- لامركزية معهد باستور تعزيز الكشف المبكر - اللجنة الطبية إطار علمي لرفع درجة التنسيق والإنذار - الأطفال لا يصيبهم الفيروس لكنهم ناقلون له لذلك وجب إبقاءهم في البيوت اعتبر الدكتور طه خالدي أن أهم عنصر للوقاية من وباء «كورونا» هو الحجر الصحي، وإذا استمر على هذا الشكل او خفت مظاهر الخروج الى الشوارع سوف يمكن من تخطي المرحلة بأمان، خاصة اذا تم التقيد بالتعليمات المتعلقة بالوقاية من الوباء، وأضاف استاذ البيولوجية وعلم المناعة من جامعة عنابة، بأننا تجاوزنا الاسبوع الاول من الحجر بعدد قليل من الاصابات لكن يبقى الاسبوعان المقبلان التحدي الأكبر باعتبارهما فترة الحضانة، داعيا الى الاستفادة من تجربة ايطاليا حيث كان عدد الوفيات بها قليل في الاسابيع الاولى، لكن عدم التزامهم بالحجر الصحي أدى الى وقوع الكارثة، وعجز حكومتها حتى على دفن او حرق موتاها. «الشعب»: الجزائر كغيرها من دول العالم تسجل ارتفاعا في عدد الاصابات والأموات، هل يمكنكم منح القارئ نبذة عن الفيروس؟ الدكتور طه خالدي: نعم نلاحظ الانتشار الفظيع لهذا الوباء العالمي، الذي مس المعمورة كاملة، بأخطار متفاوتة، والجزائر واحدة من ضمن هذه الدول التي مسها كورونا فيروس ونلاحظ الارتفاع اليومي للحالات المسجلة وزيادة في عدد الوفيات، وهذا الوباء الذي يسمى كوفيد 19، وتعني كلمة كو: كورونا فروس، anoroc suriv، وأطلقت عليه هذه التسمية باللغتين الفرنسية والانجليزية، نتيجة للتاج الذي يحيط به، وهو مشكل من دهنيات وبروتينات،، اما حرف v والقصد منها الفيروس بالانجليزية، ورقم 19 إشارة الى المدينةالصينية اوهان التي ظهر بها اواخر سنة 2019، وهو ينتمي الى عائلة «كورونا فيريداي « وهذه العائلة تضم ايضا عدد من الفيروسات غير المعروفة، منها فيروس « سارس 1 « الذي ظهر في سنة 2002، تسبب في الكثير من الاصابات وانتشار العدوى وتسجيل المئات من الموتى، ولحسن الحظ انقرض هذا الفيروس، لأنه لم يستطع التأقلم مع الجسم البشري، وبعد مرور 10 سنوات، اي في سنة 2012، ظهر فيروس آخر من نفس العائلة فيروس «فيريداي « ويسمى فيروس مارس، وأولى بداياته كانت في الشرق الاوسط مثل السعودية، وتسبب في وفيات كثيرة، ولا يزال الى حد اليوم منتشرا بصفة اقل حدة. أما كورونا فيروس فهو لا يعتبر كائن حي، لا يعتبر كغيره من الفيروسات، لانه يفتقر الى شرطين أساسين شروط الكائن الحي وهما، لايستطيع التكاثر خارج الاجسام، حيث يموت بعد فترة قليلة، اما الامر الثاني فهو لا يتكون من خلايا، وشكله عبارة عن حمض نووي، ADN AR. والفيروس الذي نحن بصدد الحديث عنه عنده حمض نووي من نوع ARN، محاط بطبقة من البروتين والدهنيات فقط، لدلك فهو يحتاج الى الدخول الى جسم انسان او حيوان للعيش وعندما يدخل الى جسم الانسان يقوم بحقن حمضه النووي داخل الخلايا، ويبرمج هذه الخلايا لتنتج له البروتينات الضرورية لتكاثره داخل الجسم، ويشكل بذلك خطرا كبيرا على جسم الإنسان، ويصيب الرئتين والشعب الهوائية. ما هي أهم الحالات التي يتعرض لها الفيروس؟ الفيروس يصيب جميع الناس عن طريق العدوى، وتتمثل في طريقتين الاولى مباشرة وتكون بلمس شخص مصاب، او انتقال الرذاذ عند الحديث معه أو عند السعال او العطس تنتقل مباشرة من الشخص المصاب الى غيره، وبطريقة غير مباشرة اذا لمس الشخص المصاب الاسطح كمقبض الباب او مقعد بالحافلة، او مواد معروضة للبيع... الخ، ثم يلمسها شخص غير مصاب فان الفيروس ينتقل اليه مباشرة، ما يعني أن كورونا فيروس ينتقل الى جميع الافراد. هل الأطفال غير معرضين للإصابة لغياب عنصر الاستقبال بأجسامهم؟ في المقابل أريد ان أزف بشرى للأولياء وأقول بأن الاطفال غير معنيين بالإصابة بهذا المرض، لأن جهازهم التنفسي غير متطور، أي بمعنى العنصر المستقبل لهذا الفيروس غير موجود عند الاطفال، خاصة اقل من 10 سنوات أو 15 سنة، فهم غير معرضين للمرض، ويمكن للفيروس الولوج الى اجسامهم لكنه ينتهي هناك لان اجسامهم لا تحتوي على العنصر المستقبل وهذا لا يعني تركهم يحتكون بالناس، ولكن هذه الفئة هي الاكثر تعرضا لهذا الوباء دون ظهور الاصابة في نفس الوقت، لماذا ؟ لأنهم يصبحون ناقلي الفيروسات الخبيثة الى اجسام اخرى تمثل الارضية الخصبة للتكاثر الفيروسي، ولها السبب تم الزام الاطفال ببيوتهم ومنعهم من الخروج، ونفس الامر ينطبق على الاشخاص البالغين ويمتلكون جهاز مناعة جيد، فهم يعتقدون أنهم أصحاء، ويتجاهلون انهم سبب في انتقال الفيروس من اجسامهم المقاومة الى اجسام اخرى لا تستطيع المقاومة. اما النوع الثاني، فهو الانسان البالغ الذي تكون صحته جيدة وليست له امراض مزمنة، ويملك جهاز مناعي يعمل بشكل جيد، فلا يشكل هذا الفيروس خطرا عليه، لان المعول الوحيد في التصدي لهذا الوباء هو الجهاز المناعي، حسب ما تشير اليه الدراسات الحديثة في الصين والدول التي مستها الجائحة قبلنا، على الشخص السليم ويمتلك جهاز مناعي سليم، يستطيع هذا الأخير المقاومة والتكفل بهذا الفيروس في فترة لا تتجاوز اسبوعين او ثلاثة اسابيع. أما الفئة الثالثة الاكثر عرضة لهذا الفيروس، هم الأشخاص المسنون، الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومن لديهم هشاشة في الجهاز المناعي، وهم الفئة الأكثر عرضة الى الموت مثلما نعيشه اليوم، لذلك نطالبهم بالبقاء في الحجر الصحي وفي بيوتهم، وتجنبا لاحتكاكهم بغيرهم. لسان المختص في علم المناعة، ما هي الإجراءات الواجب إتباعها؟ بما ان عدد الاصابات في تزايد مستمر، ودخول ولايات جديدة الحرب ضد فيروس كورونا، مع تسجيل ارتفاع في عدد الوفيات، ما يؤكد دخول الجزائر المستوى الثالث من الوباء، لذلك اهم نقطة مثلما ذكرته هي الحجر الصحي، والمكوث بالبيت، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، وفي حالة الخروج من البيت، يجب ترك مسافة الامان وهي من متر الى متر ونصف، مع عدم لمس الوجه خارج المنزل، لان الفيروس يدخل عن طريق الفم او الانف بأقل درجة، وأحيانا عن طريق العين، لذلك ينصح بغسل اليدين جيدا بالصابون السائل في حوالي 20 ثانية، على كل المستويات حتى نستطيع القضاء على الفيروس، وذلك قبل لمس اي شيء بالبيت، وهذه توصيات منظمة الصحة العالمية والخبراء الدوليين، والصابون السائل يقضي على الفيروس خاصة الطبقة الدهنية منه. كما انصح بشرب الماء كل نصف ساعة او 20 دقيقة لأن الفيروس عندما يدخل الجسم يستقر اولا بالحلق لمدة تتراوح مابين يومين الى 4 ايام، قبل مروره الى الجهاز التنفسي، ومباشرة الى الرئتين، لذلك شرب الماء والسوائل الساخنة سيدفع الفيروس نحو البلعوم ومن ثمة الى الجهاز الهضمي، حيث يقوم الحمض المعدي بقتل الفيروس، وإبطال دخوله من القصبة الى الرئتين، كما ان هناك طريقة توصي بها منظمة الصحة العالمية وهي المضمضة بالماء الدافئ والملح لمنعه من الوصول الى الرئتين عن طريق الحلق. كثير يأخذون الوباء باستخفاف ولا وعي، بما يمكنكم تقريب الصورة لثنيهم عن هذا السلوك؟ ما يجب ان يفهمه المواطن ان هذا الوباء هزم قوى كبرى كانت تتزعم العالم، لذلك فهم يشعرون بالخوف من المجهول، في حالة ما اذا لم يتم التكفل وتحييد هذه الجائحة، فقد أصيبت أمريكاوالصينوايطاليا كوارث كبرى تعيشها جراء العزلة، ووصلت بها الوفيات الى رقم مخيف اكثر من 736 وفاة في اليوم الواحد وهو رقم مخيف جدا ومرعب، ناهيك عن إسبانيا فهي الأخرى تعاني، ويوم بعد يوم يظهر خطره المخيف، لذلك تم اتخاذ اجراءات على أعلى مستوى كالحظر الشامل لولاية البليدة والحظر الجزئي على العاصمة مع 9 ولايات منذ أمس السبت، مع إلزام الحجر الصحي لبقية الولايات تفاديا للإصابات الجديدة التي نحن في غنى عنها. ونحن تجاوزنا الاسبوع الاول من الحجر، ودخلنا في الأسبوعين الحاسمين وهي فترة الحضانة للفيروس، وأشير الى أن ايطاليا مثلا في الاسابيع الاولى كان عدد الوفيات قليل، ولكنهم لم يلتزموا الحجر الصحي حتى وقعت الكارثة، وعجزت الحكومة عن دفن او حرق موتاها، وعزلت مناطق يتعدى سكانها 12 مليون نسمة، وعجزت الحكومة عن التكفل بالارتفاع المخيف للإصابات، وهذا بسبب عدم الالتزام بالحجر الصحي والوقاية، لذلك انصح بالاتعاظ مما حصل ببعض الدول، وتفويت سيناريو القوة، لان كورونا لا يعترف بذلك. ما هي قراءتكم الأولى للأرقام المسجلة في عدد الإصابات، الوفيات والحالات التي شفيت؟ الجزائر اتخذت اجراءات استعجالية مهمة وقرارات فوقية كانت في المستوى، لذلك اقول ان النتيجة مقارنة بباقي الدول مقبولة نسبيا، فقط علينا التقيد بتعليمات السلامة والوقاية، حتى يتسنى لنا محاصرته وتضييق الخناق عليه، الأمر نفسه بالنسبة للحالات التي شفيت فهي ايضا مرتفعة نسبيا، بالنسبة للحالات المسجلة والوفيات، وإذا واصلنا على هذا الحجر سننتصر بإذن الله على هذا الوباء. إذا استمر رفض المواطن الحجر الصحي، هل سيتضاعف الوباء؟ إذا لم يتقيد المواطن بالتعليمات المتعلقة بالحجر الصحي فان نسبة الاصابات سترتفع بشكل سريع، وهذا مالا نتمناه، وستكون كارثة بكل المقاييس، وفي حالة إذا لم يستجب المواطن فستلجأ الدولة الى الحظر الاجباري لان الامر يتعلق بالأمن القومي للبلد، وتسليط عقوبات على المخالفين والرافضين للأوامر، ونحن لسنا أحسن حال من البلدان التي تتخبط في هذا الوباء والبقاء لثلاث اسابيع كفيل بتحييد الوباء. نعيش في ظل منظومة صحية هشة، لذلك تجد الاستعدادات لم تبلغ مستوى الحذر المسجل في الدول الأخرى، هل يمكن تجاوز المحنة اذا تضافرت الجهود؟ بالفعل للأسف هذه الازمة اظهرت الوجه الحقيقي للمنظومة الصحية في الجزائر التي تعاني الكثير، مستشفيات تفتقد لأبسط التجهيزات وإمكانيات محدودة، بغض النظر عن وباء كورونا الذي لا تستطيع اي دولة في العالم مواجهته بالإمكانيات التي تمتلكها الدولة، وخير دليل ايطاليا، فرنسا، اسبانيا، وغيرها من باقي الدول الاخرى، فأمريكا وألمانيا لديهما مستشفيات مجهزة بأحدث التجهيزات وكوادر طبية مؤهلة، لكنها عجزت عن مواكبة الوباء، لانه تجاوز كل حدود البشرية، ونحن في الجزائر لم نصل تلك الدرجة من التأهب، فأمريكا مثلا منذ يومين اصبحت تستخدم مآرب السيارات لاستقبال المرضى المصابين. يقال ان الفيروس الذي أصاب الصين، ليس نفسه الذي سجل في اسبانياوايطاليا، بدليل ارتفاع نسبة الوفيات فيهما، ما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ صحيح الفيروس الموجود في الصين، ليس هو نفسه الموجود بالدولتين اللتين ذكرتهما،، حيث قام الفيروس بتحوّر جيني لما وصل الى اوروبا خاصة بايطالياواسبانيا،والسبب يعود الى تطور هذا الفيروس وهذا امر طبيعي، لان الفيروسات تقوم بتغيير وتطوير حمضها النووي والتأقلم مع المحيط الجديد وهذا ما يجعل منها خطيرة، فقد لاحظنا النوع الجديد هو الاخطر من الاول الموجود في الصين، الى جانب عدم اخذ مواطني هذه الدول الامر على محمل الجد، رغم الارشادات والتعليمات التي قدمت لهم حتى وصلوا الى الوضعية الكارثية. يعيش الطاقم الطبي وشبه الطبي أزمة خانقة، في حالة استمر الوضع على هذا المستوى، هل يستطيع الأطباء مواجهة الوضعية لوحدهم؟ بالفعل تعيش هذه الشريحة ضغوطا كبيرة، لأنهم في الخطوط الأولى من الموت، لذلك نسمع دائما إلى استغاثاتهم، مثلما حدث لسائق سيارة مستشفى بوفاريك التي توفي بسبب الوباء، لذلك وجب التكاتف وتشجيع الأطقم الطبية والرفع من معنوياتها، فهم في اشد حاجة إلى الجميع، خاصة وهم يعيشون في عزلة عن العالم وعن عائلاتهم، لا ندري كم يمتد عمر هذه الجانحة. تعزز معهد باستور بملحقات جهوية، هل هذا كاف؟ دعوت قبل هذا في اكثر من مرة الى تخصيص ملحقات لمعهد باستور بكل جهات الوطن الأربع، وذلك للتقليل من الضغط الذي يعيشه المخبر المركزي، فقد وصلت عدد العينات المستعجلة المتعلقة بكورونا الى حوالي 200 حالة يوميا، وهذا عدد ينتظر على الاقل 48 الى 72 ساعة، حتى يتمكن المخبر من اجراء التحليل على العينة وهنا يكون المصاب، إما قد توفي، او نشر العدوى على اكبر شريحة من الافراد، كما دعوت ايضا الى تفعيل اللجنة الطبية المشتركة في برتوكول طبي مع الصين، امريكا، كوريا، فرنسا، وقد تمت الاستجابة لذلك بتشكيل اللجنة العلمية، ما سيرفع درجة تنسيق الجهود في مواجهة هذا والوباء وجعل الاجراءات والتدابير الوقائية المتخذة أكثر نجاعة مستقبلا ن انطلاقا من توحيد مصدر المعلومات وتوحيد الخطوات المقبلة في عملية المجابهة.