اعتبر الباحث الاجتماعي الدكتور مخلوف ناجح، أنّ طرق التعامل مع وباء كورونا لدى الجزائريين تباينت بشكل كارثي من حيث الوعي والسلوك، فبعض فئات المجتمع سجّلت ردة فعل غير واعية ومرات غيبية، مشيرا إلى أن المجتمع أصبح يعيش قلقا عاما، حيث يواجه الفرد عبئا ثقيلا مرتبطا بحالة من المجهول. أكّد الدكتور مخلوف ناجح، أستاذ محاضر بجامعة المسيلة في تصريح ل «الشعب»، أنّه بعد اتخاذ الحكومة الجزائرية الإجراءات والتدابير الاحترازية الوقائية من وباء كورونا، انحصر سلوك أغلب المواطنين في الهلع والمبالغة، وهذا تبعا لانفعالاتهم ومشاعرهم بعيدا عن المنطق وإعمال العقل، مضيفا أن طرق التعامل مع الجائحة تباينت بشكل كارثي على مستوى الوعي والسلوك بين فئات المجتمع، فبعض الفئات سجلت ردة فعل غير واعية ومرات غيبية. وقسّم الدكتور ناجح طرق تعامل المجتمع الجزائري مع وباء كورونا إلى ثلاث فئات، حيث ذكر أن الفئة الأولى لم تلتزم بالحجر الصحي المنزلي، وهي فئة تخضع لإكراهات اقتصادية واجتماعية نظرا لظروفها المعيشية وطبيعة السكن، مشيرا إلى أنها فئة تقضي أغلب أوقاتها خارج البيت حتى في الظروف الطبيعية، ومنها الفئة التي تمتطي قوارب الموت للضفة الأخرى، حيث تمثلاتها للموت يتساوى مع كورونا، وتصر على تجاوز كل النصائح والإرشادات وتستمع لذواتها المهتزّة. وبالنسبة للباحث الاجتماعي، الفئة الثانية من المجتمع هي فئة لم تؤمن بالفيروس رغم ما تشاهده يوميا عبر وسائل الإعلام، وهي فئة لها هشاشة في الوعي نظرا لارتباطها بكل ما يسوّق وينشر عبر وسائط الاتصال خاصة «الفايس بوك» وارتباطها بالشائعات التي يطلقها البعض، مستغلين الظرف السياسي الذي يمر به البلد، معتبرا أنّها بيئة خصبة لصعود نظرية المؤامرة بل حتى بين الدول «وهو ما شاهدناه من اتّهامات متبادلة بين الصين والولايات المتحدةالأمريكية». وحسب الدكتور ناجح، الفئة الثالثة هي التي كرّست التفسيرات الغيبية للمرض على أنه عقاب إلهي للعاصين وغياب إعمال العقل. قلق مجتمعي عام..عبء ثقيل مرتبط بالمجهول بصفة عامة، يرى الأستاذ ناجح أنّ المجتمع أصبح يعيش قلقا مجتمعيا عاما، حيث يواجه الفرد عبئا ثقيلا مرتبطا بحالة من المجهول، لأنّ الإصابة بفيروس كورونا لا ترتبط بالمصابين فقط، بل تشمل أفراد المجتمع كافة، وعلى درجات مختلفة إلى حد ما، موضّحا أنّها مرتبطة بسرعة انتشار المرض، وبعدم توقع زمن العلاج منه، وكلّما طالت مدة تفشي فيروس كورونا زاد الضغط على الفرد، حيث حداثة الفيروس ذاته لا تسمح بتوفر المعلومات الكافية، التي من شأنها بث الطمأنينة، بل إنّ المعلومات المتوفرة عنه تُعزّز المخاوف أكثر بين الأفراد، معتبرا أن ذلك قد يرتبط بعامل ثقة الأفراد بمؤسسات الدولة المختصة، فكلما كان لدى الأفراد درجة ثقة عالية بمؤسسات الدولة وخدماتها، كانت هناك قدرة على الاحتواء، وتقليل حدة القلق العام وتحجيمه، قبل التحول إلى سلوكيات غير منطقية بدافع الصدمة والخوف.