يعكس جناح القوات البرية، بمعرض الجيش الوطني الشعبي »ذكرى وإنجازات« ،المنظم بقصر المعارض الصنوبر البحري في إطار الاحتفالات بخمسينية استعادة السيادة الوطنية ، مدى تطور المنظومة العسكرية الجزائرية، واستعدادها الدائم لخدمة الأمة في جميع الظروف. بين تجهيزات عصرية متطورة، وإمكانيات بشرية، تظهر القوات البرية على أهبة الإستعداد، مستنفرة جميع وحداتها القتالية، لمواجهة المتطلبات الأمنية الجديدة التي فرضتها الأوضاع في دول الجوار، سيما في ليبيا، ومنطقة الساحل. وأنت، تلج المعرض الخاص، بالجيش الوطني الشعبي، يلفت انتباهك التنظيم المحكم لأقسام المعروضات، التابعة لمختلف أقسام أسلحة القوات البرية، كقسم المدرعات، قسم المشاة، قسم القوات الخاصة، قسم المدفعية المضادة للطائرات، قسم النقل، المدفعية، قسم هندسة القتال، بالإضافة إلى الجناح الخاص بالأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة، بصفتها الحلقة الأساسية في جهاز التكوين، للقوات البرية، و الجناح المصغر المخصص للتجنيد مادام أن فترة العرض تتصادف مع حملة التجنيد بالأكاديمية لمختلف القوات وهياكل وزارة الدفاع الوطني. وتضم أقسام المعرض، العديد من الأسلحة، التي عملت قيادة الجيش الوطني الشعبي على تطويرها، منذ إنشاء هذه القوات، ففي جناح سلاح المدرعات، تجد مقذوفات الأسلحة التي ُتركب على الدبابة من رشاش موازي، رشاش مضاد للطائرات، ومختلف القذائف التي ترمي بها الدبابة من عيار 100 ملم و125 ملم. ويشارك سلاح المشاة، حسب المقدم بن يحي عبد الحفيظ، بالأسلحة الخفيفة والجماعية المتمثلة في المسدس الآلي مكالوف عيار 9 ملم، البندقية الآلية كلاشنكوف ف.م.ب.ك عيار، البندقية القناصة، القاذف الصاروخي م/ د.ر.ب.ج 7 عيار 40 ملم، فيما يشارك المشاة بالأسلحة الجماعية بالقاذف الصاروخي س.ب.ج 9 عيار 73 ملم الهاون، سلاح القاذف الآلي المتخصص في تدمير القوات المعادية. أما قسم جناح القوات الخاصة لبسكرة، فيسلط الضوء على المشحونات المستعملة في دعم القوات الصديقة من ذخيرة، ماء، تغذية، أو الأسلحة ،المشحونات الثقيلة المتوسطة، السوائل ،إنزال الاسلحة ،أكياس لينة، صناديق مختلطة خاصة بالذخيرة، فضلا على المهام التي تقوم القوات الخاصة في مؤازة المواطنين وقت وقوع الكوارث الطبيعية كالفيضانات، الزلازل، الثلوج. وفي الجناح الخاص بالدفاع المضاد للطائرات، يمكن أن تتعرف على مختلف الصواريخ المستعملة في الدفاع، عن الطائرات، رادارات، الأجهزة البصرية لتحديد الأهداف منها صاروخ صاعق. ولأن النقل يشكل عصب الجيش الوطني الشعبي، فقد أظهرت المعروضات مختلف الوسائل التي تستعملها القوات البرية في ميدان المعركة، لنقل الأفراد للوصول بهم الى الخط الأمامي، وتلك المستعملة في نقل الوسائل، والوحدات. وتولي القوات البرية، الأهمية إلى سلاح الهندسة، حيث تظهر أهم المعروضات في القسم الخاص بهذا الميدان، الجهود التي تبذلها هذه القوات في الحماية من الأسلحة النووية والبيولوجية، باستعمال مجموعة من الأجهزة التي تكشف الأسلحة الكيمائية منها جهاز الكاشف الأوتوماتيكي للغازات، ومجموعة الكشف الكيماوية “اوري 17”، الخاصة بتطهير العتاد والأفراد، بذلة الوقاية الصينية “82”، واللباس الروسي “اوزيكا”. ويهتم جناح الحراقين، بإبطال الأجهزة الملغمة، من خلال استعمال أجهزة بحث الكشف عن المعادن، وأجهزة رقمية بالتصوير بالأشعة الصينية. وتلعب الهندسة العسكرية، دورا مهما خلال الكوارث والنكبات التي تلحق بالشعب الجزائري من فيضانات وغيرها، من خلال نزع الركام، الثلوج وغيرها، وإلى جانب عملها الإنساني هذا، تسعى في إطار تنفيذ مهامها الوطنية، التي تدخل في إطار تنفيذ اتفاقية” اوتاوة”، إلى نزع جميع الألغام التي خلفها المستعمر على خطي شال وموريس، و تدمير مخزون الألغام المضادة للأفراد الموجود لدى الجيش الوطني الشعبي. رجال العتاد.. عزيمة .. صبر وقوة في الميدان يعكس واقع المعروضات، التطورات التي عرفتها القوات البرية، من ناحية الوسائل المستعلمة، الأسلحة والأنظمة ومن ناحية تكوين المورد البشري على هذه الأسلحة المتطورة ومنظومة الأسلحة التي تعرف تسارعا في التطور، خاصة في السنوات الأخيرة. ويؤكد العقيد فوضيل بوزكرية، مسؤول جناح قيادة القوات البرية في تصريحه ل»الشعب« أن تطور القوات البرية بدأ منذ التاريخ القديم للجزائر، فهي المكون الأول للجيش الجزائري، حيث تشكل في بداية الأمر من جنود، ومشاة، حاملين للسيف والرمح في القديم، ومختلف الأسلحة التي عرفت في التاريخ، ونفس الشيء لما نصل للعصر العثماني، فرغم وجود أسطول بحري قوي، إلا أن المشاة ساهمت بقسط كبير في الدفاع عن الأراضي الجزائرية، من خلال منع الحملات الآتية من البحر لاكتساح التراب الجزائري وما أكثرها من مختلف الدول الأوربية. ويضيف العقيد بوزكرية، أن تكوين الجيش الجزائري بنظامه ورتبه ولباسه، بدأ مع الأمير عبد القادر، الذي كون جيشا عصريا حتى من الأسلحة، حيث صنع الأسلحة والذخائر في مصانع مليانة الذي يشهد على تطور جيشه النظامي الذي أقعد الجيش الفرنسي. وبالرجوع إلى مختلف المقاومات، لعبت المشاة، والخيالة دورا كبيرا في استمرارية مقاومة الإحتلال الفرنسي إلى غاية اندلاع الثورة التي اعتمدت أساسا على القوات البرية، قبل الشروع في السنوات الأخيرة من الثورة في تكوين الغطاسين والطيارين في الدول الشقيقة والصديقة. وانطلاقا من تحول جيش التحرير الوطني، إلى الجيش الوطني الشعبي في 1962، بدأ مسار تطوير الجيش الوطني الشعبي في مختلف المحاور إلى أن تم تأسيس القوات البرية سنة 1986 بالإسم الحالي، لتشرع هذه القيادة، في تطوير وعصرنة المدرعات، المشاة، القوات الخاصة، مع أخذ بعين الإعتبار ضرورة مواكبة الموارد البشرية للتطورات الحاصلة في الثورة التكنولوجية للأسلحة وأساليب القتال، حتى تكون هذه الموارد البشرية في مستوى التحكم الجيد في منظومة الأسلحة، في أساليب القتال المستحدثة، وفي مختلف أساليب المعركة الحديثة، بالتعاون مع القوات الأخرى للدفاع عن التراب الوطني. أسلحة متطورة وتحويل وحدات لتحصين الحدود يقول العقيد بوزكرية، أن جهود التطورات والعصرنة، بدأت تؤتي أكلها بحيث أصبح لدى القوات البرية، أسلحة من آخر طراز، تقوم بأعمال قتالية بالتنسيق مع مختلف القوات خاصة الجوية، على اعتبار أن التفوق الجوي هو من أصبح يحسم المعركة، لذا نركز على مختلف الأسلحة التي تحمي التراب الوطني من الحملات الجوية، بالإضافة إلى استحداث قسم الاستطلاع والحرب الإلكترونية، لحماية الوحدات وأنظمة قوات الدول الصديقة، وحمايتها من التشويش المعادي، وكذلك التشويش على مختلف أسلحة العدو ومنظومته، للسماح للقوات بالقيام بالعمليات المسلحة خلال المعركة. وبالرجوع إلى التهديدات التي تحيط بالتراب الوطني، خاصة على مستوى الحدود البرية الجنوبية، حيث انتعش تهريب السلاح، وكثفت الجماعات الإرهابية من نشاطها، وظهرت مختلف التهديدات العابرة للأوطان، كالجريمة المنظمة، تهريب المخدرات التي لها انعاكسات مباشرة على وطننا، أوضح ذات المسؤول أن هذا الوضع الخطير، استدعى من قوات الجيش الوطني الشعبي تجنيد طاقات كبرى لحماية الحدود أولا، والتنسيق مع دول الجوار خاصة دول الميدان كما تسمى، لاحتواء هذه التهديدات، ومحاولة القضاء جماعيا على كل المخاطر، التي تهدد وحدة التراب الوطني. واعتمدت، وزارة الدفاع الوطني مخططا وطنيا لتحصين الحدود، والتصدي لكافة التهديدات، ارتكز على إعادة إنتشار القوات العسكرية على طول الحدود الجزائرية، خاصة الغربية، والجنوبية مع تدعيم خط الحدود بوحدات حولت من مناطق أخرى لوقف زحف تهديد الحدود، ولتشكل قوة ضاربة تقلل بشكل كبير التأثيرات على الأمن الوطني، كما تم تسخير الإمكانيات المادية، وإمداد تلك الوحدات بالطائرات، لأن المنطقة مفتوحة، على كل التهديدات والمخاطر. وبهدف، تعزيز حماية الحدود، تم خلق كتائب أو سرايا المهاري، وزودت بوسائل إتصال متطورة، وسيارات رباعية الدفع قوية، لضمان مراقبة الحركة على الحدود الجنوبية المتميزة بالتضاريس الوعرة. وبإمكان هذه الكتائب، حسب العقيد بوزكرية، التوغل في المناطق الصعبة التي تعجز السيارات، والعربات عن الوصول إليها، مشيرا إلى أن هذه الكتائب سبق وأن اعتمد عليه الجيش الوطني الشعبي في الستينات، حيث شاركت حينها في حماية الحدود الجنوبية بمساعدة الجمال، وهي الطريقة الأنجع لبلوغ مناطق يصعب على العربات الوصول إليها، حيث تمتد الدوريات التي تقوم بها السرايا إلى عدة أيام، يقطع فيها فرسان المهاري مسافات طويلة على طول الحدود الجزائرية، تتخللها عمليات مراقبة وتفتيش للمحاور التى يسلكها المهربون والمجرمون. دور محوري في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة تلعب الجزائر دورا محوريا، في إطار محاربة التهديدات الأمنية، التي تتربص بالحدود، وذلك من خلال توصيل تجربتها لدول الساحل، وتكوين وحدات هذه الدول، حتى يكون التنسيق، وتبادل المعلومات في إطار هيئة أركان الميدان. وأوضح العقيد بوزكرية أن الجزائر من خلال مضاعفة التنسيق، تسعى إلى خلق القيمة المضافة التي تسمح لدول الجوار باحتواء هذه التهديدات وعدم ترك المجال للتدخل الأجنبي في المنطقة، لأنه كلما كان تدخل أجنبي في المنطقة، كلما أخذ الأمن أبعاد أخرى، وبالتالي تكثيف الجهود الدبلوماسية، والدبلوماسية العسكرية، وتبادل المعلومات، والتنسيق العملياتي في الميدان، وتبادل التجارب، والمعلومات، وغيرها من الأعمال التي تجري على جميع الأصعدة لخلق القدرة الجماعية لمواجهة هذه التهديدات، و التي تعتبر ضرورية لوضع حد لأي تدخلات أجنبية. وأشار العقيد بوزكرية، إلى أن التدخل الأجنبي يمكن أن يكون فقط، بتقديم الدعم للدول التي تعاني من التوترات الداخلية، وإمدادها ببعض الوسائل التي تسمح لها بمحاربة المخاطر والتهديدات الموجودة في المنطقة.