نظمت مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الوطني الشعبي ملتقى بعنوان «دور الإعلام في رص وتعزيز الجبهة الداخلية ومواجهة المخططات العدائية لاستهداف الجزائر»، قدمت فيه محاضرات لأكاديميين من تخصصات مختلفة، كانت ثرية وطرحت إشكاليات ووصفت وضعا وعرضت بدائل حلول. يكتسي الموضوع أهمية خاصة، على ضوء التحولات التي يعيشها العالم في المجال الإعلامي، لاسيما مع الثورة الرقمية وظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي وسقوط الحدود ومحدودية القدرة على تقنين الفضاء السيبراني بالنسبة لكل دول العالم. في بلادنا، يكتسي الموضوع أهمية أكبر عندما نُدرك حال وسائل الإعلام وتدهور علاقتها بالجمهور وقلة مصداقيتها المهنية، إضافة للفراغ الرقمي الذي تعيشه بلادنا وحجم التحديات التي ينبغي مواجهتها، ومنها استراتيجيات مغرضة ومناورات ومعلومات مغلوطة عن الجزائر، تستهدف أمنها وأمن مواطنيها الإعلامي وتستهدف حتى مؤسساتها، وهو ما يحتّم وضع رؤية جديدة للتعامل مع مختلف هذه الإشكاليات والقضايا. إن تجنيد الذكاء هو المنطلق وفتح باب التداول والنقاش وتدافع الآراء وبدائل الحلول هو مسار سليم للاستعداد الجيد للتعامل مع كل هذه الإشكاليات والتحديات. الأمن الإعلامي من مجال الاستراتيجية وليس من مجال السياسة، وهذا في كل بلدان العالم، مما يجعله موضوعا للخبراء والمختصين في هذا المجال وفي مجالات مكملة له. إن توفير الأدوات التي تمكن من تجسيد أي استراتيجية تعتمد، جزء من المعضلة المطروحة على الدولة وعلى الإعلام وعلى كل المختصين. في هذا السياق، الدولة في حاجة لترقية وسائل الإعلام، لاسيما العمومية منها وإقامة شبكة قوية من المواقع ووسائل الإعلام الرقمية في تخصصات مختلفة، وفق رؤية وطنية متكاملة ووفق أهداف محددة ووسائل متناسبة. إن خبراء الإعلام مطالبون اليوم بترقية العملية الإعلامية وترقية التعرف على الرأي العام وعلى الطلب الإعلامي وعلى نوعية الخطاب السياسي الإعلامي وعلى توفير أدوات متكيفة مع التحديات والتطلعات. وعلى السلطات العمومية أن توفر الوسائل المتناسبة مع مستلزمات التكفل بكل تلك التحديات، لأن ذلك من صميم حماية السيادة الوطنية ومن صميم حماية الدولة ومن صميم حماية المواطن إعلاميا وتحصينه ضد كل ما ينسج من مخططات ومن استراتيجيات. ويزداد القلق عندما ندرك أن أكثر من نصف الجزائريين يعيشون ساعات طوال على الشبكات، خاصة الفايسبوك، وندرك عندها أنه ينبغي علينا حماية هذه الفئات الاجتماعية إعلاميا. كما ندرك أنه ينبغي أن نتعرف على هذه الفئات بشكل علمي، وينبغي أن ندرك طبيعة الأثر الذي يخلفه هذا الارتياد، وطبيعة رد الفعل بعد ذلك لتلك الفئات. كل ذلك يتطلب دراسات علمية منتظمة وعميقة، تأمل مؤسسة «الشعب» المساهمة في هذا الجهد الوطني وفي توفير الظروف لعمل الخبراء في تعاون محكم مع الأكاديميين والخبراء. مبادرة إدارة من إدارات الجيش الوطني الشعبي بفتح باب النقاش في موضوع مثل هذا وإشراك الأكاديميين والمؤسسات الإعلامية العمومية، أعطى صورة عن فعلٍ غايته تجنيد ما أمكن من الذكاء في صالح البحث عن بدائل حلول لواحدة من الإشكاليات الأكثر تعقيدا في زمن العولمة والثورة الرقمية العارمة. «الشعب»