تركّز الدولة على الاستثمار الفلاحي بولايات الهضاب العليا لما لهذه المناطق من امكانات مادية وبشرية، وتعد ولاية تيارت من المناطق الرائدة في زراعة الحبوب، وتعدّتها خلال السنوات الماضية الى الانتقال الى زراعة البقوليات والخضروات وتربية النحل، وإيجاد موارد مائية للانتقال الى السقي المحوري، وتعتبر الجهة الشمالية للولاية من أخصب الاراضي، حيث وصل مردود بعضها إلى 40 قنطارا في الهكتار. في هذا الإطار، تقرّبنا من مدير المصالح الفلاحية السيد امحمد يحيى محمد، الذي وافانا بأنّ الأراضي الفلاحية بولاية تيارت تقدّر بمليون و589 ألف و530 هكتار، منها 688725 هكتار صالحة للزراعة بنسب متفاوتة، منها 120260 هكتار خاصة بزراعة القمح الصلب تتركز بالمناطق الشمالية للولاية، و37130 للقمح اللين و162180 مخصّصة لزراعة الشعير و5430 للخرطال. وقد حقّقت الولاية خلال الموسم الفلاحي المنصرم إنتاجا قدّر ب 3 ملايين و671700 قنطار بمعدل 13 قنطارا في الهكتار كمعدل رغم التساقطات الهزيلة للأمطار، خاصة في وقت الذروة شهري مارس وأفريل، غير أنّ الجهة الشمالية للولاية كمناطق الرحوية ومشرع الصفا وواد ليلي ومغيلة والدحموني حققت نسبة 40 قنطارا في الهكتار نظرا لخصوبة تربة المنطقة وعدم تساقط الجليد بها وتربتها السوداء التي تنتج الحبوب. وقد شهدت ولاية تيارت خلال المواسم المنصرمة قفزة نوعية في الاستثمار الفلاحي وإدخال تقنية السقي، حيث خصّصت مساحة 12 ألف هكتار مسقية عن طريق تقنية السقي التكميلي، وخلال هذا الموسم تتواصل عمليتي الحرث والبذر، حيث وصلت النسبة المئوية الى 75 بالمائة بتضافر جهود جميع الشركاء المهنيين والثقافة الفلاحية التي اكتسبها الفلاحون من خلال التقرب من المصالح المختصة كالتقنيين والمهندسين والفاعلين في الفلاحة. وتمّت العملية حسب السيد امحمد يحيى، محمد مدير الفلاحة، بتقنيات متقدمة كالحرث العميق والتسميد التقني الحديث، والبذر عن طريق آلات الزراعة، كما تمت عملية محاربة الأعشاب الضارة عن طريق التسميد ونزع الحشائش قبل انتشارها، وهي الطريقة التقليدية التي أتت أكلها. وحسب ضيفنا، فإنّ الشباك الموحّد ساهم كثيرا في تقديم خدمات للفلاحين، وتجنب الاكتظاظ بتقسيمات الدوائر ومديرية المصالح الفلاحية بإشراك الفاعلين أو المشكّلين للشباك كتعاونيات الحبوب والخضر الجافة، وبنك التنمية الفلاحية وصندوق التأمينات الفلاحية والصندوق الوطني للتعاون الفلاحي. وعن ظاهرة محاربة جرذان الحقول التي اجتاحت بعض مناطق ولاية تيارت، قال السيد يحيى محمد إن مصالح مديريته تصدّت للظاهرة وقضت عليها في مهدها، حيث مسّت العملية خمس بلديات وتمّت محاربتها بنسبة 90 بالمائة في ظرف قياسي. وحسب محدّثنا، فإنّ المعالجة كانت بطريقتين الأولى ميكانيكية والثانية تقنية، وقد أتت أكلها ممّا أجّل بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، والتي أضرّت بالفلاحين البسطاء أصحاب قطع أراضي ذات مساحات صغيرة. الاكتفاء الذّاتي في البقوليات ولاية تيارت استثمرت خلال السنوات المنصرمة في زراعة وإنتاج البقوليات كالعدس والحمص والفاصولياء، حيث أثبتت التجارب نجاعة المشروع ممّا شجّع الفلاحون لزراعتها لكون الفترة الاولى شهدت تخوفا من عدم نجاح التجربة، حيث عمل الفلاحون في الجهة الشمالية على زراعة 8752 هكتار، وتمّ جني أكثر من 57800 قنطار، وأسفرت العملية على تسويق المنتوج في وقت قياسي، وسيؤدّي مستقبلا الى الاكتفاء الذاتي بالنسبة لسكان تيارت. ولاية تيارت خاضت في السنوات الماضية تجربة زراعة والاستثمار في الخضر، حيث تمّ تخصيص 13600 هكتار للزراعة، وأدّت العملية إلى جلب مستثمرين أصحاب خبرة من ولايات معسكر، عين الدفلى وتيبازة، ممّا أكسب الفلاحين خبرة زراعة وإنتاج الخضر أدت الى انخفاض أسعارها، ولا سيما البطاطا التي نزل سعرها إلى 20 دج للكلغ الواحد، فحسب مدير الفلاحة لولاية تيارت فإنّ المساحة المخصصة للبطاطا تعدت 5200 هكتار، أنتجت أكثر من 2 مليون قنطار خلال موسم فصلي بمعدل 385 قنطار في الهكتار، وتم تخصيص 420 هكتار لإنتاج البذور المنتقاة. أما مادة البصل فقد تمّ تخصيص 4400 هكتار بمعدل إنتاج فاق 600 قنطار في الهكتار، حيث تمّ جني 2640 قنطار، ونشير وحسب الفلاحين الذين حاورناهم يبقى مشكل التخزين عائقا أمام إعادة التجربة لكونهم تعرضوا إلى خسائر فادحة لا تزال أكوام البصل متناثرة في الحقول، ومنها ما جرفتها المياه وأدى الى كساد تجاري. كما تمّ تجربة زراعة الثوم لدى فلاحي تيارت، حيث تم غرس 46 هكتارا وجني 7 آلاف قنطار بمعدل 152 قنطار في الهكتار الواحد. تجربة غرس الطماطم كانت ناجحة هي الاخرى، إذ تم استثمار هذه المادة التي تصدر الى وسط الجزائر ب 66 الف هكتار بمعدل 300 قنطار في الهكتار، وتبقى ولاية تيارت تضيف إلى رصيدها الاستثمار في الفلاحة التي تعد أكبر ضامن للاكتفاء الذاتي الوطني والمحلي.