تلخّص مسيرة الفنانة صليحة لخشاش من مدينة تقرت حب المرأة الجزائرية للفن وتطلعها للتفرد بقوة ذكائها ولمستها الناعمة، هي فنانة تخصّصت في فن طي الورق «الأوريغامي» وكانت من بين القليلات في الجزائر اللواتي اخترن الارتباط بخدمة هذا الفن حتى أنها صنّفت المرأة الجزائرية الوحيدة التي تمارس فن طي الورق بالطبعة الثالثة للأيام الوطنية لفن طي الورق بولاية النعامة. تعتبر الفنانة صليحة التي مارست فن الأوريغامي منذ سنة 2008، أن تجربتها مع فن طي الورق تجربة مثيرة ومستمرة كما أن عالم الإبداع الفني متجدّد ومتطور رغم كل العراقيل والتحديات التي تواجهها لتطوير هذا الفن في الجزائر، ورغم قلة الاهتمام به وعدم توفر مقر يمكّنها من استقبال الأعداد الهائلة للراغبين في تعلم هذا الفن، إلا أنها مع ذلك تصنع من كل عقبة جسرا لتكمل به مسيرتها في نشر فن طي الورق وتدريب أكبر عدد ممكن من الهاوين والإطارات والمربين في مجال رياض الأطفال والشباب لتعمّ الفائدة كما تستغل كل الفرص المتاحة لتمرين هواة في هذا الفن «فأنا أدرب - كما تقول - حتى ولو على مقعدي في الحافلة وأنا مسافرة أو في جلسة مع الأصدقاء لأن فن طي الورق تعدى أن يكون فنا فقط فهو أصبح بالنسبة لي أسلوب حياة». ومن خلال ممارستها لهذا الفن استطاعت محدثتنا الاضطلاع بفوائد فن طي الورق أو ما يسمى بالأوريقامي «الأوري» بمعنى طي و»قامي» التي تعني الورق وهو فن ياباني يعتمد على طيات الورق لتشكيل شكل معين ذو جمالية رائعة وتتوضّح أهمية طي الورق وفوائده بالنسبة للممارس له أو للمتدربين، فيما يعكسه من آثار إيجابية على النفسية - كما أوضحت محدثتنا - إذ يساعد هذا الفن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية كالانطواء والاكتئاب وفرط الحركة وكذلك مرضى الزهايمر، وقد كان الدكتوراكيرا يوشيزاوا عالم في الطب النفسي يعالج به مرضى الزهايمر في مركزه، أما فوائده التربوية فتتمثل في تنمية الذكاء الهندسي لدى الطفل، تنمية الخيال الإبداعي، التذوق الفني، المساهمة في زيادة التحصيل العلمي، بالإضافة إلى ذلك كله يساهم في رسكلة النفايات الورقية بتحويلها إلى قطع فنية، فضلا عن فوائده التقنية والجمالية. وفي هذا السياق، أشارت المتحدثة أن استخدام الورق المستعمل في فن طي الورق يمثل فكرة مستحدثة جاءت مع فكرة الطاقات المتجدّدة والتنمية المستدامة وتعني إمكانية استخدام ورق الكراريس والكتب والمجلات في انجاز عمل فني مما يعني رسكلة النفايات الورقية أولا وثانيا انجاز أعمال فنية تدوم لسنوات مع استخدام المواد المعالجة للورق التي تحافظ على سيرورته وبقائه مدة أطول دون أن يتعرض للتلف. وبالنسبة للجديد الذي تريد تقديمه للجمهور الذي يهوى فن طي الورق وكل المتدربين المتعطشين لهذا الفن فيتمثل في تنظيم طبعة ثانية لمعرض فنون طي الورق قريبا والذي كانت طبعته الأولى في سنة 2014، ومثل أول معرض خاص بطي الورق نظمته الفنانة بدار الشباب تقرت و كما ذكرت فإن الطبعة الثانية ستكون أكثر تميزا ومليئة بالمفاجآت والتجدّد من حيث الأفكار والخامات وطريقة العرض، مشيرة إلى أنها سبق وشاركت طيلة السنوات الماضية في معارض خاصة لحماية البيئة والنوادي الخضراء ولعلّ أبرز هذه المشاركات سنة 2018، مع جمعية أمل ومستقبل الشباب بمدينة المغير والأيام الوطنية لفن طي الورق بولاية النعامة، أين تمّ تصنيفها «المرأة الجزائرية الوحيدة التي تمارس فن طي الورق». أما عن تحديات هذا الفن فترى الفنانة صليحة لخشاخش أن عدم وجود مقر أو فضاء يبقى أبرز مشكل في ممارسة فن طي الورق، معتبرة أن من شأن توفر فضاء مناسب أن يساهم في إقامة دورات تدريبية وتوسيع حيز ممارسي هذا الفن، بالإضافة إلى بعض العراقيل التي تواجهها خلال إقامة معارض لهذا الفن نظرا لعدم منح هذا النوع من الفنون فرصته من الاهتمام والعناية. ومع ذلك تسعى الفنانة «صليحة» بهدف تشجيع ممارسة هذا النشاط لتنظيم العديد من الورشات لفائدة المتربصين الراغبين في التكوين بهذا المجال، مشيرة أن الأوريغامي، وفضلا عن كونه فنا وسبيلا لتجاوز عديد المشكلات النفسية فإنه يعد مصدرا للدخل أيضا. يذكر الأوريغامي الذي يحظى برواج كبير في دول شرق آسيا وأوروبا، فيما لا يزال انتشاره محدودا في دول أخرى، يرتبط ارتباطا وثيقا بدخول الورق إلى الصين ويعود تاريخ ظهوره إلى 7000 سنة قبل الميلاد وقد ساهمت أعمال «أكيرا يوشيزاو» في تطويره كما بدأ التفكير في علاقته بالنشاط الذهني خلال القرن 18 على يد علماء الطب النفسي، حيث أكدت الدراسات أن كل طية من الورق تعمل على زيادة كمية تدفق الدم في الدماغ، الأمر الذي يساهم في تنشيط الذاكرة ومعالجة الإعاقات البسيطة والمعقّدة على فترات.