بيانات الأقمار الصناعية لوضع خريطة مناطق الإشعاع الشمسي إنشاء مخبر لتقديم شهادة جودة الألواح الشمسية المحلية هي خيار المستقبل الذي تراهن الجزائر على تحقيقه من خلال الإستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة الفعالية الطاقوية، التي أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأمن الطاقوي للبلاد، وسط التغيرات الجيواستراتيجية التي هزت العالم بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، التحول أو الانتقال الطاقوي أصبح خطوة أكيدة لسياسة دولة تبني نفسها لأفاق يصنعها اقتصاد أخضر ركيزته طاقات متجددة سيخلص تبعيتها للمحروقات، وقد كان إنشاء محافظة للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية تجسيدا ميدانيا لها. اقتربت «الشعب» -على هامش الصالون الوطني للكهرباء والطاقات المتجددة- من مختلف الأطراف المعنية بالانتقال الطاقوي لتنقل لكم الخطوات المجسدة على أرض الواقع بغية تحقيقه كخيار نحو اقتصاد أخضر ونظيف. تجمعات سكنية ومساجد بالطاقة الشمسية قال كريم قرنوطي، رئيس مصلحة العلاقات الخارجية بمركز تنمية الطاقات المتجددة، أن المركز حدد خمس ميادين في الطاقات المتجددة أولها وأهمها الطاقة الشمسية الكهروضوئية لامتلاك الجزائر إمكانيات كبيرة في هذا المجال، بل تعتبر إحدى الدول الكبيرة في هذا النوع من الطاقة لوجود مناطق شاسعة خاصة في الصحراء تمثل أكبر نسبة من مساحاتها. حيث يقوم بأبحاث لتحديد حقول الودائع الشمسية لوضع خريطة للطاقة الكهروضوئية للإشعاع الشمسي الكبير، بغية تسهيل عمل المستثمرين في هذا المجال أي الاستثمار في الطاقة الشمسية. أكد أنه من خلال الدراسة البحثية والميدانية في تشخيص الأنظمة أقام محطات للطاقة الكهروضوئية لتغذية تجمع سكاني ما لتصبح مدمجة في الشبكة الوطنية للكهرباء الطاقة الكهروضوئية، حيث يعمل بالشراكة مع شركات أجنبية أهمها الشراكة الاسبانية، الأمريكية، والهولندية هذه الأخيرة يعمل معها المركز على إنشاء مخبر يسمح بتقديم شهادة جودة ومردودية الألواح الشمسية للمتعاملين الاقتصاديين المستثمرين في هذا المجال. كشف انه وعلى مدى عشر سنوات يعتمد المركز على بيانات الأقمار الصناعية والأحوال الجوية لوضع خريطة مناطق الإشعاع الشمسي، وتم تحديد تركيزها انطلاقا من الصحراء وصولا إلى المناطق الهضاب العليا، حيث أين تكون الفتونات الضوئية دائمة قوية على مدار السنة ما سمح بإنشاء محطات للطاقة الكهروضوئية أو الضخ المائي أو العزل بها، مع إدماج تلك الخريطة كتطبيق موجود في الهواتف الذكية. كما تعتبر الأبحاث التطبيقية أحد المهام الرئيسية للمركز في المشاريع المعتمدة من طرف مديرية البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، فيما يخص تزويد البنايات بالطاقة الكهروضوئية سواء من خلال تركيب الألواح الشمسية على أسطحها، أو تحديد أبعاد المنازل والمساجد وكذا الإنارة العمومية، ولبلوغ الانتقال الطاقوي تعمل المخابر الموجودة على توعية المواطنين بضرورة اللجوء إلى مثل هذه الطاقة النظيفة، لأنها طاقة مستدامة ونظيفة لتخفيها من انبعاث ثاني أوكسيد الكربون. عن أهم ما تم تحقيقه على أرض الواقع، قال كريم قرنوطي إن المركز بدأ في تركيب الألواح الشمسية في المساجد وبعض المناطق النائية كأدرار، غرداية وتمنراست وكذا استعمالها خاصة في الضّخ المائي لصعوبة إيصال الكهرباء بالطرق التقليدية إليها بسبب ارتفاع تكلفتها وكذا طبيعتها الجغرافية الخاصة، لذلك يفضل الفلاحون الاعتماد على الطاقة الكهروضوئية خاصة وأن الدولة تقدم لهم دعما ماديا ما يمكنهم من تحمل التكلفة. إلى جانب بدء الاعتماد عليها في الإنارة العمومية، كما يتم إدماج هذه الطاقة في قطاع النقل من خلال الأبحاث التطبيقية التي يقوم بها قسم الهيدروجين لبطاريات احتراق لتخزين الهيدروجين لاستعماله في السيارات التي تسير بعضها بالهيدروجين أو القطارات كتلك المستعملة في أوروبا، فعندما نقرأ كلمة «أبريد» على البطارية فهذا يعني كهربائية فالبطارية هنا تقوم باستخراج الطاقة من الوقود في المخزن مثل المُحرك، لكن على عكس المحرك، فإنّ خلية الوقود لا تحرق الهيدروجين بل تفاعله مع الأوكسجين من الهواء لصنع الماء هيدروجين. مجال آخر تحدث عنه قرنوطي هو الطاقة الشمسية الحرارية تستخدم في عدة مجالات من بينها السخان الشمسي الذي يستعمل ألواح شمسية خاصة بهذا النوع من الطاقة الحرارية، للحد من استعمال الطاقات الأحفورية خاصة الغاز الطبيعي، وتستعمل أيضا في عملية التجفيف مثلا في تجفيف الفواكه كالزبيب، البرقوق والمشمش، وكذا في العزل الحراري للمباني. الرياح الأفضل بعد الشمس كما ذكر قرنوطي في حديثه إلى «الشعب» أن الطاقة الريحية هي أفضل خيار بعد الطاقة الشمسية لذلك قام المركز بتحديد حقول للأماكن التي تعرف رياحا بصفة دائمة من خلال تحديد اتجاهه ومساره، ما مكّن من وضع مزرعة للرياح في أدرار بالشراكة مع الإسبان مدمجة في الشبكة الوطنية للكهرباء حيث يستفيد السكان المحيطون بالمزرعة من الكهرباء المنتجة من طاقة الرياح. كاشفا أن أغلبية حقول الرياح موجودة في الهضاب العليا ك «سطيف»، برج بوعريريج وبعض المناطق الصحراوية. الطاقة الحيوية خيار آخر للطاقات المتجددة في الجزائر، وهي طاقة تستخرج من المخلفات العضوية كقشور الخضر التي تحلل لاستعمالها كالغاز الحيوي، ما جعل المركز يعقد اتفاقية مع الفلاحين للحصول على المخلفات العضوية، منوّها ان 90 ٪ من سيارات البرازيل تستعمل الوقود الحيوي المستخرج من هذه الطاقة. وحول نجاح الانتقال الطاقوي، أكد قرنوطي أن لإنجاح مثل هذه المشاريع لا بد من إرادة سياسية قوية لأن الإمكانيات المادية والبشرية والجغرافية موجودة ومتوفرة لتفعيلها على أرض الواقع، مُثّمنا إنشاء محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية لجمع مختلف الأطراف المعنية بمراكز البحث الجامعية والمتعامل الاقتصادي لإنجاح التحول الطاقوي الى الطاقة الخضراء بصفة تدريجية، معتبرا إياه تجسيد ميداني وحقيقي للإستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة التي وضعت هدف تحقيق 15 ألف ميغاواط في آفاق 2034. تحقيق الاكتفاء والتصدير ممكن من جهته، قال الباحث عبد الغني بوالشحم بمركز البحث في الطاقات نصف التكنولوجيا أن الإرادة السياسية الصادقة وإشراك المواطن في إستراتيجية الانتقال الطاقوي من خلال ترشيد استهلاكه للطاقة سيكونان العاملين المهمين لإنجاح مشروع التحول الطاقوي بالتخلي التدريجي عن الطاقات الأحفورية وتعويضها بالطاقات المتجدّدة. عن المركز كشف أن مهمته الأساسية هي صناعة الخلايا الشمسية والسيليسيوم الموجود في الرمل مادته الأساسية حيث يستخرج كمادة صلبة تتعرض للمعالجة الحرارية للحصول على رقائق السيليسيوم مجموعها يعطينا لوح شمسي، لإنتاج الكهرباء. في مقارنة مع الثلاث سنوات الفارطة، لاحظ بوالشحم أن الجزائر في الثلاث سنوات الأخيرة عرفت تحسنا على مستوى طاقة الإنتاج القصوى والتكلفة، مقدما مثال الصينيين الذين خفضوا سعر الألواح الشمسية، لذلك إن توفرت الإرادة السياسية الصادقة سيستطيع الباحث الجزائري الوصول إلى اكتفاء السوق الجزائرية بالصناعة المحلية للألواح الشمسية خاصة وأننا نملك المادة الأساسية السليسيوم، وكذا مجال استعمالها، مع وجود طاقة بشرية ذات كفاءة على مستوى البحث العلمي. مؤكدا في ذات السياق، إن الانتقال الطاقوي يحتاج إلى توعية وتحسيس المواطن من أجل استهلاك عقلاني للطاقة لذلك لا بد من تغيير عقليته لترشيد الاستهلاك بسلوكات يومية للطاقات المتجددة المستدامة، لأن الألواح الشمسية تحتاج إلى صيانة ما يزيد من تكلفتها والتي يجب أخذها بعين الاعتبار. ولاحظ أنه منذ نزول أسعار البترول أصبحت الدولة تعتمد على الاقتصاد الأخضر والطاقة البديلة، لأنها مستدامة، مع العلم أنها غير مضرة بالبيئة تستطيع الجزائر تحقيق الاكتفاء فيها، بل تصدير الطاقة فيما بعد كمرحلة ثانية للانتقال الطاقوي. المشاريع الجديدة معنية بتقنية «لاد LED» لاحظ معيز حاج احمد مصطفى، مسؤول الصفقات لشركة «ديمال» للطاقة والكهرباء، أن توجه المواطن الجزائري في الآونة الأخيرة نحو الطاقات البديلة أو الخضراء أصبح واضحا وجليا خاصة وأنها غير مضّرة بالبيئة، تعمل على خفض تسعيرة الكهرباء بشكل كبير عند إدماجها فيها. فمن سنة إلى أخرى يأتي المواطنون خاصة الفلاحين المعزولين عن الشبكة العمومية للكهرباء للتقرب إلى شركة «ديمال» للطاقة الشمسية للبحث عن حلول. العائق الوحيد الموجود أمامهم -بحسبه- هو سعر تركيب الألواح الشمسية، لأن الطاقة الشمسية تدفع المنظومة ككل حيث لا يستفاد من مردوديتها إلا مع مرور السنين، لذلك ينتظر المواطن أن تخصص الدولة دعما لهم فيما يتعلق بتركيب ألواح الطاقة الشمسية، كما فعلت الوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيده التي تدعم تركيب السخانات الشمسية ذات سعة 200لتر ب 45 ٪ ما يصل إلى 50 ألف دج، متمنيا في ذات السياق أن يصل هذا الدعم في مجال استعمال الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية، كاشفا عن وجود تفكير جدي واستراتيجي موحد لاستغلال الطاقة الشمسية في مجال توزيعها والمحافظة عليها. أوضح معيز حاج احمد مصطفى أنه وبسبب أن 60٪ من ميزانية البلديات موجهة إلى الإنارة العمومية حيث فرضت الدولة على كل المشاريع الجديدة أن تعتمد على تقنية «لاد LED» وتقنية الطاقة الشمسية لخفض استهلاك الطاقة، أما المشاريع القديمة فيتم استبدال المصابيح ذات الاستهلاك العالي للكهرباء بأخرى مقتصدة لها بمعدل استهلاك أقل بمرتين ونصف، إلى جانب المساجد والمدارس العمومية حيث سيعمم فيها استعمال الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء وأيضا السخان الشمسي، كاشفا أن تركيب الألواح الشمسية في المدارس، انطلق منذ سنتين تقريبا. أما فيما يتعلق بتكلفة الطاقة الشمسية قال معيز حاج احمد مصطفى، إن الأجهزة المصنعة في الجزائر ساهمت في خفض فاتورة تركيب الألواح الشمسية رغم استيراد العاكس الكهربائي، مشيرا إلى أن التحفيزات الجبائية والجمركية التي تقدمها الدولة ستساهم حتما في خفض أسعارها، كما لاحظ إقبال الفلاحون في المناطق الصحراوية والهضاب العليا على استعمال المضّخات المائية الشمسية التي يصفونها بأنها ذات فعالية أكبر مقارنة مع المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل. وقفت «الشعب» على تجربة مواطن يقطن في إحدى المناطق النائية بولاية بسكرة والذي كان يستعمل مولد الديزل لاستخراج الماء من البئر، لكن وبسبب المشاكل الميكانيكية والأعطاب لجأ إلى شركة «ديمال» بهدف تركيب مضّخة مائية شمسية قوّتها 15 حصان، وعمقها 194 م وقد أعطت نتائج طيّبة في الاستعمال الفلاحي، إلى جانب تجربة أخرى بعين صالح وورقلة مرتبطة مجال تربية المائيات أين ركبت «ديمال» منذ سنتين مضختين للماء تعتمدان على الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة وسعة كل واحدة منهما 3 أحصنة أو 5 أحصنة، واستعمال سخان مائي يعمل بالطاقة الشمسية لتسخين الأحواض المائية. كما تشارك المؤسسة في الحملات التحسيسية حيث تتعاون مع مديريات الفلاحة وكذا الصالونات الوطنية وطبعا في استراتيجيات العمل لترقية استعمال الطاقة الشمسية حتى تكون الطاقات النظيفة بديل عن الطاقات التقليدية. كما تتعاون مؤسسة «ديمال» -بحسبه- في مجال البحث العلمي مع الخبرات الموجودة في مراكز البحث الذي يتواجد به باحثون ذو كفاءة علمية كبيرة لتوفير الأجهزة حيث ساعدونا في التطبيقات وفي تحسين نوعيتها حتى أصبحت لا تحتاج الرجوع إلى المصنع الأجنبي في أعمال الصيانة. إلى جانب تعاون مركز الطاقات المتجددة ببوزريعة، أيضا مع بعض الجامعات من خلال الاستفادة من خبرة الأساتذة والباحثين والطلبة الجامعيين، مشيدا بالدور الذي تلعبه المؤسسات الناشئة التي يملك أصحابها أفكارا جيدة يجب استغلالها، مؤكدا أن مستقبل الجزائر يلعب على هذا الدور. مذكرا في ذات السياق، أن شركة «ديمال» للطاقة الشمسية متواجدة في السوق الجزائرية منذ 2012 تقدم خدمة دراسة مشاريع، تركيب وتوزيع المعدات الشمسية في مختلف مجالات استعمالاتها كالإنارة العمومية، تسخين المياه، الاستعمال المنزلي واستعمال الإنارات العمومية الى جانب ضخ المياه في المجال الفلاحي.