ماذا سيحصل إذا تمكّنت العلب الكرتونية من استنساخ بصمة أصابع المستلم؟ أو عندما تكون عبوة الحليب أو العصير الكرتونية مزودة بجهاز يحدد مدى صلاحيتها، وينقل المعلومات الغذائية والصحية الأخرى الخاصة بالمنتج إلى جهازك الجوال؟ وهل تؤدي طريقة بسيطة لتحويل الورق إلى أجهزة إلكترونية وابتكار علب «ذكية» وأشياء أخرى كثيرة لإحداث ثورة صناعية جديدة؟ مشكلة الإلكترونيات الورقية يحظى تصنيع الأجهزة الإلكترونية متعددة الوظائف على ركائز ورقية باهتمام كبير؛ نظرا لتكلفتها المنخفضة وملاءمتها للبيئة وخفة وزنها ومرونتها. لكن لسوء الحظ، فإن تطوير الإلكترونيات الورقية يخضع لتحديات كبيرة، مثل تدهورها السريع في وجود الرطوبة، والاعتماد على البطاريات مصدر طاقة، والتوافق المحدود مع تقنيات الإنتاج الضخم الحالية. ولحل مثل هذه المشكلات التقنية المعقدة، كشف باحثون عن عملية طباعة جديدة يمكنها تحويل أي قطعة من الورق العادي، أو الورق المقوى إلى لوحة مفاتيح مقاومة للماء يمكنك طيها ووضعها في جيبك، بالإضافة إلى أنها لا تتطلب مصدرا للطاقة، ولا تتأثر بالرطوبة والحرارة والغبار، كما يمكن طيها بسهولة كأي ورقة عادية، وتظل محافظة على جميع خصائصها الإلكترونية. حقق الابتكار الجديد مهندسون في «جامعة بوردو» (Purdue University)، عن طريق تحويلهم الورق إلى جهاز إلكتروني، بمساعدة طابعة ثلاثية الأبعاد، وقد استعرض المهندسون ابتكارهم بطبعهم لوحة إلكترونية على ورقة عادية للتحكم بجهاز موسيقى، لتسمح بالتحكم بمستوى الصوت وإعادة التشغيل. مولد نانو كهربي تبدأ العملية برش مادة على الورقة تجعلها مقاومة للماء، بعد ذلك توضع عليها دائرة إلكترونية مصنوعة من رقائق نانوية، ويمكن ربطها بأي جهاز عبر البلوتوث. هذه الأجهزة الورقية لا تتأثر بالرطوبة والحرارة والغبار، علاوة على ذلك، يمكن طيها بسهولة كأي ورقة عادية، وتبقى محافظة على جميع خصائصها. تستفيد هذه التقنية من طلاء خاص طارد للسوائل والغبار، ويسمح بعد ذلك بطباعة طبقات دوائر كهربية متعددة أعلى الورق من دون أي تلطيخ أو تدهور بين الطبقات. عن طريق استخدام هذه التقنية الحديثة قد تحل ورقة عادية مهملة محل لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب (جوهيوك جيونج-بيكساباي) على الجانب الآخر من الورق العادي أو الورق المقوى، يمكن بعد ذلك استخدام الطباعة بالحبر للإشارة إلى نقاط الضغط (الأزرار) وما تمثله، كما يمكن طباعة هذه الطبقات بأي تصميم تريده، من لوحات المفاتيح الرقمية إلى عناصر التحكم في مستوى الصوت. لا يحتاج الجهاز إلى مصدر للطاقة؛ لأنه يحصل على كل ما يحتاجه من الطاقة بضغط المستخدم على لوحة المفاتيح، حيث تتولد خلالها طاقة كهربية تصل إلى 300 ميكرووات لكل سنتيمتر مربع. علاوة على ذلك، لا يلزم وجود بطاريات أو مقابس طاقة لتشغيل لوحة المفاتيح النهائية، وبدلا عن ذلك طور الباحثون نظام توليد طاقة جديد يُعرف باسم مولد النانو كهربي الاحتكاك، القادر على تشغيل الدائرة الإلكترونية بالكامل من لمسة المشغل والطاقة الميكانيكية، التي يتم إنتاجها. عندما يتم الضغط على الأجزاء المطبوعة من الورق، يمكنها نقل الإشارات عبر البلوتوث إلى جهاز آخر مثل الحاسوب المحمول، على سبيل المثال. أجهزة رخيصة يقول مهندس الطب الحيوي، رمسيس مارتينيز، في بيان صحفي لموقع جامعة بوردو «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض جهاز إلكتروني يعمل بالطاقة الذاتية على الورق». وأضاف «لقد طورنا طريقة لجعل الورق طاردا للماء والزيت والغبار عن طريق طلائه بجزيئات مفلورة، ويسمح لنا هذا الطلاء الشامل بطباعة طبقات متعددة من الدوائر على الورق من دون جعل الحبر يتلطخ من طبقة إلى أخرى». وتوفر التكنولوجيا الكثير من التقنيات المتقدمة المفيدة، فهي تتطور بشكل جيد باستخدام عمليات الإنتاج الحالية، وهي جيدة للبيئة (يمكن إعادة تدوير الورق ببساطة مرة أخرى)، وهي مرنة، فضلا عن كونها مقاومة للماء وقابلة للتخصيص. وتشمل الاستخدامات المحتملة التغليف الذكي، أو عندما تكون أجهزة الإدخال المؤقتة مطلوبة. يقول مارتينيز «أتخيل هذه التقنية لتسهيل تفاعل المستخدم مع تغليف المواد الغذائية، للتحقق مما إذا كان الطعام آمنا للاستهلاك، أو لتمكين المستخدم من التوقيع على استلام الشحنة، التي تصل إلى المنزل، عن طريق سحب إصبعه فوق الصندوق لتعريف نفسه بشكل صحيح، واستلام طلبه في الحال». ويستطرد: «بالإضافة إلى ذلك، أثبتت مجموعتنا البحثية أن الأجهزة الورقية البسيطة يمكن تحويلها إلى واجهات مشغل موسيقى للمستخدمين لاختيار الأغاني، وتشغيلها، وتغيير شدة الصوت».