند المصالحة الوطنية لا بد أن يكون منطلقنا عدم العودة إلى الوراء، عدم فتح ملفات الماضي، وعدم فتح الجراح التي أحيانا مازالت تنزف في بعض الجهات بسبب استمرار العمليات الإرهابية. أما بالنسبة للسؤال الثاني، فكان سيكون له وقع أكبر قبل المصادقة على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في سبتمبر 2005، الآن استفتاء سبتمبر 2005 قلب الصفحة، والمراسيم التي جاءت بعد 2006 كانت واضحة وخاصة المادة 26 من المرسوم الصادر في فيفري أو مارس والتي تنص على أنه لا يحق للأعضاء السياسيين في الحزب المحل المشاركة في النشاط السياسي، ففي الوقت الحالي العودة إلى العمل السياسي ممكن أن يؤثر على السلم الاجتماعي والأمن بشكل العام، وهذا فصل فيه الشعب في الاستفتاء، وما دام قال كلمة الفصل وتوجد قوانين نحن مضطرين للالتزام بها، لأن الديمقراطية هكذا، وما دامت الأغلبية قررت فالأقلية لا بد أن تخضع لإرادة الأغلبية، فإذن هناك إرادة شعبية عبرت عن رغبتها وقررت قلب صفحة الماضي ويجب أخذ بعين الاعتبار هذه الرغبة ونتجه نحو المستقبل. قد يكون هناك من مازال يتألم ويعتقد أنه ضحية وأنه انتقص من حقوقه، ومع الأسف كل النزاعات الأهلية في العالم لا تنتهي دائما إلى إرضاء الجميع، لكن نحن في هذه الحالة نضع مصلحة الجزائر في الميزان، هل إعادة الاعتبار للشخص تعطي دفعا لعملية المصالحة؟ أم قد تصيبها بانتكاسة؟، أعتقد أن فتح هذا الملف قد يفتح أبوابا أخرى على المجهول لأن هناك تيارات متناقضة في مجتمعنا هناك المتشددة يمينا ويسارا هناك تيار استئصالي مازال ضد المصالحة وتيار إسلامي مازال ضد المصالحة وبالتالي فتح الباب لإعادة النظر في المصالحة يتركنا نرجع إلى الوضع الذي كنا عليه في التسعينات وهذا مرفوض. قدر الجميع أن يضحي من أجل الجزائر كل واحد حسب ظروفه ولكن الأهم أن ننظر نحو المستقبل، ونعتبر أن ما فات فات وعفا الله عما سلف وليس لنا حل آخر وفيه جروح لا تندمل إلا بمرور الوقت ونحن نحتاج إلى عامل الوقت لكي تندمل، لذا نقول لمن تضرر ولم ينل حقه إصبر. فتح قطاع السمعي البصري للمحترفين وليس لأصحاب المال ❊ هل تساندون قرار فتح قطاع السمعي البصري؟ ❊ ❊ طبعا، لأن المحيط الدولي يفرض علينا ذلك، وفتح القطاع السمعي البصري هو تأقلم مع المحيط لا أكثر ولا أقل لكن يجب أن نحذر، فأنا مع فتح السمعي البصري للصحافيين المحترفين وليس لأصحاب رؤوس الأموال، وعلى البنوك أن تساعد الصحافيين المحترفين على فتح هذه القنوات، ولكن أخشى ما أخشاه أن تنزلق بنا الأمور إلى القطاع الخاص والقطاع الخاص لا يدافع إلا عن مصالحه ويمكن أن يستغل الصحفي المحترف للدفاع عن تلك المصالح، وهذا خطر على الوضع العام، وعلى الوحدة الوطنية التي مازلت عندنا طرية حيث مازال التشكيك في الهوية ومطالبة بعض الجهات بالانفصال، لذا لا بد أن نحذر في هذه المرحلة فمثلما نحن نحتاج إلى دعم المصالحة الوطنية نحتاج إلى تدعيم الوحدة الوطنية، وفتح السمعي البصري لا بد أن يكون للمحترفين وأن يخضع لدفتر شروط يحدد ثوابت الأمة ويمنع المساس بها، وبإمكاننا أن نأخذ من تجربة الدول المقدمة في هذا المجال مثل تجربة فرنسا، وما عدا ذلك نترك المنافسة مفتوحة بين القنوات الفضائية في البرامج الاقتصادية والاجتماعية. ❊ وهل انتم مع الداعين إلى تغيير حكومي؟ ❊ ❊ ما الفائدة منه، المهم تغير مضمون برنامج الحكومة، بالنسبة لي القضية ليست قضية أشخاص، المهم تغيير أسلوب الحكم من خلال فتح الساحة السياسية والإعلامية وتمكين الكفاءات الوطنية من البروز خصوصا في الإعلام الثقيل، وهذه الكفاءات والأعلام هي التي تثري الأحزاب السياسية وبالتالي المشهد السياسي الذي ينبغي أن يتغير بكفاءات جديدة، وبتوسيع قاعدة المشاركة في القرار السياسي، أما تغيير الحكومة بنفس الأساليب والعقليات فهي عملية إلهاء للرأي العام وتضييع للوقت. ❊ نفهم من كلامكم أنكم ترون أن الإصلاحات المنتظر تجسيدها لن تؤدي إلى تغيير؟ ❊ ❊ هذا يتوقف على الإرادة السياسية، فالإرادة السياسية المعلنة الآن هي التجاوب مع طلبات الشارع المطالبة بالتغيير وهذا هو الموقف السياسي المعلن، أما النوايا فليس بإمكاني قراءتها، ولهذا بحكم التجربة ننتظر الميدان والتطبيق لنحكم إذا كان فيه تغيير أم لا؟ لأنه منذ الاستقلال إلى يومنا هذا صدرت العديد من القوانين وربما من أحسن القوانين في المنطقة العربية ولكن مع الأسف لم يتم تطبيقها في الميدان ولم تحترم حتى، فهل نستمر في هذه العقلية أم لا؟. اكتشفنا الآن أن المجتمع بلغ درجة من التطور بحيث لم يعد يقبل الاستمرار بنفس العقلية، فهل سنتوجه لهذه الإصلاحات بعقلية جديدة فعلا تبحث عن التغيير بشكل أفضل، وهذا السؤال مطروح في الميدان سنعرف الإجابة عليه بعد صدور مراسيم قوانين الإصلاحات، أما الآن لا نستطيع قراءة النوايا. غياب ناطق رسمي باسم الحكومة تقصير في حق الرأي العام ❊ كيف تفسرون عودة موجة الاحتجاجات العمالية مع كل دخول اجتماعي، وما هي الإجراءات التي ترونها مناسبة لمعالجة هذه الظاهرة؟ ❊ ❊ الاضطرابات الاجتماعية معروفة في كل سنة ومع كل دخول اجتماعي تجدد، السنة القادمة تبدأ حركية وهذا أمر عادي أما عن كيفية معالجة هذه الاحتجاجات لا بد أولا من فتح أبواب الحوار مع كل الشركاء والأطراف الاجتماعية ولا يجب إقصاء أي أحد، الأسلوب الثاني على الحكومة أن تكون لها قناة اتصال مع الرأي العام فهي لحد الآن ليس لديها ناطق رسمي باسمها، توجد بعض التصريحات من حين لآخر لكن من دون وجود مصدر يوجه ويعطي رأيها بصورة واضحة حتى يمكن فهمه من طرف الرأي العام وهذا تقصير منها في حقه. وفي رأيي إذا أخذنا بالحوار، وسياسة المشاورة، وفتحت الحكومة قنوات مع الرأي العام، يمكن لحظتها أن ينفرج الوضع لكن فيه مشكل آخر، الأوضاع الاجتماعية المتأزمة نتيجة الوضع السياسي غير الطبيعي خلقت الكبت الذي بدأ ينفجر في شكل احتجاجات اجتماعية وهذه الاحتجاجات بدأت تتحول إلى احتجاجات أخلاقية مثلما وقع في حي الجميلة بعين البينان، وأم البواقي، وبجاية وهذه الظاهرة صحية وجيدة من جهة، ولكن من جهة أخرى هي شيء خطير في المستقبل لأنه يضعف سلطة الدولة وهيبتها، وهنا لا بد على الدولة أن تراعي خطورة هذا الأمر لأن الفرد ليس في قانون الغاب، وليس بإمكان أي أحد أن يأخذ حقه بنفسه في وقت توجد فيه قوانين لا بد أن تحترم. ❊ هل تنوون دخول معترك الانتخابات والتشريعية والمحلية المقررة سنة 2012؟ ❊ ❊ إنشاء الله، نحن نتهيأ لخوض هذه التجربة على مستوى التشريعيات والمحليات والولايات، لكن الآن يوجد مشكل يتوقف على تاريخ منح الاعتماد وهنا نرجع إلى الإرادة السياسية إذا عجلت الدولة بفتح الساحة السياسية نظن أننا سنذهب إلى المشاركة إذا تباطأت الإرادة في فتح المجال ويصبح عمليا المشاركة مستحيلة طبعا لا نستطيع المشاركة ولكن إذا لم تفتح الساحة السياسية قبل الانتخابات السياسية القادمة الوضع السياسي المتأزم يبقى قائما كما هو وستجدد الهيئة التشريعية بنفس القوى السياسية الموجودة وهنا لا نغير شيئا، ولما تأتي الأحزاب السياسية الجديدة أول مطلب لها المطالبة بحل البرلمان لأنه فاقد للشرعية ونرجع لنفس الأزمة، ونذهب للمطالبة بتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة وبما أن الهيئة التشريعية المقبلة سيكون لها دور كبير وهو إعادة النظر في الدستور سيتم الطعن في الدستور القادم وهو ما سيعقد الأزمة أكثر لذلك أدعو للتعجيل بفتح الساحة السياسية لتمكين الأحزاب السياسية الجديدة من المشاركة في إثراء المشهد السياسي الحالي. وإذا تعذر ذلك، لأسباب إدارية كالتأخر في دراسة الملفات فلتؤجل الانتخابات سنة ريثما تتمكن الأحزاب الجديدة من النزول إلى الميدان والتعريف ببرامجها وخوض غمار هذه الانتخابات، والتأجيل ممكن لأننا نملك خبراء في القانون بإمكانهم إيجاد فتوى قانونية للتأجيل تسمح لرئيس الجمهورية بالتشريع بمراسيم وحسب الصلاحيات التي خولها له الدستور يمكن أن يشرع بمراسيم بين الدورتين ويمكن له تمديد عهدة الهيئة التشريعية لستة أشهر أو سنة، حتى تكون الانطلاقة سليمة وبقوى سياسية جديدة وبالتالي نتجنب أزمة جديدة نحن في غنى عنها. ❊ وعلى من يعول محمد السعيد في دخول المعترك الانتخابي؟ ❊ ❊ أولا أعول على الله، وعلى شباب وجدتهم في الميدان متحمسين رغم أن جو العمل لا يؤمن بالعمل السياسي، لكن في كل هذه الزحمة فيه شباب يؤمنون بأن الجزائر بحاجة للتضحية وإلى عمل سياسي نزيه وإلى تغيير سلمي وأنا أعتمد على هذه الشريحة رغم عددها القليل، ولكن العبرة ليس في العدد وإنما في النوعية والاستعداد للتضحية والإيمان بضرورة التغيير من أجل انتقال الجزائر من وضع إلى وضع آخر يكون أحسن. ❊ كلمة أخيرة؟ ❊ ❊ التغيير آت تماشيا مع مستوى تطور المجتمع والأحسن بأن نقوم به بأيدينا في جو من الوفاق والتفاهم وإلا فإن غليان الشارع سيجلب لنا التدخل الأجنبي وآنذاك سنكون جميعا خاسرين.