اليوم العالمي للمعلمين : إنصاف المعلم واحترامه من "أولويات" الدولة الجزائرية    الصالون الدولي للاستثمار الفلاحي, "مناسبة لعرض أحدث الابتكارات والتقنيات في مجال الفلاحة في الجزائر"    وزارة المالية: تعبئة الموارد المالية محور اجتماع تنسيقي    الأمم المتحدة/اللجنة الرابعة: مقدمو الالتماسات يرافعون لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره    سياحة: وجهة الجزائر أصبحت أكثر جاذبية    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد الاحتلال المغربي بقطاعي السمارة وأمكالا    الأونروا : 400 ألف فلسطيني محاصرون شمال قطاع غزة    افتتاح الطبعة التاسعة للأسبوع الثقافي الكوري الجنوبي بالجزائر "أسبوع كوريا"    إشادة بالحرص الرئاسي على ضمان السيادة الرقمية    إشادة بقرار رئيس الجمهورية زيادة المنحة السياحية    بداري يشدّد على أهمية الوسائل البيداغوجية المتطورة    تبّون يهنّئ قيس سعيد    سفير اليابان يشيد بالترحيب الحار    أكبر هجوم صاروخي من جنوب لبنان على حيفا وخليجها    صهيونية العماليق و السياحة السوداء    الأمن المغربي يقمع مسيرة حاشدة في وجدة    الخضر يستعدون لمواجهة الطوغو    هذه توجيهات الشرطة للمناصرين    قانون لحماية القدرة الشرائية للجزائريين    افتتاح معهد وطني للتكوين في الطاقات المتجدّدة بتيبازة    الأحذية الرياضية تستهوي النسوة    مشروع إيطالي لتصنيع السيارات بالجزائر    جامعات غربية يتغذّى تألقها من الجهود العربية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا    وقفات مع دعاء صلاة الاستخارة    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وفي غزة دليل على فشله    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    السفير الجديد للمجر يؤكد رغبة بلاده في تطوير علاقات الصداقة التاريخية مع الجزائر    موسم الاصطياف: وفاة 762 شخصا وجرح 31705 آخرين جراء حوادث المرور    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    تكوين مهني: إدراج تخصصات جديدة وإبرام اتفاقيات شراكة بجنوب البلاد    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    صندوق النقد العربي ينوه بجهود الجزائر.. فايد: الجزائر حققت "خطوات معتبرة" في مسار التحول الرقمي    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    لا زيادات في الضرائب    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آلاف الجزائريين يكرّمون شهداء المقاومة بالدموع والزغاريد
نشر في الشعب يوم 04 - 07 - 2020

ألقى آلاف الجزائريين، أمس، نظرة أخيرة على رفات وجماجم الشهداء المقاومين، بقصر الثقافة مفدي زكريا، واعتبروا استرجاعهم في عيد الاستقلال، استكمالا للسيادة الوطنية، داعين في الوقت ذاته إلى بذل كل المساعي لاسترجاع الأرشيف الوطني المهرب، وإلزام فرنسا بالاعتذار والتعويض.
بالدعاء والدموع والزغاريد وأكاليل الزهور، وقف آلاف المواطنين بخشوع، أمام رفات 24 من قادة وصناع ملاحم المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، بقصر الثقافة مفدي زكريا بهضبة العناصر بالعاصمة، قارئين فاتحة الكتاب ورافعين أكف الضراعة للترحم على أرواحهم الطاهرة.
منذ الساعة الثامنة ونصف صباحا، بدأ التوافد الشعبي والرسمي، على القصر الذي اختير لاحتضان مراسم إلقاء النظرة الأخيرة على الأبطال المقاومين قبل ضمهم إلى رفاقهم الشهداء بالمربع الخاص بمقبرة العالية، اليوم الأحد.
اصطف الزائرون في سلسلة بشرية طويلة امتدت إلى الباب الرئيسي الخارجي، منتظرين دورهم لإلقاء نظرة الوداع على الفرسان الذي اختاروا البندقية وصهوة الخيل للدفاع والذود عن البلاد في وجه الاستعمار. لقد جاؤوا، إلى المراسم المهيبة، فرادى وعائلات، أطفالا وشبابا وكهولا وشيوخا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن الجهات الأربع للوطن « من أجل هؤلاء الرجال الذين ضحوا بأنفسهم، وعلمونا وأبناءنا كيف يموت الرجال»، مثلما صرح لنا مواطن قدم من ولاية سطيف.
وأضاف: «جئت لأقول لهم، عدتم اليوم، لتجدوا أحفادكم ليحضنوكم، بالرغم من الظروف الصحية التي تعيشها البلاد»، وتابع: «سيبقى هذا درس للدول، ودرس لنا، ونقول لهم لم تذهب تضحياتكم هباء، تركتم أجيالا ورجالا يحفظون الأمانة».
وقال أحد الشباب، ل«الشعب»، أن «أرواح هؤلاء المقاومين وكل الشهداء، ستظل في ذاكرة كل الأجيال، والتاريخ سيظل يذكرهم ويحفظ مجدهم»، ودعا إلى تخليد المشاعر الروحانية حيال الشهداء عند الجزائريين، حتى «يظلوا في قلوبنا».
من جانبها، قالت سمية ذات 15 ربيعا، بعد أن وضعت إكليل ورد أمام توابيت المقاومين الأبطال: « جئت لرؤية الشهداء الذين حرروا هذه البلاد»، لتضيف: «شرف كبير لنا أن يدفنوا بيننا وفي الوطن الذين ضحوا من أجله، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار». وسمية واحدة من مئات الجزائريات اللائي، أبين إلا أن يودعن الشهداء، مثلما كانت تفعل أمهاتهن وجداتهن إبان الاستعمار، حيث صدحن بزغاريد الفخر والاعتزاز بالرجال الذين استشهدوا في سبيل الوطن.
وقالت سيدة تبكي بحرقة رفقة زوجها، أنها تعي جيدا معنى استعادة رفات هؤلاء الأبطال، «لأنني من عائلة شهداء مفقودين إلى اليوم، وأشعر أنهم بينهم وسيدفنون غدا مثلما يستحقون».
الشهيد حي لا يصلى عليه
وكل الذين وقفوا في حضرة جماجم ورفات هؤلاء الرجال العظماء، فرحوا بتمكينهم أخيرا من حقهم الطبيعي في الدفن على الطريقة الإسلامية، وفي السياق، أوضح الدكتور محمد إدير مشنان، المفتش المركزي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، أن «هؤلاء الشهداء لا يصلى عليهم غدا، لأنهم أحياء عند ربهم». وقال مشنان الذي يشغل عضوية اللجنة الوزارية للفتوى ل»الشعب»: «الشهيد حي يرزق، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد، بل دفنهم بدمائهم ولباسهم، وكذلك هؤلاء الشهداء سيدفنون هكذا بدون صلاة كما يفعل بالشهداء لأنهم أحياء».
كما أوضح بأن «اليد الاستعمارية البغيضة حرمت هؤلاء الشهداء من حقهم الطبيعي في أن يدفنوا في الأرض التي استشهدوا من أجلها وأحبوها»، مضيفا بأنه «ما من شك أن كل شهيد من هؤلاء أراد أن يدفن في هذه الأرض»، مشيدا بمساعي الدولة الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية «الذي عمل جاهدا على استرجاع الجماجم والرفات، في انتظار استرجاع بقية الشهداء لينضموا إلى رفقائهم في الجهاد الذين يعدون بالملايين».
حضور رسمي
بينما تواصل توافد الجزائريين على قاعة المراسم، حيث تسجى التوابيت، في ظل احترام تدابير الوقاية من فيروس كورونا، سجل حضور أعضاء من الجهاز التنفيذي وعلى رأسهم وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر، وزير الأشغال العمومية فاروق شيعلي ووزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي رفقة كاتبة الدولة للرياضة سليمة سواكري، الذين قرأوا فاتحة الكتاب على أرواح الشهداء المقاومين.
كما لم يتخلف ممثلو السلك الدبلوماسي الأجنبي، عن مراسم إلقاء النظرة الأخيرة، يتقدمهم السفير الفلسطيني أمين مقبول، وسفيرة دولة تركيا ماهينور أوزدمير غوكطاش، وسفير جمهورية لبنان محمد حسن، الذي عبر عن «أهمية الحدث التاريخي للجزائر ولكل الأمة العربية»، لأن «الأمر يتعلق بمقاومين أبطال بفضلهم يتمتع جيل اليوم بالاستقلال والحرية، واستلهمت من تضحياتهم شعوب أخرى وتلمست طريقها للتحرر».
عار الاستعمار باق
وفي غمرة الفرح باستعادة الرفات وتمكينهم من حقهم من شعيرة الدفن في الأرض التي ضحوا من أجلها، طفت مشاعر الغضب والاستنكار تجاه فرنسا الاستعمارية. حيث توافق المواطنون والطبقة السياسية، على أن «فرنسا بجماجم ورفات شهدائنا، دليل مادي ملموس على حجم وبشاعة الاستعمار»، مثلما قال الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين خالفة مبارك.
واعتبر المتحدث أن استعادة الرفات «إنجاز مهم جدا نفتخر به ونشيد بأصحاب الفضل من الرجال وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون»، واستطرد أن الأهم «هو أن نلقن أبناءنا تاريخ كل شهيد من هؤلاء الشهداء حتى نعرف ونحفظ ذاكرتنا الوطنية ونصون أمانة الشهداء».
ودعا خالفة رفقة شاب آخر كان يحمل قصيدة شعر تكريما للشهداء إلى «مواصلة الضغط على فرنسا لاستعادة بقية الجماجم والرفات، واسترجاع الأرشيف الوطني وإلزام فرنسا بالتعويض عن مجازرها البشعة وبالأخص النووية منها».
من جانبه، أكد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، أن «هؤلاء الشهداء شداد الآفاق أحبطوا خطة الاستعمار الفرنسي الذي كان يريد أن يبيد الجزائريين كما أبيد الهنود الحمر».
وقال مقري أن «دين شهداء المقاومة الشعبية والثورة والمجاهدين، علينا كبير جدا وواجبنا نحن جميعا أن نبقى على عهد الشهداء»، فيما دعا رئيس حزب المستقبل عبد العزيز بلعيد إلى استحضار المناسبة التاريخية «لبناء التوافق الوطني»، وإكرام «روح وذكرى هؤلاء الأبطال الذين حاربوا الاستعمار الفرنسي إلى آخر قطرة من دمائهم».
أما رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبليس، فاستنكرت حرمان فرنسا لهؤلاء الشهداء طيلة 170 سنة، من حقهم الشرعي والديني في الدفن، «وتركتهم محنطين في علب في جريمة بشعة تضاف إلى جرائهما التي لا تمحى».
ووصف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، بعجي أبو الفضل استرجاع رفات الشهداء المقاومين «بالمفاجأة التي أثّرت في كل الجزائريين»، وتوجه «بالشكر الخالص لرئيس الجمهورية والمؤسسة العسكرية على الجهود التي بذلوها لتمكين الجزائريين من استقبال ودفن شهداء بكل عزة واعتزاز».
وأوصى مجاهد منطقة الأوراس، درياس اعمر، شباب الجزائر باستحضار المناسبة، للحفاظ على الأمانة، «لأن آمالنا كمجاهدين أحياء والشهداء كلها معلقة عليكم». وتزايد عدد الوافدين إلى قصر الثقافة مفدي زكريا في الفترة المسائية بشكل لافت، وتواصلت مراسم الوداع البطولي للشهداء المقاومين إلى غاية السادسة مساء، وفق البرنامج المحدد من قبل وزارة المجاهدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.