المحتوى الأجنبي خطرٌ على الجزائريين    اتهامات انقلابيي مالي بحقّ الجزائر.. باطلة    عطاف يبدأ زيارة رسمية إلى إثيوبيا    غريب يشرف على إعادة تشغيل مصنع جيكا    منظمات وطنية تُندّد بموقف حكومة مالي    أحكام جديدة لتنظيم الأوقاف بالجزائر    أحزاب جزائرية تدين المجازر الصهيونية الوحشية    الكاف تراسل المولودية    الوفاق يتقدّم..    هذا جديد ملف استيراد الأضاحي    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    بسكرة عاصمة للشِعر    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    وزير التكوين والتعليم المهنيين يستقبل البروفيسور كريم زغيب    استعراض علاقات التعاون وسبل ترقيتها إلى مستويات أعلى    رؤية استراتيجية ومشاريع ملموسة للتحوّل الرقمي بالجزائر    فرض رسوم على إعادة بيع السيارات لوضع حد للمضاربة    ملتقى دولي حول التراث الجزائري المخطوط    الطغمة العسكرية ترهن مصالح الشعب المالي    هذا هو المبلغ الأقصى للسحب اليومي عبر مكاتب البريد    البطولة الوطنية المفتوحة للتجذيف: نادي "سباق نوتيك الجزائر" يظفر باللقب    الانتهاء من تصميم أول رقاقة إلكترونية من قبل باحثين جزائريين    السياحة بسكيكدة تتدعم بهياكل جديدة    106 مشروع لتنمية وعصرنة أربع بلديات    رفع ملف مفصّل حول احتياجات الولاية إلى السلطات العليا    فرنسا: المسيرة الدولية للإفراج عن المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية تحط الرحال بمدينة بوردو    "السياسي" في تربص بسيدي موسى    أزمة في تونس بسبب بلايلي والترجي يهدد بالانسحاب    وزير الثقافة والفنون يكشف عن قائمة المواقع الثقافية والطبيعية المقترحة للتسجيل على القائمة الإرشادية للتراث العالمي    الطريقة القادرية تستنكر الاتهامات الباطلة للحكومة الانتقالية بمالي ضد الجزائر    أزمة الهوية في الدراما التلفزيونية الجزائرية    تركيز الاهتمام على السينما الفلسطينية    مدرب فينورد يدافع عن حاج موسى ويشيد بإمكانياته    مجمع صيدال: تعيين السيد يحي سعد الدين نايلي مديرا عاما جديدا    خنشلة : "التراث الجزائري المخطوط" موضوع ملتقى دولي يومي 15 و16 أبريل بجامعة عباس لغرور    أمطار رعدية ورياح قوية في 14 ولاية بدءاً من هذا السبت    فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم: الصوت الآخر للثورة الجزائرية    والي العاصمة يعاين مشاريع تهيئة الواجهة البحرية    توقيف مشتبه به في قتل مديرة    ليلة لا تُنسى بقسنطينة    مسابقة وطنية لإنشاء البرمجيات الإلكترونية    الزبون "ملزم قانونا" بعدم التورط في أي شكل من أشكال المضاربة    السهر على توفير كل التخصصات الطبية بالمصالح الطبية الإستشفائة    تأكيد على وجوب إتمام جميع الترتيبات المتعلقة بالتحضير للامتحانات    معالجة الظاهرة تتطلب رؤية "شاملة ومندمجة" وحلولا "جذرية"    لا حل للقضية الصحراوية إلا في إطار الإلتزام باتفاق سنة 1991    هبوب رياح قوية على عدة ولايات ساحلية    استشهاد 6 فلسطينيين بينهم أطفال ونساء بقطاع غزة    مشاورات سياسية جزائرية- روسية بموسكو    لا يمكن لمجرمي الحرب الصهاينة الإفلات من العقاب    ميراث نضال وما أشبه الأمس بالراهن!    وزير الصحة يشرف على اجتماع لمتابعة مشاريع المستشفيات الجديدة ويؤكد على نظام استشفائي متعدد التخصصات    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    سايحي يدعو الى تسيير المصالح الطبية بالمستشفيات الجديدة بنظام إستشفائي ضمن شبكة متعددة التخصصات    هذا آخر أجل لمغادرة المعتمرين    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    الجزائر محمية باللّه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاجر والمفرغات العمومية كابوس يؤرق سكان بن باديس، خبابة وبارغلي
نشر في الشعب يوم 06 - 08 - 2019

سكان في صرخة استغاثة... أين السلطات المحلية لإنقاذ حياتنا المهدّدة ؟
تبقى بلدية بن باديس بقسنطينة منطقة فلاحية بالدرجة الأولى، رغم المشاكل التي تحيط بها والتي تؤثر سلبا على البيئة والصحة العمومية. بلدية بن باديس تستمر في الحفاظ على هذا التمايز ومقاومة أي تغيير يحوّلها دون تأدية وظيفتها: تزويد عاصمة الشرق الجزائري والولايات المجاورة بمحاصيل الفلاحة، لا سيما الحبوب بدرجة الأولى. هي تتحدى الزمن الصعب وتقف صامدة ضد تعقيدات المحيط وانهياره من زمان.
تقوم بهذا متحدّية المحاجر التي تحاصرها من كل حذب وصوب. وهي محاجر سلّطت عليها «الشعب» الضوء في تحقيقات ميدانية ناقلة صرخات الساكنة بوضع حدّ لها باعتبارها جريمة ضد البيئة والإنسان.
بعد المحاجر تعود «الشعب» إلى إثارة مشكلة أخرى تؤرق سكان بن باديس النائية وتعكّر صفو حياتهم كفلاحين يقتاتون من الأرض الطيبة ولا يريدون مغادرتها تحت أي ظرف أو صعوبة.
نعود اليوم ونسلّط الضوء على مشكلة أرقت سكان ابن باديس ألا وهي المفرغة العمومية التي أثقلت كاهل سكان البلدية الهادئة منذ قرار إنشائها سنة 1999، مستقبلة نفايات 12 بلدية تضاف إليها مفارز مؤسسات ترمي نفاياتها بالمفرغة التي أضحت مع مرور السنوات لا تتسع لهذه الحمولات وما أكثرها وأكبرها.
ونتيجة ذلك بات من يقصدها يرمي القاذورات بطريقة عشوائية فاسحا المجال لانبعاث روائح لا تحتمل تشمّ على بعد 6 كلمترات أو أكثر، غارقة الاراضي الطيبة في سموم وسط تذمّر السكان وشكاويهم التي لا تنقع المرفوعة الى السلطات المحلية قصد التدخل لإراحتهم من هذا الكابوس المفزع وتحريرهم من هذا المعزل المحاصر لهم ليل نهار.
تحت تهديد الموت جراء الروائح والسموم المنبعثة
هكذا تحوّلت المفرغة العمومية بفعل عدم المسؤولية والتعدي غير القانوني على أراضي ليست تابعة لها إلى موطن للروائح والنفايات، وما يتبعها من ظواهر سلبية خطيرة على الصحة والبيئة على حدّ سواء، في ظل غياب الجهات الوصية وعلى رأسها مديرية البيئة التي لم تحرك ساكنا لإيجاد حل وسيط ينصف الساكنة والبيئة.
«الشعب»، في زيارة ميدانية للمنطقة وقفت على حجم الكارثة البيئية التي تحاصر السكان، خصوصا قرية «خنابة» التي تعتبر أكثر تضررا من الروائح والسموم المنبعثة من المفرغة العمومية التي تحوّلت لمكب ولائي ضخم تجاوز كل المعايير الصحية والبيئية.
سكان قرية «خنابة» وكل سكان بلدية ابن باديس صرخوا بملء الفم «كفى إهمالا وتسيبا مناشدين السلطات المعنية بضرورة إيفاد لجنة تحقيق تعاين بما وصفوه بالتجاوزات الخطيرة الحاصلة بالمفرغة العمومية، مطالبين وبشدّة إزالة موقع المفرغة نهائيا، سيما وأنها لم تدشّن وفق معايير تحمي الساكنة والمحيط.
وقال السكان بنبرة غضب «أن أصحاب القرار الخاص بإنشاء المفرغة العمومية خاصة أنهم لم يضعوا في الحسبان مصير 30 ألف نسمة قاطنين بالبلدية التي تصنّف أراضيها من أجود الأراضي الفلاحية بالولاية، لكن تعرف للأسف حالة انزلاق أرضي رغم أنها صخرية بسبب ضغط عمل شاحنات المفرغة وكذا نشاط 37 محجرة والإنفجارات الدائمة بها التي أثرت على بنية المنازل و العمارات. يسرد بعض سكان المنطقة معاناة السكان بحسرة وألم قائلا لنا: «تسبب المفرغة لنا أمراضا خطيرة جدا على غرار الربو والحساسية، السرطان والأمراض الجلدية بفعل انتشار الذباب والبعوض الذي يعيش داخل الوسط المتعفن للمفرغة ليتنقل بعدها للسكان في الفترات الليلية ناقلا معه كل أنواع البكتيريا السامة ما ينذر بحدوث عدوى وباء خطير».
وأكد آخر لنا «أنه بسبب المفرغة العمومية باتت بن باديس وما جاورها من البلديات في صدارة المناطق الجزائرية التي تسجل فيها حالات مرتفعة لداء بوحمرون والصفاير بتسجيل 62 حالة خلال الأشهر القليلة الماضية في مدة قصيرة».
وقد أكدت للسكان مصالح طبية، أن الأمر راجع لبعض أنواع البيكتيريا الخامدة التي تخرج مع كل تقليب للتربة أثناء رمي النفايات، مشيرة إلى عملية الحرق للنفايات التي تتسبب في تكوين طبقات سوداء من الدخان والذي ينتشر في كل أرجاء البلدية، والذي ساهم بكثافة في انتشار هذا الداء في انتظار ما تخبئه السنين القادمة إذا لم تتكفّّل السلطات المحلية بشكوى السكان وانشغالاتهم.
قرية فلاحية تدق ناقوس الخطر وتناشد السلطات لرفع الغبن عنهم
القرى الفلاحية تأثرت من مشكل المفرغة العمومية وعلى رأسها قرية «خنابة» التي تعتبر من أهم المتضرّرين والتي يعيش في كنفها حوالي 150 عائلة يمارسون مهنة الفلاحة وتربية بعض المواشي، يؤكدون على أنهم يعانون من الأمراض الجلدية والتنفسية جراء تلوث المياه الجوفية، وتلوث الجو بسبب الدخان الناتج عن حرق النفايات، هذه الوضعية التي تسببت أيضا في تلوث الوادي المحاذي للقرية وانقراض الطيور المهاجرة، حيث تحدث لنا أحد سكان القرية على أن القرية كانت عبارة عن «مرجة» مخصصة لاستراحة بعض الكولون والجيش الفرنسي لهوائها النقي ويطلق عليها اسم «لاريا» نسبة إلى الهواء باللغة الفرنسية، لتتحوّل اليوم وبفعل القرارات العشوائية إلى بؤرة أمراض ونفايات، فضلا عن مشكل الفلاحة بالمنطقة حيث أن الأشجار المثمرة بالقرية التي تنتج النيكتارين والخوخ والكرز، والتي تقارب 32 ألف شجرة مثمرة مهدّدة بسبب تلوث المياه الجوفية، فضلا عن خسارة محاصيل ضخمة في إنتاج المحاصيل الكبرى، زاد من خطرها مياه الصرف الصحي التي تصبّ في العراء والنفايات التي ترمى بالواد، حيث أبدى ذات المتحدثين أسفهم من تراجع الإنتاج بالقرية إلى نحو 40 بالمائة، وهو الأمر نفسه داخل سوق العقار بالبلدية، حيث فرّ منها العديد بسبب أضرار المفرغة العمومية.
كما اشتكى ذات السكان، من انقطاع التزود بالمياه الصالحة للشرب عن السكان تصل أحيانا إلى الشرب مرة كل 12 يوما، رغم أن الخزان المائي يتواجد بالقرب منهم،
حيث اعتبروا أن الأمر راجعا إلى الخوف من اختلاط مياه الأودية المسمومة والمياه الجوفية بمياه الشرب كون تلك السموم والتي تحمل مادة الأسيد يمكن أن تحدث ثقوبا في قنوات المياه، حيث ذكر أحد السكان قائلا: «في ذات الأيام فتحنا حنفياتنا بمياه سوداء لا تصلح حتى للغسل»، ليضيف آخر: «الآن يجب الاختيار بيننا وبين المفرغة».
تلوث المياه الجوفية تؤرق حياتهم اليومية
الوضعية المتردّية التي آلت إليها بلدية ابن باديس جراء توسّع المفرغة العمومية واقترابها من تجمعات سكنية، تفرض على الجهات المسؤولة التحرّك العاجل وأخذ الشكاوي المودعة لها البحث عن حلول نهائية. انه امل السكان الذين اثاروا مشكل تلوث المياه الجوفية بسبب تحلّل النفايات وتسرّبها بعدما يتمّ تقليب التربة من طرف المؤسسات التي ترمي نفاياتها العضوية بالمفرغة العمومية. يخشى السكان ان تنتقل السموم إلى الوادي المؤدي إلى قرية خنابة ثم واد بن يعقوب ثم سد بوهمدان الذي يروي سهول قالمة ويسقى أراضيها الفلاحية رافعا من منسوب نهر سيبوس وجريانه الدائم طيلة كل الفصول.
إنها وضعية لا تطاق. مشهد يهدّد سلامة الصحة العمومية بسبب تلوث المياه الصالحة للشرب. صورة قاتمة تعبّر عنها ببؤس شاحنات رمي القمامة وعددها 350 شاحنة تعبر يوميا الطريق الأساسي والمدخل الوحيد للبلدية لرمي القمامة محدثة اختناقا مروريا لا يطاق. وتزيد المشهد كوارث، مئات الشاحنات وهي تنقل حصى 35 محجزة تلفظ سمومها بلا توقف محولة المنطقة كلها إلى بؤر تلوث قاتل.
مفرغة «بارغلي» بحامة بوزيان تثير سخط السكان والسلطات في حالة سبات
غير بعيد عن هذا الديكور، تتقاسم بلدية حامة بوزيان وتحديدا منطقة برغلي المساة وتعرف نفس الإشكال الذي طرحه سكان بلدية ابن باديس جراء تداعيات المفرغة العمومية على البيئة والصحة العمومية على حدّ سواء.
أكد لنا سكان المنطقة، أن المفرغة توسّعت بفعل التفريغ العشوائي باعتبار أن المساحة التي كانت مخصّصة صغيرة جدا، ومع التوسّع الحاصل لها، أثّر سلبا على منطقة «برغلي» العمرانية خاصة مع انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة، الفئران، تجمع الحيوانات الضالة وغيرها من المظاهر السلبية، دون ذكر الدخان القاتل عند قيام مصالح البلدية بحرق النفايات.
والنتيجة تعرض العائلات القاطنة بالمنطقة للإصابة بأمراض تنفسية وجلدية خطيرة، كما ذكر السكان ل»الشعب»، قائلين إنهم يتخوفون من التسمّم من شبكة المياه الموجة للاستهلاك باعتبار الترسبات الناجمة عن المفرغة العمومية التي أضحت هاجس السكان، مطالبين في عديد المناسبات المصالح البلدية وعلى رأسهم «المير» بتغيير مكانها القريب جدا من التجمعات السكانية، وهي المعضلة التي أرقت حياتهم وتشكل خطرا على صحتهم وصحة أطفالهم. فهل من مجيب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.