إثر وفاة الرئيس السابق جاك شيراك الخميس عن عمر 86 عاما والذي تميز بمعارضته الغزوالأميركي للعراق، ومناصرته عددا من القضايا العربية، أعلنت الرئاسة الفرنسية الاثنين المقبل يوم حداد وطني يتخلله قداس في كنيسة سان سولبيس في باريس. وذكرت عائلة شيراك أنه سيتم تنظيم مراسم تكريم شعبية للرئيس السابق. وأطفئت أنوار برج إيفل ليل الخميس إكراما لروح شيراك، فيما عرضت صور من كان يوما عمدة للعاصمة أمام بلدية باريس. أعلنت السلطات الفرنسية الاثنين المقبل يوم حداد وطني إثر وفاة الرئيس السابق جاك شيراك الخميس عن عمر 86 عاما، يتخلله قداس في كنيسة سان سولبيس، إحدى أضخم الصروح الدينية في باريس. وذكرت عائلة شيراك أنه سيتم تنظيم مراسم تكريم شعبية للرئيس السابق، مضيفة أن مراسم الدفن ستجري في إطار عائلي ضيق في مقبرة مونبارناس في باريس حيث ترقد ابنته لورانس التي توفيت في 2016. وتقرر إقامة القداس في هذه الكنيسة نظرا إلى أن كاتدرائية نوتردام حيث تقام عادة المراسم الدينية الرسمية مقفلة منذ الحريق الذي اندلع فيها في 15 أفريل الماضي. وفتحت الرئاسة الفرنسية أبواب قصر الإليزيه اعتبارا من مساء الخميس لغاية غدا الأحد ضمنا لكي يتسنى للمواطنين تقديم تعازيهم. وقد أطفئت أنوار برج إيفل ليل الخميس إكراما لروح جاك شيراك، وعرضت صور من كان يوما عمدة للعاصمة أمام بلدية باريس. وكان شيراك واحدا من أكبر شخصيات اليمين الفرنسي، وأظهر طوال حياته السياسية الطويلة والغنية بالنجاحات الباهرة ولكن أيضا بالإخفاقات، قدرات استثنائيةعلى تجاوز الصعوبات والحضور مجددا. وفي خطاب متلفز، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن شيراك كان «فرنسيا عظيما حرا» وجسد «فكرة معينة عن فرنسا والعالم». وفي وقت لاحق توجه ماكرون وزوجته بريجيت إلى منزل شيراك في باريس بالقرب من مجلس الشيوخ. كما توافدت مئات الشخصيات أيضا إلى قصر الإليزيه مساء تكريما لذكرى شيراك، فيما سارع قادة العالم إلى الإشادة بالراحل الكبير، وأشار بعضهم بتأثر إلى صداقاتهم مع هذا الرجل الذي حكم فرنسا لمدة 12 عاما، بين 1995 و2007. ومنذ مغاردته قصر الاليزيه، كان شيراك يعيش مع زوجته برناديت في باريس. وهوأب لابنتين، لورنس التي توفيت في أفريل 2016 وكلود التي كانت مستشارته الإعلامية. «صديق العرب» الذي وقف في وجه بوش برحيل الرئيس الفرنسي جاك شيراك، يكون البلد الأوروبي قد فقد واحدا من قادته الكبار، مثل فرانسوا ميتران وشارل دوغول، لكن شعبية الراحل لم تنحصر في الداخل، لأنه أقام علاقات مميزة مع الخارج وعرف بمواقف «إنسانية» ثابتة. ويعد جاك شيراك من رموز اليمين الفرنسي، وكان من أعضاء حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، وهوحزب يصنف ضمن يمين الوسط، أي نفس التنظيم السياسي الذي ترأسه نيكولا ساركوزي. وأقام شيراك الذي توفي في العاصمة باريس، علاقات هادئة مع الخارج، وعرف بحرصه على استقلال السياسة الخارجية لبلاده، وأبدى رفضا صريحا لقضية غزوالعراق من قبل الولاياتالمتحدة في 2003. وحين سئل شيراك في مقابلة تلفزيونية عن سبب رفضه للحرب على العراق، فيما كان الرئيس الأميركي، وقتئذ، جورج بوش الابن، يمارس ضغوطا كبرى، أجاب الراحل: «أنا أقول الحقيقة للولايات المتحدة، وذاك ما يفعله الصديق». ويقول متابعون إن ما حذر منه شيراك هوالذي حصل في وقت لاحق، لأنه حذر من مغبة تغول الإرهاب في حال غزوالعراق، ووصف خطوة الحرب ب»الخطيرة جدا». وهذا الأمر أدى إلى فترة من الفتور في علاقات باريس وواشنطن، ولم تستعد هذه الأخيرة بعض الدفء إلا حين جاء الرئيس نيكولا ساركوزي إلى قصر الإليزيه. زعماء العالم ينعون رجلا خارج العادة توالت ردود الفعل الفرنسية والدولية حول وفاة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، الذي وافته المنية الخميس، ووقفت هذه الردود عند المسيرة السياسية الوطنية والدولية لرئيس الذي حكم فرنسا 1995 حتى 2007، وكانت أولها للمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل التي عبرت عن «حزنها البالغ»، وأشادت ب»شريك رائع وصديق»، فيما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قائد «حكيم وصاحب رؤية استباقية». وعبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن «التأثر البالغ» جراء رحيل «رجل دولة عظيم وصديق مقرب». بدوره، أشار رئيس وزراء إسبانيا بيدروسانشيز إلى «قائد طبع السياسة الأوروبية»، فيما أشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ب»زعيم سياسي رائع رسم مصير» فرنسا. ومن جهته، نعى رئيس الحكومة البلجيكية شارل ميشال والرئيس المقبل للمجلس الأوروبي في تصريح الرئيس الفرنسي الراحل، مؤكدا أنه سيتذكر دائما مواقفه الشجاعة بالاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية عن جرائم من كانوا متواطئين مع النازية إبان فترة الاحتلال الألماني لفرنسا. ودفاعه عن استفتاء عام 2005 حول الدستور الأوروبي. صديق أفريقيا أفريقيا، نعى رئيس الغابون علي بونغوأونديمبا «صديقا كبيرا للغابون ومحبا مخلصا لأفريقيا»، مضيفا في تغريدة عبر تويتر أن شيراك كان «أكثر من صديق، كان بمثابة الأب الروحي الذي لن أنسى أفضاله». ومن تشاد، حيا رئيس البلاد إدريس ديبي إتنوفي تغريدة «ذكرى رجل الدولة العظيم الذي عمل بجد لتعزيز العلاقات بين فرنساوتشاد». وأكد عبد الله واد، الرئيس السنغالي السابق (2000-2012) أن شيراك «سيظل بالنسبة إلي محامي الدفاع عن أفريقيا، وسأسعى دائما إلى إعلان هذا الأمر انطلاقا من واجب الصداقة والتقدير المتبادل الذي كان يربطنا». الفلسطينيون يتذكرونه بفخر عربيا، وصفه رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري بأنه «رجل من أعظم الرجال الذين أنجبتهم فرنسا». كما نعاه العاهل المغربي الملك محمد السادس الرئيس الراحل الذي كان صديقا مقربا لوالده الملك الراحل الحسن الثاني،،وعبرت السلطة الفلسطينية عن حزن الشعب الفلسطيني العميق على وفاة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، «صديق الشعب الفلسطيني». وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: «عزاؤنا لعائلته ولشعب فرنسا الصديق بفقدان أيقونة الدفاع عن الحرية والمبادئ العدل والمساواة». واستحضر المالكي زيارة الرئيس الفرنسي الراحل لمدينة القدس الشرقية و»تصديه للإجراءات التعسفية هناك، ومسيرته السياسية التي توجها باستقباله الرئيس الراحل ياسر عرفات في لحظاته الأخيرة»، يقول الوزير الفلسطيني. بطاقة تعريف ولد شيراك في عام 1932، وكان والده مصرفيا، تولى رئاسة فرنسا في الفترة بين 1995 و2007، وبالتالي أصبح ثاني أطول رؤساء فرنسا تعميرا في الحكم، منذ الحرب العالمية الثانية، بعد سلفه الاشتراكي فرانسوا متيران. -ولد شيراك في 29 نوفمبر 1932، في الحي الخامس بباريس، وسط أسرة ميسورة الحال، وانتقل بعد حصوله على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) من ثانوية لويس الأكبر للدراسة في المدرسة الوطنية للإدارة، وحصل على دبلوم من معهد الدراسات السياسية في باريس، ودبلوم آخر من «سامر سكول» بجامعة هارفرد الأميركية. شيراك أول رئيس فرنسى خضع للمحاكمة منذ الحرب العالمية الثانية حيث أدين عام 2011 بتبديد المال العام، وحكم عليه بالسجن عامين مع وقف التنفيذ. خدم شيراك فى الجيش الفرنسى فى الحرب التى دارت بين الجيش الفرنسي والثوار الجزائريين الابطال عام 1954. كان الجنرال شارل ديغول زعيمه الروحى الذى ألهمه دخول الحياة العامة. فى الستينيات أصبح شيراك مساعدا لرئيس الوزراء جورج بومبيدو، الذى وضعه على طريق المناصب السياسية العليا وعينه وزيرا بلا حقيبة عام 1967. -تولى بين عامي 1967 و1968 منصب وزير دولة للشؤون الاجتماعية، وكان مكلفا بمشكلات التشغيل، وعين بعدها وزيرا للدولة لشؤون الاقتصاد والمالية في أربع حكومات، ثم وزيرا مفوضا لشؤون العلاقات مع البرلمان في حكومة «جاك شابان ديلماس». - عين في 27 ماي 1974 رئيسا للوزراء، إلى أن قدّم استقالة حكومته في 25 أوت 1976. عام 1976 أسس شيراك حزبه «التجمع من أجل الجمهورية»، الذى انضم إلى أحزاب أخرى ليشكل حزب الاتحاد لحركة شعبية. عام 1995 مع احتضار ميتران، فاز شيراك بالرئاسة، بعد أن كان ترشح في الانتخابات الرئاسية في عامي 1981 و1988 وخسر في المرتين. -أعيد انتخابه لولاية ثانية في الخامس من ماي 2002. كان شيراك مناهضا للاتحاد الأوروبي، أصبح من أشد مؤيدي الوحدة الأوروبية. أمر شيراك بإجراء تجارب نووية فى المحيط الهادى، ثم أصبح نصيرا للبيئة. -كتب ستة كتب، منها «خطاب لفرنسا في لحظة الاختيار»، و»بصيص من الأمل: تأملات في المساء من أجل الصباح»، و»فرنسا للجميع»، بالإضافة إلى كتاب «كل خطوة ينبغي أن تكون هدفا»، وهوعبارة عن سيرة ذاتية، تحدث فيه عن أصول عائلته وحياته الاجتماعية والسياسية.