أجمع المشاركون في الندوة الفكرية حول كتاب «المقاربة الدستورية - الجيش وإدارة الأزمة» للكاتب والإعلامي محمد بغداد، مدير الإعلام بالمجلس الإسلامي الأعلى، أن هذه الدراسة فتحت المجال أمام تناول دور المؤسسة العسكرية الجزائرية وقراءة خلفيات إدارتها للأزمة التي تعرفها البلاد، منذ اندلاع الاحتجاج الشعبي في شهر فيفري الماضي، معتبرين أن العمل الذي انجزه بغداد يعد خطوة نحو دراسة ثقافة النظام السياسي الجزائري. الندوة الفكرية التي نظمتها دار الحكمة بالتعاون مع اتحاد الكتاب الجزائريين، شارك فيها كل من الدكتور عمر هارون، الدكتورة سهيلة برحو والإعلامي الباحث نور الدين لعراجي، حيث جاءت مداخلاتهم في شكل مرافعات نقدية للإصدار الجديد الذي قال بشأنه هارون الأستاذ المحاضر بجامعة المدية، إن دراسة المقاربة الدستورية كشفت عن رغبة الكاتب والإعلامي محمد بغداد، في اقتناص الفرصة وتوثيق اللحظة التاريخية، ليكون كتابه شاهدا على التطوّر الذي عرفته الأزمة ومتابعة تعاطي الجيش الوطني الشعبي، مع الإفرازات التي نتجت عنها. مبرزا التناول العلمي والمنهجي في دراسة مثل هذه الحالات، التي لا تخلو من محاذير دونها تخضع للضغوطات اللحظية الزمنية ومختلف اكراهاتها. من جهتها، أكدت سهيلة برحو أستاذة الاقتصاد السياسي، بالمدرسة العليا للعلوم السياسية، بجامعة الجزائر في مداخلتها، أن الأسلوب الذي اتبعه محمد بغداد يعد من أصعب الأساليب كونه يمزج بين عدة مناهج علمية في تتبع تطورات سريعة ومقلقة لظاهرة الاحتجاج الشعبي، دون اغفال المناخ الثقافي والاجتماعي الذي يتحرك فيه هذا الاحتجاج، وهو ما جعل الكاتب يرّكز على التعامل الحذر ويستعين بكثافة اللّغة والرسائل المشفرة التي بقدر ما تجيب على الأسئلة، فإن الكتاب طرح الكثير من التساؤلات والاستفهامات التي تجعل من القارئ يستعين بقدرته على جمع معطيات المشهد حتى يتمكن من مسايرة لغة الكتاب. بدوره توقف نور الدين لعراجي، عند دلالة المقاربة السيسيو - إعلامية، التي اعتمدها الكتاب مؤكدا أن مثل هذه الدراسات بحاجة إلى الكثير من الاستعانة بتلك المناهج العلمية الحديثة، التي تتجاوز العمل الفردي لتكون من انجاز المخابر وفرق البحث العلمي، الأمر الذي يجعل من كتاب المقاربة الدستورية مشروع عمل بحثي جماعي حتى يستطيع أن يستوعب الاشكاليات التي تناولها، إلا أنه اعتبر ان مغامرة الكتاب تعتبر سابقة كونه تناول سلوك مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، الطرف الفاعل في الموضوع، في الوقت الذي اتجه فيه الكثير من الإعلاميين والباحثين إلى الاهتمام بالاحتجاج الشعبي، متجاهلين دراسة مؤسسات النظام السياسي الجزائري. الندوة الفكرية عرفت العديد من المداخلات من طرف الجمهور، الذين تباينت قراءتهم للكتاب والأسلوب الذي اعتمده الباحث، كون مثل هذه المناسبات التي يفتح فيها مجال النقد والنقاش حول القضايا الكبرى للمجتمع، تعتبر قليلة وتكاد تكون نادرة في المجتمع، مثمنين المناسبة التي كانت فيها الندوة فرصة للإطلاع على الكتاب ومناقشة طروحاته من مختلف الزوايا.