يُنافس « قلب اللّوز» حلويات تقليدية أخرى لا تستغني عنها العائلات، بولاية البليدة، خلال شهر رمضان المعظم، وإن خلت عندهم مائدة من «الزلابية « فإن «قلب اللّوز» هو البديل المثالي لها، كما يُفضّل بعضهم أحيانا تناول عصير «الشاربات» بدلا من المشروبات الغازية. في السنوات الأخيرة تنامى عدد العائلات التي تصنع الحلويات بشكل عام، فبعض النسوة في البليدة تصلهن طلبات يوميا من قبل زبائنهن لأجل إقامة حفل زواج أو ختان أو خطوبة أو عيد ميلاد أو أي مناسبة فرح، بل يمكن تصنيفهن كحرفيات متخصّصات في تحضير المأكولات التقليدية. غير أن صناعة «قلب اللّوز» بشكل خاص تعتمد عليها بعض العائلات الفقيرة في تحصيل قوّتها ولمجابهة غلاء المعيشة، خاصة وأن هذا النوع من الحلويات يُستهلك طوال السنة من قبل سكان مدن البليدة وضواحيها، ويتم عرض هذا النوع من الحلويات بالمقاهي أو في الأسواق، ومع حلول رمضان تنتعش تجارتها بشكل لافت لارتفاع الطلب عليها. وفي بوفاريك تُعتبر عائلة: «بزاز» أشهر العائلات التي تقوم بتحضير «قلب اللّوز» طوال السنة، وحينما تجوّلنا وسط المدينة لفت انتباهنا طابور من الزبائن ينتظرون دورهم أمام محل هذه العائلة الكائن بشارع مختاري علي القريب بعشرات الأمتار من منزل عائلة «أكسيل» التي تمتهن صناعة «الزلابية». ويقول عبد النور بزاز الذي وجدناه بالمحل: «نحن سبعة إخوة تعلّمنا تحضير قلب اللّوز عن والدنا الذي سبقنا إليها ولدينا ما يقارب 60 عاما ونحن نزاولها وما زلنا حتى الآن. وصناعة هذه الحلوة بسيطة جدا، ويلزمنا السميد والسكر والسمن وماء الزهر، يتم خلط هذه المواد لتشكيل عجينة لنتركها تبيت ليلة، وفي اليوم الموالي نبدأ عملية ملء الأطباق الخاصة ووزنها، ثم نضعها في الفرن لتبقى قرابة 45 دقيقة تحت نار متوسطة، وبعد إخراجها نضيف لها العسيلة التي نصنعها من السكر والماء والليمون ليغلي معها، ثم نتركها لمدة يوم قبل بيعها... وخلاصة القول حلويات قلب اللّوز «لازم تبات « 24 ساعة قبل عرضها للبيع». وفيما يخصّ معايير الجودة، أوضح محدثنا: «كي تضمن جودة قلب اللّوز لابد من استعمال سميد جديد، ونوعين من السميد الصلب والمتوسط بمزجهما معا .. وينبغي احترام المقاييس حتى نعرف إذا كانت العجينة جاهزة بعد الخلط .. فقد نًنقص أو نزيد لها الماء». وأخبرنا عبد النور: «في السابق اشتهرت بوفاريك بثلاثة عائلات تصنع قلب اللّوز وبعد مضي السنوات بقيت عائلتنا متمسّكة بهذه الحرفة ونحن نعتمد عليها في الاسترزاق. فأنا مثلا اشتغلت مساعد تربوي وحصلت على التقاعد المسبق، وحاليا أسترزق من تحضير قلب اللّوز وبيعها.. نحن نحضّرها في البيت ونبيعها هنا في المحل بالتجزئة فقط». وحينما كان يتحدّث إلينا عبد النور دخلت امرأتان فوق الأربعين إلى محله وكشفت لنا إحداهما أنها جاءت من الجزائر العاصمة: «آتي هنا خصيصا لشراء قلب اللّوز فهي محضرة بطريقة جيدة ولذيذة. كما تعلمون فإننا نتناول قلب اللّوز والحلويات الأخرى في السهرة ونكرّم بها الضيوف خلال شهر رمضان.». ولا يعرض عبد النور بمحله « قلب اللّوز» فقط بل يبيع أيضا حلويات أخرى مثل « البقلاوة» و» القطايف « و» خبز تونس»، غير أن « قلب اللّوز» هو الأكثر طلبا والأكثر استهلاكا على حد قوله، وبحسبه، فإن القادمين إلى بوفاريك لا يرغبون في شراء « الزلابية» فحسب، بل كثيرون يأتون من أجل « قلب اللّوز» و» الشاربات».