* email * facebook * twitter * linkedin وصلت رفات 24 مقاوما جزائريا للاستعمار الفرنسي أمس، إلى أرض الوطن، تزامنا مع إحياء الجزائر ذكرى عيد الاستقلال و الشباب، حيث كان في استقبالها في جو مهيب رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلّحة وزير الدفاع الوطني السيد عبد المجيد تبون، رفقة رئيسي البرلمان بغرفتيه و أعضاء من الحكومة، وكذا رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق السعيد شنقريحة والفريق الأول علي بن علي. وذلك في مبادرة تعد الأولى من نوعها في سياق التجاذب التاريخي الذي يطبع العلاقات الجزائرية الفرنسية في الوقت الراهن. كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما دوى أزيز الطائرة العسكرية "هيركول" (c -130) المحمّلة برفات الفوج الأول من المقاومين، التي كانت موجودة منذ أزيد من قرن ونصف قرن في متحف التاريخ الطبيعي بباريس، أجواء مطار هوراري بومدين الدولي، محاطة بطائرات حربية من نوع "سوخوي" (SU 30) قادمة من مطار بورجو الفرنسي. واستقبلت الطائرة التي حطّت بالمطار الذي توزعت به تشكيلات مختلفة من الجيش الوطني الشعبي، ب21 طلقة للمدفعية وبقفز مظلي لستة أفراد من القوات الخاصة تلفهم الراية الوطنية، حيث وشحوا السماء بشماريخ ملونة ترمز للعلم الوطني وذلك كتحيّة لرئيس الجمهورية، الذي وفى بوعده في استرجاع جماجم الشهداء في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة يوم الشهيد شهر فيفري الماضي. وبترديد عبارة "الله أكبر" ترجّل أفراد الحرس الحاملين على أكتافهم توابيت المقاومين أرضية المطار بخطى ثابتة إلى غاية القاعة الشرفية على وقع التحيّة العسكرية وذلك كتقدير لهؤلاء الشهداء الذين عاونوا الأمرين جراء همجية المستعمر التي انتهجها ضد الأهالي، ضاربا بذلك عرض الحائط قيم الأخوة والمساواة التي تتباهى بها الثورة الفرنسية. وقد أعاد ذلك بأذهان الجميع إلى فترة غابرة من زمن الكفاح الذي كتبه الأسلاف بدمائهم، من أجل أن يحيا الشعب الجزائري حرا مستقلا، ليبرز مرة أخرى تمسك الفرد الجزائري بحريته وكرامته حتى وإن كلّف ذلك حياته. وكانت المناسبة أيضا للتذكير بأهمية الاستلهام من دروس السلف الصالح، حيث تضمنت الكلمة التي ألقاها العقيد مراح مصطفى، على شرف رئيس الجمهورية والحضور قبل وصول الطائرة، العديد من المعاني الداعية إلى لم الشمل والدعوة للالتفاف حول الوحدة الوطنية، ونبذ الفرقة وإفشال المحاولات التي تستهدف استقرار الأمة في إطار الجزائر الجديدة. فتح قصر الثقافة أمام المواطنين لإلقاء النظرة الأخيرة وبعد وضع التوابيت في القاعة الشرفية قرئت فاتحة الكتاب على أرواح المقاومين، كما أدت الفرقة النحاسية على شرفهم القسم الوطني كاملا، قبل أن يحملوا إلى قصر الثقافة مفدي زكرياء، لتمكين المواطنين اليوم من إلقاء النظرة الأخيرة عليهم و الترحم على أرواحهم الطاهرة، فيما ستجري مراسيم دفنهم غدا، بمربع الشهداء في مقبرة العالية. وتشمل المجموعة الأولى من رفات شهداء المقاومة الشعبية 24 مقاوما جزائريا للاستعمار الفرنسي كلا من الشريف بوبغلة، عيسى الحمادي، الشيخ أحمد بوزيان، زعيمِ انتفاضة الزعاطشة، سي موسى والشريف بوعمار بن قديدة ومختار بن قويدر التيطراوي، بالاضافة إلى جماجم غير محددة الهوية. كما تضم أيضا جمجمة محمد بن الحاج شاب مقاومٍ لا يتعدى عمره 18 سنة من قبيلة بني مناصر، جمجمة غير محددة الهوية وكذا جماجم كل من بلقاسم بن محمد الجنادي، خليفة بن محمد (26 سنة) قدور بن يطو، السعيد بن دهيليس، سعيد بن ساعد الحبيب. وكان رئيس الجمهورية، قد أعلن أول أمس، في كلمة ألقاها خلال حفل رسمي نظم بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال58 لعيد الاستقلال والشباب، أن الأمر يتعلق بخطوة أولى لإعادة رفات المقاومين الجزائريين، مؤكدا على أن الدولة عازمة على إتمام هذه العملية حتى يلتئم شمل جميع شهدائنا فوق الأرض التي أحبوها وضحوا من أجلها بأعز ما يملكون. وكانت الجزائر قد طلبت رسميا من فرنسا إعادة جماجم المقاومين خلال مباحثات بين السلطات العليا للبلدين، حيث أسست لهذا الغرض لجنة مكونة من خبراء جزائريين للقيام بتحديد رفات هؤلاء المقاومين الجزائريين.