مطلوب تسريع نمو الاستثمارات لأننا أمام التنفيذ وليس عرض الأفكار إلغاء شرط المستوى الدراسي في التكوين ينقذ شباب من العمل الموازي يمكن ضبط سعر السردين بالاستيراد.. ولكن الفاتورة ستكون مكلّفة تحدّث وزير الصيد البحري والموارد الصيدية سيد أحمد فروخي، في حوار ل»الشعب ويكاند» عن جملة التسهيلات التي وضعتها مصالحه لتسريع دخول مشاريع القطاع حيز الإنتاج، لتوفير منتجات صيدية بديلة للثروة السمكية المتناقصة على طول الشريط الساحلي، وكذا الإجراءات الجديدة لدعم الشباب منها إلغاء شرط المستوى الدراسي في التكوين الخاص ببعض المهن، لإدماج هذه الفئة في سوق العمل القانوني. ويفصل في قرار الترخيص بالاستثمار في مجالات تسمين التونة، وصيد التونة الميتة، ورفع الحظر عن صيد المرجان، وقضية ارتفاع سعر السردين التي يمكن احتواؤها بالاستيراد ولكن بتكلفة مرتفعة، لذلك الأولى حسبه التوجه لتطوير إنتاج تربية المائيات وتشجيع الصيد في أعالي البحار. «الشعب ويكاند»: وجّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعليمات للحكومة بمحاربة البيروقراطية وإيجاد الحلول التي تواجه عراقيل الاستثمار، ما هي الإجراءات المتخذة من أجل تذليل هذه العراقيل على مستوى قطاع الصيد؟ سيد أحمد فروخي: نحن اليوم في مرحلة تنفيذ المشاريع بعد إعداد برنامج يمتد لآفاق 2024، حددنا فيه الأهداف انطلاقا مما أنجز سابقا، وضبطنا الأرقام المتعلقة بالإنتاج أو التكلفة المالية للاستثمارات، وقد تجاوزنا هذه المرحلة لتنفيذ الاستثمارات خاصة في مجال بناء السفن، الصيد في أعالي البحار، وتربية المائيات، لنمرّ إلى مرحلة مرافقة أصحاب المشاريع لتجسيدها في الميدان. من أجل ذلك أطلقت وزارة الصيد البحري منصة رقمية لجمع وإحصاء المشاريع الخاصة بالصيد في أعالي البحار، وبناء السفن، وتربية المائيات، واليوم لدينا طلب أكثر من 200 مستثمر مسجل في الأرضية الرقمية، وفي الأيام القليلة القادمة سندخل في تفاصيل المشاريع لتحسين محتواها بما يتطابق وبرنامج الحكومة من أهداف تتعلّق بترقية الشغل، واستعمال الموارد والقدرات الصناعية الوطنية وتموين السوق المحلية، وهي معايير يجب أن تتضمنها المشاريع لإدماجها في البرنامج الاستثماري للقطاع، لذلك سنعمل على تصويب كل المشاريع المقترحة. من جهة أخرى، طلبنا من المستثمرين تحديد التسهيلات المنتظرة من السلطات العمومية سواء فيما يخص التمويل أو المرافقة التقنية من تكوين، أو توفير العقار أو المرافقة مع البلدان التي تجمعنا معها اتفاقيات فيما يخصّ الصيد في أعالي البحار. وبغرض منح تسهيلات إضافية للمستثمرين، تمّ في الأشهر القليلة الماضية لامركزية العديد من الإجراءات الخاصة بالاستثمار، وتحويلها للسلطات المحلية، مثل منح تراخيص الصيد البحري، وهذا لتقريب الإدارة من المواطن، وهذه الخطوة تتطلّب توجه الإدارة المحلية لاستعمال الرقمنة وتوفير كل الشروط التقنية حتى لا تتوقف العملية. بقيت تراخيص صيد التونة الحمراء، التي تمنح على المستوى المركزي، سيتم إصدار قرار قريبا للشروع في منحها على المستوى المحلي. أغلبية الإجراءات الخاصة بتسهيل الاستثمار تتخذ على المستوى المحلي، لكن ينبغي إدراج تسهيلات أخرى، وعلى هذا الأساس وضعنا مع القطاعات المختلفة خطّة تم عرضها على الحكومة ونعمل على تنفيذها في الميدان، لهذا رئيس الجمهورية أعطى هذه التعليمة، حتى تسّرع كل القطاعات تنفيذ العمليات، لأننا اليوم أمام تجسيد المشاريع وليس عرض الأفكار، أو العمليات المبرمجة، لذلك يجب أن تكون مفّعلة في الميدان بالنوعية اللازمة. - أوصى رئيس الجمهورية كذلك بالتوجّه لإنشاء الحظائر البحرية لزيادة المنتجات الصيدية، ألم تحقّق مشاريع تربية المائيات السابقة الهدف المطلوب؟ إلى غاية 2024 يوجد أكثر من 100 مشروع مبرمج في مجال تربية المائيات في البحر، 10 مشاريع دخلت في الإنتاج سنة 2020، بمعدل مشروع كل شهر، والتركيز على هذا المجال، ينبع من أهميته في سدّ العجز المسجل في الموارد الصيدية الطبيعية، إذ تلجأ إليه العديد من البلدان خاصة الأسيوية التي أصبحت تكمّل العجز بتربية المائيات بحجم مشاركة يصل 80 بالمائة، في وقت كان حجم استهلاك تربية المائيات قبل 20 سنة يمثل 20 بالمائة، وأمام عدم امتلاك القدرة التي تتماشى مع طلبات المستهلك قامت العديد من البلدان البحرية بوضع إستراتيجية متوازنة تحافظ على الثروة الطبيعية البحرية وتستغلها بعقلانية، والفارق يأتي من تربية المائيات. نحن اليوم أمام تحدي تسريع مشاريع تربية المائيات لأنه يوجد بطء في دخول المشاريع عملية الإنتاج، حيث نحصي جاهزية عدة مشاريع بعد تحديد مواقعها والقيام بتنفيذ مختلف الإجراءات لدخولها مرحلة الإنتاج، ولكن أمام الظروف الاستثنائية الناجمة عن جائحة كورونا تعطّلت، مثل ما حدث في ولاية الشلف، حيث جهز أحد المستثمرين 12 قفصا عائما لوضعه في البحر، ولكن المسيرين الايطاليين الشركاء في المشروع لم يحضروا لاستكمال خطوات توسعة المشروع، بسبب استمرار غلق المجال الجوي في إطار تنفيذ تدابير الوقاية من تفشي الفيروس. من بين العوامل التي تسبّبت كذلك في تعطيل المشاريع الاستثمارية، تأخّر البنوك في منح التمويل، مع العلم أن جزء كبير من المشاريع أنجز بتمويل خاص، وهذا مشكل لا يتعلق بإدارة قطاع الصيد، وهو شرط ضروري لتسريع الاستثمارات، إضافة إلى وجود عراقيل إدارية أخرت إطلاق المشاريع بالرغم من استكمال دراستها، ولكن مع إعادة تفعيل اللجان التي تمنح التراخيص منذ حوالي 3 أسابيع سيتمّ تحريك المشاريع المتوقفة. ومن أجل تشجيع المستثمرين في القطاع، تمّ وضع تسهيلات جديدة تتمثل في خفض عدد الأقفاص التي ينطلق بها المشروع من 8 إلى 4 أقفاص، على أن يقوم المستثمر بتوسيع مشروعه تدريجيا ليستوفي الشروط المطلوبة. وجهنا تعليمة حتى يصبح المنتوج القادم من تربية المائيات لديه ثقل في السوق، لأنه موجود في الوقت الحالي ولكن ليس بالكمية التي تغطي الطلب، فإنتاج تربية المائيات يقدر ب10 آلاف طن في حين نحتاج إلى 20 ألف أو25 ألف طن حتى يجد المستهلك بديلا عن المنتجات البحرية. تطوير شعبة تربية المائيات يحتاج إلى فتح قدرات صناعية وطنية، في المدخلات، صناعة الأقفاص، السفن، لذلك سنعمل على تسريع هذه المشاريع لتحقيق الاستقلالية وإنهاء التبعية للخارج التي تفرض إجراءات ثقيلة تتطلب وقتا، وموارد مالية ضخمة، وستكون البداية بولاية مستغانم بوضع أقفاص عائمة منتجة محليا، وسنبحث إمكانية تعميم صناعتها محليا مع الصناعيين، حتى نوفر للمشاريع الجديدة العتاد اللازم، بدل انتظار مهندسين أو تقنيين أجانب، نفس الشيء بالنسبة لإنتاج الأعلاف واليرقات، يجب في الأشهر القادمة تحقيق الاستقلالية وتوفيرها محليا. تربية المائيات كذلك مربوطة بتسيير الموانئ، فعندما يكون التسيير واضح وليس مقعدا يمكن إنجاح الاستثمارات الخاصة بهذه الشعبة، لأن حظيرة تربية المائيات تحتاج إلى موانئ رسو، لحفظ العتاد وإنزال المنتوج، لذلك سنعمل على إزالة كل هذه العراقيل لتسريع وتيرة انجاز المشاريع، ودخول المستثمرات الجديدة في الإنتاج، حتى تكون المشاريع المنجزة آفاق 2024 بمدخلات وطنية واستعمال عتاد محلي وموارد بشرية جزائرية. - هل هناك تحفيزات جديدة لتشجيع الشباب على الاستثمار في قطاع الصيد البحري وتربية المائيات، خاصة عن طريق آليات الدعم «أناد»، «لكناك» و»أنجام»؟ طريقة دعم الشباب تغيّرت، والمشاريع الاقتصادية يجب أن تدخل في منطق المقاولاتية، وفق الطريقة الجديدة المعتمدة مع الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية «أناد»، وزارة الصيد ستوفر الإمكانيات على المستوى المحلي وليس المركزي، حتى تؤطر وتخلق بيئة استثمارية بإشراك المختصين والمهنيين لتمكين الشباب الموجود بالقرب من مناطق نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات من الاستفادة من آليات الدعم الجديدة، وتشجيعهم على الاستثمار خاصة في السلسلة التي تبدأ من الإنتاج وصولا إلى المستهلك، بعدما تركزت أغلبية الاستثمارات في السنوات الماضية على الصيد والسفن فقط. الآن نريد توجيه الاستثمارات الشبانية نحو صيانة السفن، فالصيد الساحلي لا يحتاج اليوم إلى سفن جديدة بل يحتاج إلى صيانة تكون متوفرة في كل ميناء، وفي هذا الإطار انطلقنا في برنامج لتكوين الشباب الناشطين على مستوى الموانئ بطريقة غير قانونية وبحثنا مع مؤسسة موانئ الصيد البحري إمكانية تخصيص محلات على مستوى الموانئ لإدماج هؤلاء الشباب في إطار مؤسسات مصغرة أو ناشئة، بعد إخضاعهم للتكوين ومنحهم شهادات تسمح لهم بالاندماج في عالم الشغل القانوني. منذ 3 أسابيع، بدأت هذه الدورات التكوينية عبر أقسام فتحت بالقرب من نشاط الشباب، وقد تمّ إلغاء شرط المستوى الدراسي، حتى تستفيد أكبر فئة من هذا الإجراء لتسهيل إدماجها في النشاط الاقتصادي. يوجد فئات أخرى ستستفيد من دورات تكوينية في المعاهد تحت الوصاية، ويمكن أن يستثمروا في الفروع التي تشهد نقصا وليس بالضرورة في الصيد، وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة بروز عدة نشاطات يمكن دعمها مثل توصيل طلبات الزبائن للبيوت، واستغلال الموارد البحرية مثل طحالب البحر، التي تعتبر مادة أولية للصناعة الصيدلانية ومواد التجميل، كذلك مشاريع بناء السفن، والصيد في أعالي البحار. - على ذكر الصيد في أعالي البحار، يحتاج هذا الأخير إلى مرافق ووسائل متطوّرة، فهل تمّ توفير الشروط الملائمة لفتح المجال للاستثمار فيه؟ فعلا الصيد في أعالي البحار يتطلّب وجود مرافق في المستوى، والموانئ التي تملكها الجزائر مخصّصة للصيد الساحلي، وهي موانئ صغيرة، لذلك وضعنا هدف تهيئة ثلاثة موانئ واحد في الغرب، وآخر في الوسط، والثالث في الشرق لاستقبال هذه السفن وسلعها والخدمات المرافقة لها، مثل الصيانة وحفظ العتاد، وهذا يحتاج إلى مستوى خدمات كبير، وطاقم محترف، فقائد سفينة الصيد في أعالي البحار يجب أن يكون لديه نفس مستوى قائد سفينة نقل المسافرين. الصيد في أعالي البحار يحتاج إلى سفن مجهزة بأحدث الوسائل والتكنولوجيات العالية، لأنه لن يكون في يوم واحد بل في مدة شهر أو أكثر، لذلك هذه الخطوة تحتاج إلى موانئ كبيرة وطواقم محترفة، وقد بدأنا في تكوين قادة سفن صيد مدة التكوين أكثر من عام، معنى هذا أن التحوّل من الصيد الساحلي إلى أعالي البحار يحتاج إلى وقت وتوفير الظروف الملائمة، وفي ظرف عامين يمكن تكوين طواقم وطنية، دون اللجوء للأجانب، كذلك نحتاج إلى متعاملين لديهم سفن وأموال للاستثمار في هذا المجال، وقد تلقينا 80 طلبا منهم في انتظار الفصل في ملفاتهم. - هل صحيح قرّرتم توسيع مجال الاستثمار في القطاع إلى تسمين التونة وصيد التونة الميتة؟ الإستراتيجية الجديدة للقطاع، تتضمن فتح مجالات الاستثمار في تسمين التونة، بعدما انحصر لعدة سنوات في صيد التونة الحية، التي لا تستفيد منها السوق الوطنية وتوجه للأسواق الخارجية، وحتى لا نبقى في المرحلة الأولى من السلسلة، قرّرنا فتح مجالين، الأول إعادة بعث مشاريع تسمين التونة، ونظّمنا في هذا الصدد لقاء مع متعاملين من كرواتيا وبلدان أخرى تريد تشجيع مثل هذه المشاريع وسننظم ورشة قبل نهاية الشهر، لبحث النيات الموجودة للاستثمار ووضع دفتر شروط خاص بالعملية، لأنه في المرة الأولى حينما فتحنا المجال لهذا النوع من الاستثمارات لم يوضع دفتر شروط، وكان المتعاملون يريدون من وراء ذلك الحصول على تراخيص لصيد التونة وليس إقامة مزارع تسمين بصفة مباشرة، لذلك سيتم هذه المرة تحديد النشاط بدقة ويلزم به المستثمر. من جانب ثاني قرّرنا فتح المجال لصيد التونة الميتة، بتوجيه حصة من كوطة الجزائر للسوق الوطنية، بدل توجيهها حية للسوق الخارجية (اليابان)، وفي البداية ستمنح تراخيص الصيد لمتعاملين اثنين. - بالرغم من الانتهاء من إعداد الإطار القانوني لرفع الحظر عن صيد المرجان، إلا أن هذا النشاط لم يستأنف بعد، لماذا؟ 5 سنوات والملف يراوح مكانه، ولكن الكرة الآن في مرمى الوكالة الوطنية للتنمية المستدامة للصيد البحري وتربية المائيات، كل المراسيم والمناشير صودق عليها، بقي الجانب الميداني، يجب تنظيم الراغبين في الاستثمار في هذا المجال، إنشاء لجنة ولائية على مستوى الميناء، وتكوينهم للانطلاق في العملية، وتوفير كل الشروط التقنية من وسائل الصيد والعتاد، وهذه تفاصيل عملياتية. سيتمّ فتح نشاط صيد المرجان بثلاث ولايات وهي الطارف، سكيكدة وجيجل، واختيار المتعاملين سيكون بعد إطلاق مزايدات، وحدّدت الحصة المسموح بصيدها 6 طن سنويا، 70 بالمائة من المرجان الخام يوجه لمؤسسة «أجينور»، وتفتح منطقة الصيد لمدة 5 سنوات وتغلق لمدة 20 سنة لضمان تجدد الثروة وحمايتها من الاستنزاف. - قمتم بتنصيب لجان محلية تتولى عملية تنظيم سوق المنتجات السمكية، هل يدخل هذا في إطار ضبط الأسعار التي شهدت ارتفاعا قياسيا؟ منذ الثمانينات ومنتجات الصيد البحري ليس لديها قيود من جهة الضبط أو الأسعار والسوق هو من يهيمن على المنتوج، عكس قطاع الفلاحة الذي تخضع منتجاته خاصة الواسعة الاستهلاك مثل الحليب والسميد إلى التسقيف. وفي وسط ضجة الأسعار، كان يتعين علينا المرور إلى عملية ضبط المنتجات الصيدية بالرغم من أن هذه المهمة ليست من صلاحياتنا، لأن تسيير الميناء ليس تحت وصاية الوزارة، وعملية التسويق تبدأ بعد الإنزال. ولكن حتى لا نبقى متفرجين أطلقنا هذه المبادرة على مستوى الولايات، وتمّ تنصيب لجان محلية تجمع كل الهيئات التي تتدخل في مختلف مراحل التسويق والمراقبة، من وزارة التجارة، البيئة، الفلاحة، المهنيين، المسوقين، لوضع تشخيص للأمر ورفع اقتراحات انطلاقا من الوضعية الميدانية، كما تمّ تنصيب لجنة وطنية تتولى جمع كل المقترحات للوصول إلى نظرة شاملة تحدّد مجالات تدخل كل قطاع، فإذا كان الأمر يتعلق بالمراقبة تتدخل وزارة التجارة، وإذا كانت قضية صحة حيوانية تتدخل وزارة الفلاحة وهكذا يمكن توزيع الأدوار. يمكن ضبط السوق بكميات إضافية، عن طريق الاستيراد في فترة الراحة البيولوجية من شهر ديسمبر إلى مارس، ولكن ستكون العملية مكلفة بالعملة الصعبة وبالدينار، كما أن السردين المجمد غير مطلوب في السوق الوطنية، والسردين الطازج منتوج سريع التلف، يستحيل استيراده من البلدان البعيدة لأن ضمان السلامة الصحية للمنتوج ضرورية، ولكن هل نحن في وضعية اليوم تسمح لنا بالاستيراد ومضاعفة الفاتورة؟