أكد الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى، خلال تنشيطه ندوة حول «أزمة منطقة اليورو.. الأسباب والتأثيرات الإقليمية» بمركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية، أن أزمة اليورو التي يعيش الاتحاد الأوروبي على وقعها زادت حدة بسبب عدم التوازن بين الخطاب السياسي والحقائق والمعطيات الاقتصادية، فكان من الأجدى قبل إطلاق الوعود السياسية والإصلاحات في الحملات الانتخابية أن تكون هناك رؤية مبنية على أسس اقتصادية بعيدة المدى. ويظهر ذلك جليا في الأزمة النقدية التي يعيشها النظام الرأسمالي في توجيه أزمة اليورو، والسياسة التقشفية التي بدأت بعض دول الاتحاد في إتباعها منذ 2009 لتسير على دربها باقي الدول لتجاوز الخطر الذي يتهددها، بعد أن وقعت في مصيدة توسيع الاتحاد الأوروبي لمواجهة الولاياتالأمريكية واليابان. وحسب مصيطفى فانه على الدول الأوروبية الوقوف عند أبرز الإشكاليات السياسية والاقتصادية والجيوسياسية التي تتنازع ملفاتها على أساس المؤشرات الاقتصادية لا على الحسابات السياسية لإعادة التوازن وتقويم الأخطاء، خاصة وأنها وجدت نفسها أمام تحديات سياسية داخلية كبيرة حاليا وفي المدى المتوسط رغم صبغة التضامن بين دول الاتحاد. ومن ثم جاء تدخل المؤسسات الأوروبية ذات الثقل بما فيها البنك المركزي الأوروبي خلف اليورو لمساندته في إطار عمل طويل الأجل، إلا أن ذلك لا يتأتى بإصلاحات كبرى داخل النموذج الاجتماعي الأوروبي وكذا الميزانية الأوروبية. ويرى مصيطفى أن التدابير المتخذة واللازمة لاستقرار العملة الأوروبية تعد مؤلمة إلا انه لابد من تفعيلها، لكن بقاء البلدان التي تعاني من أزمة مالية على غرار اليونان وايطاليا في المنطقة يبقي الخيارات مفتوحة بشأنها خاصة وان ألمانيا لن توافق على البقاء دوما في دعم هذه الاقتصاديات الضعيفة بأوروبا، وكذا الأمر بالنسبة لبريطانيا للانضمام إلى دول اليورو. وفي هذا السياق تحدث مصيطفى عن آثار خطط التقشف التي بادرت إليها بريطانيا في 2009 وسبقتها ألمانيا لذلك بإتباع إصلاحات داخلية مكنتها من تجاوز الأزمة، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة لليونان وايطاليا. فقد عرفت هذه السياسة وما تبعها من تقليص في الوظائف والعدول عن الدعم الحكومي لبعض القطاعات الثقافية والتعليمية وكذا بعض السلع والرفع من الضرائب لتفادي إفلاس البلدين وإعادة بناء مصداقيتها لدى الأسواق المالية خلف احتجاجات كبيرة وسط مواطنيها. يضاف إلى ذلك تحدي إصلاحات الميزانية ومزاد السندات وعوائدها في البورصة، وهو ما يرهن أو سيغيب غالبية القيادات السياسية التقليدية عن الحكم في أوروبا مع إعادة النظر في الأسس التي بنيت عليها عملة الأورو الموحدة على ضوء الحالة التي آلت إليها كل من ايطاليا واليونان وأدت إلى اجتياح رياح التغيير من خلال اجتثاث رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو وتنصيب مكانه لوكاس باباديموس، ونجاح المعارضة الايطالية في دحر رئيس وزرائها سيلفيو برلوسكوني بقيادة غير مباشرة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركيل.