عادت منذ بداية فصل الصيف ظاهرة الحرائق لتأتي على عشرات الهكتارات من المساحات الغابية بعدة مناطق من ولاية بومرداس، كان آخرها الحريق المهول الذي عاشه سكان بلدية شعبة العامر بدائرة يسر خاصة القرى الجبلية منها كقرية «ايت بودخان» التي كانت مسرحا لحريق أتى على مساحات جبلية واسعة مست حتى أملاك المواطنين وأنشطتهم الفلاحية من أشجار مثمرة وخلايا النحل وأعلاف الحيوانات، وهذا بعد تسجيل حرائق مماثلة في مرتفعات الناصرية، برج منايل وجبل بوبراك بسيدي داود وغيرها قبل أيام.. تحولت ظاهرة الحرائق المتزامنة مع فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة إلى هاجس فعلي للمواطنين بولاية بومرداس والفلاحين على وجه الخصوص خاصة بالنسبة للقاطنين في المناطق الجبلية الغابية المعروفة بانتشار مساحات واسعة من الأحراش ومختلف أصناف الأشجار منها المثمرة كأشجار التين والزيتون التي أصبحت تهددها الحرائق لتقضي على آخر المحاصيل الموسمية والرئيسية المعروفة محليا، بالإضافة إلى المساحات المخصصة لزراعة أعلاف الحيوانات من حبوب وتبن في غياب الحماية وإشكالية التعويض نتيجة أزمة التأمين التي لا تزال تعرقل تقدم الأنشطة الفلاحية بولاية بومرداس. وأمام امتداد ظاهرة الحرائق التي تتكرر سنويا لتهدد المحاصيل الزراعية والحيوانية ونشاط تربية الدواجن والنحل، عمدت السلطات الولائية لولاية بومرداس إلى تنصيب لجنة ولائية مشتركة بين عدة هيئات منها الحماية المدنية ومحافظة الغابات لوضع برنامج وقائي خاص ضد الحرائق وتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية من أجل التدخل السريع لإخماد الحرائق وتجنب الخسائر المحتملة وعدم تكرار تجربة السنوات الماضية خاصة الحرائق الكبيرة التي ضربت الولاية صيف 2017 ومست 13 بلدية مخلفة خسائر كبيرة في الثروة الغابية والحيوانية تعدت ألف هكتار ما بين مساحة غابية وأحراش وإتلاف 3306 شجرة مثمرة وخسائر أخرى مست خلايا النحل وبيوت تربية الدواجن. وقد جاء إعداد البرنامج الوقائي بدواعي تقليل فاتورة الخسائر المادية والتعويضات التي تتكبدها خزينة الدولة سنويا لتعويض الفلاحين المتضررين من الحرائق رغم إشكالية غياب التأمين الفلاحي على المحصول على مستوى الصندوق الوطني للتعاضد الفلاحي، حيث كشفت التقارير المقدمة من طرف المصالح التقنية لمديرية الفلاحية «أن التعويضات عن الحرائق لسنة 2017 لوحدها مست أزيد من 200 فلاح ممن تعرضوا لخسائر في نشاطهم الفلاحي منها 140 هكتار من الزيتون بمجموع 12 ألف شجرة تعرضت للتلف و17 فلاحا آخر ينشط في شعبة تربية النحل، الأغنام والدواجن». كما عبر الكثير من الفلاحين الناشطين في شعب أخرى خاصة شعبة إنتاج عنب المائدة المهيمنة على القطاع بولاية بومرداس عن تخوفهم من توسع ظاهرة الحرائق التي لم تعد تسبب الأضرار فقط للأنشطة الجبلية بطريقة مباشرة، بل انعكست في السنوات الأخيرة سلبا على محاصيلهم الزراعية بالأخص المساحات المتاخمة للمناطق الجبلية بسبب لهب النار والرياح الساخنة التي تتسبب في الإتلاف السريع لمنتوج العنب في ظل نقص مصادر المياه المخصصة للسقي، الأمر الذي زاد من مخاطر الآفة وضرورة التدخل السريع لإعداد برنامج وقائي شامل بما فيه توسيع عملية التحسيس بين المواطنين لإبراز مخاطر الظاهرة وصعوبة الاستمرار في التعويض المادي لغياب التأمين الفلاحي.