«سرايدي»..واحدة من أروع وأجمل المناطق التي تشتهر بها عنابة، تمتزج فيها زرقة البحر بشموخ الجبال وروعة الغابات، منطقة تستقطب سنويا آلاف السياح، فهي ملاذ مفضّل للعائلات العنابية التي تبحث عن الراحة والاستجمام من جهة وعن نقاوة الهواء والمساحات الخضراء هروبا من لهيب الحر من جهة أخرى، حيث لا يوجد ما يلبّي هوسها سوى أعالي جبال سرايدي. سرايدي هي اليوم محل اهتمام السلطات الولائية، حيث تشهد مشاريع متنوعة، كما تعرف عمليات تهيئة خاصة فيما يتعلق بإعادة تأهيل الطريق البلدي الرابط بين رأس الحمراء وواد بقرات على مسافة 8 كلم، وكذا تهيئة الأرصفة المقابلة لتجمّع المنتخبات الوطنية، بالإضافة إلى مشروع إنجاز ثانوية وتجديد قنوات الصرف الصحي لحي ايدوغ وحوض التسريب لسيدي تمام ودار سمير، فضلا عن تهيئة شاطئ عين البربر وإصلاح وتعبيد الطريق القروي المؤدي إليه. المنطقة السياحية تشهد أيضا تهيئة قاعة العلاج بالرومانات وتجهيزها بالمستلزمات الطبية الضرورية، ناهيك عن تخصيص 30 مليار سنتيم لإعادة تأهيل وصيانة المصعد الهوائي «تليفيريك» الرابط بين بلديتي عنابة وسرايدي، والذي يعتبر جزء من السياحة بهذه المدينة. سرايدي تفتح أبوابها لزوّارها جوهرة الشرق بونة، مدينة بتعدّد أماكنها السياحية، جعلها مقصدا للزوار من داخل وخارج الوطن، سيارات تحمل ترقيم مختلف ولايات الوطن، تشكّل طوابير لا متناهية نحو هذه المنطقة السياحية، نساء ورجال وشيوخ وأطفال وشباب يعتبرون سرايدي وجهتهم المفضلة شتاء لارتدائها الحلّة البيضاء نظرا لكثافة تساقط الثلوج في هذا الفصل، وصيفا للطافة جوّها في ظل الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة الذي تشهده عنابة كل سنة، حيث يفترشون غابتها ويقضون فيها يوما ممتعا بعيدا عن الضوضاء وصخب المدينة. عنابة..وبعد رفع الحجر الصحي التدريجي عنها، على غرار باقي ولايات الوطن، تعود إلى سابق عهدها «المدينة التي لا تنام»، لتحتضن غابات وشواطئ سرايدي زوارها ومصطافيها الذين باتوا يملؤونها حياة ويزيدونها جمالا، بعد أن عاشت هذه المنطقة السياحية شبه عزلة بسبب الظروف الصحية الاستثنائية التي يمر بها العالم. جولة قادت «الشعب» إلى منطقة سرايدي، حيث وقفت على عودة حركة المرور بأعالي هذه المنطقة، طوابير لا متناهية للسيارات، البعض منها يحمل ترقيم الولايات المجاورة للمدينة، والذين وجدوا الفرصة سانحة لزيارة المنطقة والاستمتاع بجمالها. مصطافون يتوافدون تباعا على «وادي بوقراط» «وادي بوقراط» أو «جنان الباي»..تسميات عديدة لشاطئ واحد، يعد من أكثر الأماكن التي يرتادها العنابيون وزوار بونة وسياحها لجمال المنطقة، فهو المنتجع الأفضل بعنابة لتموقعه الساحر بأعالي جبال الإيدوغ الغني بأشجار الفلين والزان والبساتين متعددة الثمار، هو موقع تمتزج فيه زرقة البحر بشموخ الجبال. وتشير الإحصائيات إلى أنه يستقطب أكثر من 15 ألف مصطاف، لاسيما بعد استحداث فضاءات للتسلية والاستجمام ناهيك عن تهيئة الطرقات، وربط الشاطئ بمطاعم تقليدية تقدم مختلف الأطباق التي تشتهر بها هذه الولاية، على غرار «الشخشوخة» و»البوراك» العنابي، وهو ما زاد في استقطاب السياح، والذين لهم رغبة في اكتشاف تقاليد هذه المدينة. وفي هذا المجال يقول «محمد ع»، صاحب أحد المحلات لتقديم الأكلات التقليدية، إنّ وباء كورونا أثّر كثيرا على السياحة في عنابة، مشيرا إلى أنّ منطقة سرايدي من أكثر الأماكن جذبا للسياح، وعن محله قال بأنّه «قبل الوباء كان يستضيف أكثر من 300 شخص في اليوم الواحد، وقبل رفع الحجر الصحي بات يستقبل من 10 إلى 20 فردا، أما اليوم وبعد اتخاذ الإجراءات الجديدة وعودة الحركية إلى منطقة سرايدي بدأت الحياة تدب نوعا ما، طبعا مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية من تباعد جسدي، ارتداء الكمامة والتعقيم، لتفادي انتشار الوباء». «سمية» و»أمينة» اللّتان وجدناهما داخل المحل، فقد أكدتا لنا أنهما من عشّاق الأكلات التقليدية، ولا يمكنهما الاستغناء عنها، لا سيما طبق «الشخشوخة» التي يتفنّن القائمون على هذا المحل في تقديمها، مشيرين إلى أنه من غير المعقول أن يسلكا طريق «سرايدي» دون أن يتوقفا بهذا المكان والاستمتاع بأطباقه، وأكّدتا أنهما يختاران توقيت دخول المحل، حين يكون شبه فارغ بسبب الوباء، دون نسيان اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة. وب «جنان الباي» فيعرف بدوره منذ افتتاح الشواطئ منتصف أوت الجاري إقبالا كبيرا للمصطافين، الذين لم يفوتوا فرصة الاستجمام بهذا المكان الخلاّب، على غرار عائلة «مصطفاوي»، ففي حديثنا إليها أكّد ربّ العائلة بأنه تعود كل سنة أن يحضر عائلته لقضاء أيام بهذه المنطقة، والتي لا يستطيع الاستغناء عنها. وأشار المتحدث أنه يلتزم وعائلته الصغيرة بالإجراءات الوقائية اللازمة، وعلى وجه الخصوص التباعد الجسدي، وعدم الاحتكاك مع عائلات أخرى لتفادي انتشار هذا الوباء، فبالنسبة له هو أخذ قسط من الراحة والابتعاد قليلا عن الحجر المنزلي المفروض عليهم منذ شهور، لا سيما أبنائه الثلاثة، خاصة وأنهم بحاجة إلى القليل من الاستجمام. الطّبيعة الخضراء تستهوي أبناء بونة إن كانت بعض العائلات العنابية تفضّل زرقة البحر ورماله الذهبية، فإن هناك من تفضل الطبيعة الخضراء وشموخ الجبال، ولا يحلو لها الاصطياف دون التمتع بغابات سرايدي، هذه الأخيرة والتي كانت بدورها قبل أن يحل هذا الوباء تستقطب آلاف السياح، عاشت قبل الرفع التدريجي للحجر الصحي سكونا موحشا، فلا وجود للزوار القادمين من الولايات المجاورة، والذين تعودت عليهم بونة مع نهاية كل أسبوع، حيث يلجأون إليها بحثا عن الراحة والهدوء والابتعاد عن صخب وضوضاء المدينة. اليوم يعود الزوار إلى مكانهم المفضل، وتعود أعالي سرايدي الخضراء لاستقبال العائلات العنابية للاستمتاع بجبال إيدوغ السلسلة الجبلية التي تقع بين ولايتي عنابة وسكيكدة، والتي تصل أعلى قمة بها إلى 1008 م، وهي قمّة «بوزيزي» وتمتد من رأس الحمراء شرقا إلى رأس الحديد غربا على مسافة تقدر ب 70 كلم تقريبا، ممّا أدّى إلى ترقيتها وتصنيفها إلى منطقة محمية طبيعية. فالكثير من الأسر العنابية وعلى رأسهم الشباب، لا يستطيعون تفويت فرصة قضاء سويعات بهذه المنطقة الغابية بأعالي جبال سرايدي، هروبا من لفح الشمس والرطوبة العالية، على اعتبار أنها تتميز بهوائها المنعش ولطافة جوّها في عز فصل الصيف، بفضل أشجارها الكثيفة. السّباقات الجبلية والطّيران بالمظلاّت عشق الشباب «محمد لامين» الذي وجدناه رفقة أصدقائه، قال ل «الشعب» بأنّه من المستحيل أن يفوت عليه فرصة الترفيه مع أصدقائه بجبال سيرايدي، حيث تعود ممارسة رياضة الجبال، السباقات الجبلية،والألعاب الرياضية المائية والشاطئية والطيران بالمظلات، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تستهويه كثيرا. وتحسّر محدثنا عن الوضع الذي آلت إليه السياحة الجبلية في الوقت الراهن بسبب فيروس كورونا، مؤكّدا بأن هذه المنطقة كانت تعج خلال السنوات الماضية بآلاف المصطافين القادمين من مختلف جهات الوطن، وكذلك بالسياح الذين ينبهرون بجمال المنطقة وروعة المكان، وبالنشاطات المبرمجة بها، حيث لا يتوانون في المشاركة في مختلف الرياضات، والتقاط الصور كذكرى جميلة عن غابات سرايدي. وهو ما أكّده صديقه الذي تستهويه بدوره الجولات المنظمة في عرض البحر بالقوارب الصغيرة عن طريق التجديف، لاستكشاف الممرات المائية الموجودة بين الصخور والكهوف غرب الشاطئ الرملي الطويل الذي يمتد على مسافة 1200 متر. أما عائلة «مراح» فقد أكّدت بدورها أنها لا تستطيع أن تفوت عليها فرصة الاستمتاع بغابات سرايدي وبهدوء المكان، مشيرة إلى أنها تلتزم بالإجراءات الوقائية اللازمة من خلال تطبيق التباعد الجسدي وارتداء الكمامات، والحرص على إبقاء المكان نظيفا، وقالت إن أكثر ما يستهويها أيضا هو شاطئ «اللوح» أو ما يطلق عليه العنابيون ب «ماليزياالجزائر»، حيث يعتبر من أجمل شواطئ بونة وأنظفها، ويبعد بحوالي 12 كم عن الشاطئ الكبير «جنان الباي» أو «وادي بوقراط»، والوصول إليه يكون عن طريق القارب، مضيفة بأن شاطئ «اللوح» بالنسبة لها جنة فوق الأرض، ولا يمكنها هي وعائلتها بسبب أي ظرف كان أن تفوت فرصة الاستمتاع بجمال المكان. العائلات العنابية تغتنم ما تبقّى من موسم الاصطياف العائلات العنابية استحسنت قرار الحكومة الجزائرية رفع الحجر الصحي عن الشواطئ وأماكن الترفيه والاستجمام، وذلك للاستمتاع بما تبقى من موسم الاصطياف قبل الدخول الاجتماعي، خصوصا وأن الحجر الصحي دام لأكثر من 05 أشهر، مؤكّدين بأن الأطفال هم أكثر فئة بحاجة إلى الترفيه عن النفس قليلا قبل الدخول المدرسي. وأبان العنابيون وخصوصا الأطفال عن فرحتهم بعودة الحركية إلى المدينة التي لا تنام، بأغلب شواطئ هذه المدينة المضيافة، والتي لا يتوانى أبناء الجزائر في زيارتها دون تردد، لما يعرف عنها بأنها بلد سياحي بامتياز، وما تتوفر عليه من شواطئ وغابات وأماكن استجمام جعلها تستقطب سنويا آلاف السياح. ...درك عنابة يشن حملة ضد مافيا الشّواطئ من جهتها تسهر وحدات المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بعنابة على ضمان الأمن والسكينة للعائلات ومرتادي أماكن الترفيه والتسلية سيما الشواطئ، حيث شنت حملة واسعة النطاق لمحاربة الاستغلال العشوائي للشواطئ التابعة لاختصاص الدرك الوطني من طرف مجموعة من الأشخاص، وأسفرت العملية منذ 15 أوت الجاري، تاريخ رفع الحجر الصحي على الشواطئ والمنتزهات عن حجز 126 كرسي، 143 طاولة بلاستيكية و438 مظلة شمسية. وتأتي هذه العملية في إطار وضع قيادة المجموعة الاقليمية للدرك الوطني بعنابة، حيث يضم المخطط جملة من الأهداف، والتي تصب كلها في إطار المحافظة على أرواح وممتلكات المواطنين، المحافظة على النظام والأمن العموميين، وعلى الصحة العمومية، إلى جانب تحسين مستوى ونوعية الخدمة، والعمل على استرجاع ثقة المواطن بمؤسسة الدرك الوطني وتعزيزها. وتمّ تسخير جميع الامكانيات المادية والبشرية، لتنفيذ عملية تطهير قبضة عصابات ومافيا الشواطئ الذين يسعون لضرب السياحة بهذه المدينة، من خلال استغلال السياح والمصطافين وإجبارهم على كراء الكراسي والطاولات والشمسيات مقابل مبالغ مالية مرتفعة. يحدث هذا رغم تأكيد السلطات الولائية بعنابة في كل مرة على مجانية جميع الشواطئ المسموحة للسباحة، وعدم احتلالها من قبل أشخاص خارجين عن القانون، ومحاربة مختلف التجاوزات من قبل «مافيا الشّواطئ»، التي تحاول فرض منطقها على المصطافين.