ألقت الثورات العربية، بضلالها على أشغال الدورة الخامسة للمجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية، المنعقدة بالجزائر العاصمة برئاسة الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة نوارة سعدية جعفر، حيث رافعت المشاركات الممثلات ل15 دولة عربية، لصالح تفعيل دور المنظمة من خلال تجسيد مختلف سياساتها وخططها الرامية إلى ترقية المرأة بما يتماشى والتحولات الراهنة التي تعيشها المنطقة العربية، فيما طالبت البعض منهن بتوفير حماية أكبر للنساء المتواجدات في مناطق النزاع، ودعت أخريات إلى استغلال تغيير أنظمة الحكم ببعض الدول، لتوثيق حقوق المرأة العربية قانونيا خلال إعداد الدساتير الجديدة. تميزت الدورة الخامسة، للمجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية التي انطلقت أشغالها أمس بقصر الأمم نادي الصنوبر، غرب العاصمة، بحضور مميز، للوفود العربية، حيث مثلت 15 دولة عربية وزيرات القطاعات المتعلقة بشؤون المرأة، وناب سفراء عن ممثلات بلدانهم، كما كان الشأن للسفير المصري بالجزائر، وسفير دولة الإمارات العربية، فيما غابت بعثة سوريا نظرا للظروف المؤسفة التي تمر بها، والتي تركت المنظمة تجمد عضويتها إلى غاية تحسن الأوضاع، وحل جميع المشاكل العالقة. وفي كلمة مقتضبة ألقتها، بالمناسبة، أكدت رئيسة الدورة، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة نوارة سعدية جعفر، أن الحضور المتميز للوفود العربية يحمل الكثير من الدلالات القوية لهذا الحدث، الذي يجمع مشرق الأمة بغربها في لقاء توحده القناعة المشتركة بحتمية الاندماج، والتعاون والتنسيق المستدام، من أجل تفعيل وتعزيز دور النساء في مجتمعاتنا، وهي الغاية التي أسست لأجلها منظمة المرأة العربية. وصبت مداخلات المشاركات، في بوتقة واحدة، تدعو إلى استغلال الظروف الراهنة والتحولات التي طرأت على المنطقة العربية لاسيما تلك التي شهدت ثورات شعبية، لانتزاع مكانة أكبر للمرأة وترقية دورها بما يمكنها بالمشاركة في مسار التنمية الشاملة لوطنها. إعداد ميثاق عربي لحقوق المرأة وفي هذا السياق، قالت ممثلة الوفد الأردني، ليلى شرف إن «المنطقة العربية تمر بمرحلة حاسمة ستحدد فيها ملامح المستقبل ومن الضروري أن تدخل المرأة في صميم النقاش المتعلق ببناء الديمقراطيات الجديدة ليس فقط من أجل دورها النضالي في الحرية والديمقراطية وإنما من أجل ترسيخ مفهوم جديد قائم على المساواة والعدالة الاجتماعي باعتبارها الضمان الوحيد لتحقيق هذه الديمقراطية» وأكدت أن «زمننا الحالي هو الوقت الأنسب لتقييم وضعية المرأة» داعية إلى العمل على إعداد ميثاق عربي لحقوق المرأة يأخذ بعين الاعتبار تداعيات الحراك العربي بما يخدم مصلحة المرأة العربية، لأن هذه المرحلة تمثل فرصة حاسمة ولفتيات المنطقة العربية، وفي نفس الوقت هي مرحلة ستواجه فيها حقوق المرأة مخاطر حقيقية وهناك احتمال لأن تتعرض المرأة ليس للتهميش فقط بل لتفقد مكتسباتها لاسيما في النطاقات التي شاركت فيها المرأة في الربيع العربي. ووافقت سهام بادي ممثلة تونس، ووزيرة شؤون المرأة والأسرة، رأي رئيسة الوفد الأردني، حيث دعت إلى عدم إقصاء المرأة في عملية المشاركة في رسم الخطط السياسية والاقتصادية التي تحدد مستقبل البلدان العربية خاصة وأن هذه الأخيرة تتوفر على كفاءات بشرية نسوية عالية تؤهلهن للمساهمة في المشاركة في اتخاذ أهم القرارات الاقتصادية منها والسياسية. وشددت الوزيرة التونسية على ضرورة تكثيف الجهود، على مستوى منظمة المرأة العربية، للمحافظة على المكتسبات التي حققتها المرأة العربية في العقود الماضية، والعمل على انتزاع اكبر قدر ممكن من الحقوق في ظل التحولات التي تعرفها بعض الدول العربية، داعية في هذا الصدد إلى اغتنام فرصة إعداد الدساتير الجديدة، لتوثيق حقوق المرأة العربية قانونيا. أما رئيسة وفد السودان، وبعد أن أشارت إلى الظروف التي تنعقد فيها أشغال الدورة الخامسة للمجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية، حيث تشهد المنطقة العربية تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة تمثل بعضها في ثورات شعبية أطاحت بأنظمتها من اجل تحقيق العيش الكريم والديمقراطية وبعضها في نضالها السياسي لقادتها رغبة في الإصلاح، شددت على ضرورة أن تكون منظمة المرأة العربية السباقة لإحداث إصلاحات، في هياكلها وبرامجها لتلبية حاجات الشعوب العربية في النهضة والتنمية والعيش الكريم، وهو ما يتطلب «منا مضاعفة الجهود». وأردفت قائلة: «إن كنا نريد لهذه المنظمة أن تنطلق فعلينا أن نواكب التطورات من حولنا ونحدث ثورة بأنفسنا، تلبي تطلعات شعوبنا، وذلك يتطلب إحداث تغييرات جذرية في الرؤية وسياسة المنظمة وكذلك احداث تغييرات في البرامج وإعادة النظر في هيكلها بحيث تتحول إلى منظمة شعبية جماهيرية تضع نصب أعينها مشاكل النساء على كل المستويات». وأكدت أن النساء العربيات، تردن من المنظمة «أن تكون بوتقة تنصهر فيها توجهاتهن وتتوحد فيها رؤيتهن وتجسد التكافل والتراحم والتكامل العربي». خوف وقلق من العنف الممارس ضد المرأة في مناطق النزاع وأبدت رئيسة الوفد اللبناني، فادية كيوان، قلقلها من أوضاع المرأة في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، حيث ارتفع العنف الممارس ضدها في عدد من الدول، مما سبب أخطار مادية ونفسية لها، داعية كل المؤسسات بما فيها منظمة المرأة العربية إلى بذل مزيد من الجهود لوقف النزاعات المسلحة، وكسر حلقات العنف، وتوفير فرص الحوار لتسوية وإرساء قواعد حياة مستقرة وعادلة، كما دعت المشاركات إلى البحث في ما وراء الخطابات السياسية التي أطلقها بعض المسؤولين السياسيين لرصد حقيقة وضعية المرأة، ودورها في ظل الأوضاع المستجدة، مشددة على ضرورة أن تعامل المرأة بالعدل وأن تكون شريكا حقيقيا مع الرجل في صناعة مستقبل بلدها. وخلصت إلى القول إلى أنه لا استقرار ولا ديمقراطية ما لم تكن المرأة شريكة كاملة في كل المسارات. ومن جهتها طالبت الوزيرة المغربية للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي بتوحيد أراء البلدان العربية إزاء قضايا المرأة من أجل تقوية مكانتها على المستويين العربي والدولي مراهنة بالمناسبة على دور منظمة المرأة العربية في هذا الشأن، باعتبار هذه المنظمة «احد رموز وحدتنا ومؤشر لمستوى تقدم موقع المرأة سياسيا واقتصاديا». وأقرت وزيرة التربية والتعليم بسلطنة عمان مديحة بنت احمد بن ناصر الشيبانية بأن التحديات التي تحول دون ترقية المرأة وتمكينها سياسيا واقتصاديا «مازالت جسيمة وتستدعي مضاعفة الجهود لتعزيز دور المرأة خاصة في ظل التحولات التي تعرفها بعض الدول العربية». وذهبت وزيرة الشؤون الاجتماعية لدولة ليبيا مبروكة شريف جبريل، في نفس الاتجاه، حيث أكدت أنه «من الضروري أن تستمر المنظمة المرأة العربية في خدمة قضايا المرأة لتكون العنصر الفعال في بناء غد أفضل للمجتمعات العربية».