يعتبر أخصائيون في علم النفس، أن الطفل من الفئات الاجتماعية الأصعب من حيث التربية و التلقين والتعليم ، وأنه وقتما خابت البرامج و المناهج و الطرائق و الوسائط ، ضاع مستقبل الأجيال بالكامل ، و سقط في الماء، سقوطا حرا لا نهوض بعده، ما لم تُتدارك الأخطاء و تُقوم تقويما صحيحا، و أن الطفل يمثل حلقة هامة في المورفولوجيا الاجتماعية، و يعتمد عليه في أن يكون قائد الطائرة و قبطان القاطرة، يكفي فقط بث فيه الروح الموجبة والطاقة النقية، حتى يبحر بالمجتمع إلى شواطئ المستقبل الموعود، ومن الجوانب التي يهتم بها الأولياء و القائمون على شؤون الناس والمواطنين، غرس في الناشئة الصاعدة، الفن و الرسم و الموسيقى والمسرح والأدب و حب كل ما هو فني راق وجميل، حتى يكون الخلف غراسا قويا ولديه من المقومات، التي تساعده في بناء الذات والمحيط . « الشعب » التقت بالكوميدي و المخرج المسرحي محفوظ زهراوي، وهو أحد الوجوه المسرحية ، التي أكدت بصمتها في المشهد الثقافي، وأثرت في جمهورهاالناشئ من الأطفال، وتحدثت إليه عن مسائل تخص هذه الشريحة، و كيف نكونها ونجعل منها فئة فنية بامتياز. بعبارة واحدة وكلام لا فيه أطناب ولا استرسال أوتنميق وتلميع و محسّنات بديعية، قال المخرج والكوميدي محفوظ زهراوي «، إن لصناعة جمهور ناشئ ، يكون يعشق وعاشق للفن و المسرح، لابد من تقديم إليه عروضا تكون أولا قريبة من قدراته العقلية، وتعالج المضامين الأخلاقية في قالب فكاهي، لأن الطفل يحب كل ما هو مضحك يجذبه ويؤثر فيه ، و أن تكون تلك المواضيع تتناول جوانب من الحياة الاجتماعية، في أمثلة مسرحيات و عروض حول مضامين ورسائل هادفة و مستهدفة، مثل حول الصداقة والأمانة و بر الوالدين، و الحفاظ على البيئة المحيط ، و تقديم العون ومساعدة الناس ، و الرفق بالحيوان ، عروض عن اليتيم التضحية في سبيل صديق و الوطن ، و الوفاء قصص عن الصدق الكذب ، و هي القيم التي يمكن أن نغرسها في الطفل من جهة ، ونجذبه إليها بتقمص شخصيات كارتونية في عرض ما تعرف ب « الماسكوت « ، أي أننا نخاطب الطفل في كل ما هو قيمي و جميل يمس عواطفه و عقله الصغير ، و أن يكون في الشق الآخر ، الممثل المسرحي ذكيا وعبقريا مبدعا، و متفهما للجمهور الصغير و يعي مدركاته و ما يحبه يريد أن يحبه ، و كل هذه الأدوات و الرسائل القيمية « إن صحّ الوصف « ، هي الطريق الى قلوب الأطفال ، في أن يكونوا جمهورا اليوم وغدا حينما يكبرون وينضجون. الطفل مولع بتقليد الكبار ... في جوابه عن المادة التي تقدم و تعرض للطفل أو الناشئة، إن كانت تحاكي و تشبه واقع هذه الشريحة من المجتمع، اعترف الفنان محفوظ زهراوي ، أن العروض إن ابتعدت عن واقع و محيط الطفل لن تنجح ، لأن الطفل، كما يقال « ابن بيئته أكثر مما هو ابن أبيه»، وأن العروض التي تقدم له في أطباق و مسرحيات ملوّنة، مثل الفكاهية والدرامية و التراجيدية المأساوية ، و لكن بنهايات سعيدة ، لبعث الروح الموجبة و الأمل في نفسية الطفل ، يتوجب في تلك العروض أن تحاكي وتضاهي واقعه المحيط حتما، وهي حتمية مفروضة على صاحب ومقدم تلك العروض الفنية الجميلة، و لو كانت فيها من الخيال والإبداع العبقري، فالنهاية هي أن تتضمن رسالة واقعية، تتجسد في الأخوة أو الصدق أو الوفاء أو النظافة و الحفاظ على البيئة ، أو تقديم المساعدة للضعيف الفقير، ونبذ الحيل و الكذب و التصرفات السلوكيات التي تترجم في مشاهد للطفل « السيئ » ، وهنا شدّد على شخص الممثل، وهو يستعرض مسرحياته أمام جمهور البراءة الناشئة، و قال إنه يتوجب عليه أن يتقن عمله و يجيد تقمص الدو، بل إنه يفترض فيه أن يصير وهو يؤدي دوره « طفلا »، ويجعل الجمهور طرفا وعنصرا في المسرحية . وبالمثال قال، إنه خلال تقديم عرض عن الدراسة و حب التعلم و الاجتهاد في الدروس، قال بأن من الأطفال الذين حضروا المسرحية ، تقمصوا بعض الأدوار ، و كرروها بين أهاليهم ، و ليس ذلك فقط ، و استرسل في حديثه ، أن من بين فريقه الطفلة « دنيا » و أخريات، تأثرن أولا بعفويته وبما يقدمه وطريقته في التعامل الواقعي معهن، إلى أن أصبحن و هن بين ال 9 و 17 سنة من أهم عناصر فرقته و مجموعته في المسرح جمعيته، و التي أسماها «دنيا فنون « ، تيمنا بالطفلة الصغيرة، و ربما الأصغر بين الممثلين في جزائرنا، ولو أنهن لم يتأثرن بشخص الفنان والممثل، و المواضيع المعالجة فوق الخشبة، و استحسانه لكل ذلك في سلوكيات خلاقة واقعية قيمية سامية مثالية، لما نجح ، بل و نجحوا جميعهم في تكوين جمهور و فريق عارض، وعاشق لأبي الفنون. ختم الفنان والمخرج المسرحي «محفوظ زهراوي» ، في عبارة وطرح، أن كسب وخلق جمهور ناشئ يجب أن يعود مثلما كان، وعلى أمثاله و من يُلتمس منهم القدوة والمثالية، أن يبعثوا الثقة في المحيط الاجتماعي عموما، حتى تبعث الروح في المسرح، و أن تكثف تُنجز المسارح في كل بلدية وحي ومدينة ، وتتحقق المقولة الخالدة لشكسبير « أعطني مسرحا أعطك شعبا عظيما».