أثارت قضية توزيع منحة التمدرس على المحرومين والمعوزين بثلاث بلديات بولاية الشلف ضجة كبيرة فجرت جملة من التحقيقات والملاحقات القضائية تعود شرارتها الى آواخر 2010، الأمر الذي خلف هيستيريا وسط 120 مستفيد من الأولياء منهم إداريون ومنتخبون، الشيء الذي زلزل الشارع الشلفاوي بين غاضب ومتحفظ على المنعرج الذي أخذته، مما جعل «الشعب» تنفرد بالتحقيق وتسليط الضوء بناء على مصادر رسمية تتعلق بمجرى 9300 منحة مدرسية تخص البلديات الثلاث، وهذا بعدما نظم أعضاء المجلس الشعبي الولائي وقفة احتجاجية على المسار الذي آلت إليه القضية وما أحيط بها، مما عطل مناقشات المجلس الخاصة بالميزانية الولائية. مسار القضية التي أخذت أبعادا خطيرة لدى البعض والتسويق الإعلامي والغموض لدى البعض الآخر أفرز جملة من الاتهامات تباينت المواقف بشأنها، مما ألحق أضرارا معنوية وزرع شكوكا لم تكشف طبيعتها ومصادرها. هذه الوضعية في أعقد ملف بكل خلفياته وأطواره التي أيقضت صفيحا ساخنا لدى سكان بلديات بني راشد وأولاد عباس وواد الفضة، دفعت «الشعب» للكشف عن حقائق مثيرة تنويرا للرأي العام بكل جرأة.
منح تمدرس تحت مطرقة المرسوم الرئاسي والقرار الوزاري المشترك توجت وضعية الدراسة والتشخيص الميداني لمعرفة الأحوال والظروف الاجتماعية لسكان البلديات ال35 من طرف المصالح الولائية والجهات المعنية بتحديد حصة كل بلدية من منحة التمدرس التي خصصها رئيس الجمهورية للفئات الهشة والمحرومين وشرائح أخرى تثبتها الوثائق القانونية ضمن التصنيف الذي أقره المرسوم رقم 01 / 238 المؤرخ في 2001 وكذا المنشور الوزاري المشترك الصادر في 01 / 07 / 2010، بتحديد حصة 9300 منحة مدرسية منها 5172 لبلدية واد الفضة و3438 لبلدية بني راشد و690 منحة لبلدية أولاد عباس حسب التقرير الصادر عن دائرة واد الوادي المؤرخ في 12 أكتوبر 2010 والممضى من طرف المسؤول الأول بالدائرة حسب نص المراسلة الموجودة بحوزة «الشعب». ولتوضيح ما نصت عليه المراسلة، ننقل ما جاء فيها تحديدا للمسؤولية المخولة قانونا وإماطة للثام عن القضية حيث ورد فيها ما يلي «ترسل قوائم المستفيدين (المنحة الدراسية السابقة) إلى كل المؤسسات التربوية بغرض تحيينها وإعادتها إلى مصالحي، أما المستفيدون الجدد تودع ملفاتهم لدى المؤسسات التربوية قبل أن يتم عرضها على لجنة الدائرة (رئيس الدائرة، رئيس اللجنة، ورئيس المجلس الشعبي البلدي، ممثل جمعية أولياء التلاميذ المعنية)، اللجنة المذكورة مكلفة بدراسة ملفات المستفيدين حالة بحالة، وعقبها تمضى القوائم من طرف اللجنة وترسل إلى مراكز الدفع من أجل التخليص» يقول مسؤول الدائرة في تقريره الموجود بحوزتنا. «وبالإضافة إلى كونه المسؤول على حسن سير العملية حسب التقرير، فمن جانب آخر وحسب الصلاحيات المخولة له قانونا يحق له اتخاذ قرارات في إضافة بعض الوافدين يوميا (صباحا ومساء) والذين يشتكون مشاكل اجتماعية ومالية تمنعهم من اقتناء الكتب والأدوات المدرسية في قوائم المستفيدين من المنحة.. ولم نسجل لحد الآن أي مشكل ولا فوضى ولا أي شكوى من المواطنين» يشير رئيس الدائرة في تقريره السابق. الى هنا تتحدد مسؤولية الدائرة في السير الحسن لتوزيع هذه المنحة حسب ما أقره ذات الرئيس، لكن ماذا حدث من تطورات بعد هذه الإجراءات القانونية المطبقة حسب ما جاء في التصريح السابق؟.
حصة 120 منحة فائضة.. المنعرج والتساؤل حسب المصدر الرسمي فإن التوزيع مر بالطرق القانونية وبدون فوضى أو احتجاج أو شكوى من المواطنين، بالإضافة إلى الاستفادات التي يمنحها المسؤول الأول بالدائرة والتي تدخل ضمن صلاحيته بعد استقباله للمغبونين وأصحاب المشاكل الاجتماعية حسب ما جاء في تقريره أكتوبر 2010. لكن ماذا حدث بعد هذا، حتى تفجر قضية من هذا العيار والمتمثلة في الملاحقات القضائية والتحقيقات الأمنية، وحالة خوف لدى بعض المستفيدين، وتأويلات وإشاعات واتهامات وذيوع الأخبار المتضاربة مما زرع حالة من الهيستيريا التي ألحقت أضرارا معنوية وذهولا.. «وين الصح وين الخطأ؟». وهنا أكد لنا رئيس بلدية أولاد عباس الذي زارته «الشعب»: «لم أفهم لحد الساعة من يحرك هذه القضية وهو العمل الذي قام به هؤلاء، ويختلف عن البلديات الأخرى؟. التوزيع تم حسب ما يشير إليه المرسوم الرئاسي والمنشور الوزاري المشترك، وهو توزيع قانوني كما هو الحال ببلديتي التي استفادت من حصة 690 منحة، حيث وبالإضافة إلى الملف والشروط القانونية المتوفرة في المستفيد، لجأنا إلى إعداد وثيقة تصريح شرفي ل690 مستفيد يمضيها هذا الأخير ويصادق عليها من طرف مصالح البلدية وموجود لدى المؤسسات التربوية حتى نحمله المسؤولية الشخصية وتبعات الاستفادة وهو ما جاء من توضيحات ضمها تقرير المنحة 2010 / 2011 الممضى من طرف رئيس البلدية والموجود بحوزتنا. أما فيما يخص حصة 120منحة التي بقيت والتي وزعها رئيس الدائرة على ضعيفي الدخل من عمال الدائرة والبلدية، فهذا قرار يخص رئيس الدائرة ويدخل ضمن صلاحياته بصفته رئيس اللجنة يقول ذات المنتخب الذي أكد لنا بقوله «فوجئنا نحن رؤساء البلديات المعنية ورؤساء جمعيات أولياء التلاميذ بالإضافة إلى المستفيدين ال120 بعملية التحقيق الأمني (عن طريق السماع الأمني) في آواخر 2010. ولم يظهر أي مؤشر على القضية إلا بعد 3 أيام من الانتخابات التشريعية» يشير محدثنا حيث تلقينا استدعاءات للحضور إلى قاضي التحقيق بمحكمة خميس مليانة، إلى هنا الأمر عادي، لكن فوجئنا بأن القضية أخذت منحى آخر وكيفت على أساس جنائي ضمن التهم التالية: الغدر، سوء استعمال السلطة، تزوير المحررات الرسمية، تبديد الأموال العمومية يقول ذات المنتخب، وهو ما جعلنا نطالب بإعادة النظر في القضية وجعلها في سياقها لأننا لم نر أي مخالفة وإنما جرى توزيع المنحة بنفس الطريقة التي تعاملت بها كل الدوائر والبلديات، وتوزيع حصة 120 منحة من صلاحيات رئيس الدائرة لتقييم الأوضاع الاجتماعية ولا دخل لنا نحن فيها باعتبار أن الملفات تمر عبر مدراء المؤسسات ورؤساء جمعيات أولياء التلاميذ وترسل إلى مصلحة الشؤون الاجتماعية لإعداد القوائم النهائية التي تمضى بالدائرة.
رفضنا الإمضاء رفقة منسق جمعيات أولياء التلاميذ بحجة.... لم تجد التطورات المتسارعة نظرا لحساسية القضية المتعلقة بمنحة التمدرس من إقدام رئيس أولاد عباس على رفض إمضاء القائمة رفقة منسق جمعيات أولياء التلاميذ لذات المنطقة حسب ما تضمنه تقرير ممضى من طرف ذات المنتخب والذي نحوزه حيث أرجع هذه الخطوة إلى أن رئيس الدائرة السابق لم يقم بتطبيق المنشور الوزاري المؤرخ في 01 / 07 / 2010 ولم يقم باستدعاء اللجنة المكلفة بالعملية، وبعد قيام مصالحه الخاصة بالشؤون الاجتماعية بإعداد القوائم وتحيينها رفقة مدراء المدارس والمتوسطات والثانويات على الطريقة القديمة، وقيامه بالإمضاء عليها وإرسالها إلى مراكز التلخيص على مستوى المؤسسات ثم رفضها وإرجاعها له بحجة عدم مطابقتها للمرسوم يقول ذات المنتخب الذي برر إقدامه على هذه الخطوة رفقة منسق جمعيات أولياء التلاميذ كونه لم يشارك في إعدادها، الأمر الذي جعلنا نرجعها من حيث أتت، لكن يقول مسؤول البلدية أنه بعد إلحاح رئيس الدائرة وتبيان حاجة التلاميذ إلى كتب مدرسية والسير العادي للتلاميذ المعوزين وقعنا في موقف حرج، الأمر الذي جعلني اهتدي إلى اعتماد وثيقة «التصريح الشرفي» لتحميل المستفيد المسؤولية الكاملة والأرشيف موجود بحوزتنا يشير رئيس بلدية أولاد عباس.
الملاحقات أسفرت على توقيف 7 أشخاص، رئيس بلدية بني راشد ونائبه والكاتب العام للدائرة وآخرين على الرغم من المراسلتين اللتين كشف عنهما مدير التربية بالولاية بتاريخ 26 / 04 / 2012 ورئيس دائرة واد الفضة تحت رقم 1854 في ماي 2012 واللتان تلحان على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للانطلاق في انجاز القوائم الإسمية والملفات على مستوى كل مؤسسة تربوية وتقديمها للجان الدوائر قبل 20 جويلية 2012 لتقديم المنحة مباشرة بعد الدخول المدرسي، وهذا بمراعاة أحكام تنفيذ المرسوم الرئاسي رقم 01 / 238 والمنشور الوزاري المشترك المؤرخ في01 / 07 / 2010 الذي يحدد الفئات المعنية من اليتامى وأبناء ضحايا الإرهاب والمعوقين والمنحدرين من الفئات المحرومة والذين لا يتوفر أولياؤهم على أي دخل يذكر الفئة التي يقل دخلها عن 8 آلاف د.ج. هذه المراسلة الأخيرة وجهت إلى كل من والي الشلف ومديرة التربية ورؤساء المجلس الشعبية البلدية ومنسقي جمعيات أولياء التلاميذ. فإن ما أحدث رجة بين المنتخبين والشارع بالبلديات المذكورة والولاية على وجه العموم هو القرار الذي اتخذته محكمة خميس مليانة بحبس 7 أشخاص ويتعلق الأمر بكل من رئيس بلدية بني راشد ونائبه ومنسق جمعيات أولياء التلاميذ والكاتب العام لدائرة واد الفضة و3 إداريين بمصلحة الشؤون الاجتماعية للدائرة. وهو القرار الذي أثار ردود فعل ومواقف متباينة وهاجسا لا يزال يصنع حديث الشارع بولاية الشلف.
وقفة احتجاجية لأعضاء المجلس الشعبي الولائي وتأجيل مناقشة ميزانية الولاية صدى التوقيفات والملاحقات والغموض الذي يكتنف القضية والهاجس الذي يطارد المنتخبين ومنسقي جمعيات أولياء التلاميذ وصل إلى أروقة المجلس الشعبي الولائي الذي جمد أشغاله التي لم تنطلق لمناقشة ميزانية الولاية، احتجاجا عن الوضعية وحالة الغموض ومعرفة حيثيات الملف وإماطة اللثام عن القضية ومجرياتها دون التهرب من المحاسبة وتطبيق سلطة العدالة على ضوء الحقائق، مطالبين الجهات المعنية بإعادة النظر وتطبيق سلطة القانونين، لأن واقع البلديات وشرائحها الاجتماعية التي يمسها توزيع منحة التمدرس التي أقرها رئيس الجمهورية متشابه. هذا وقد علمت «الشعب» من أحد المنتخبين بالمجلس الشعبي الولائي أن مجموعة من البرلمانيين قرروا رفع هذه القضية بكل تفاصيلها إلى السلطات المركزية لتسليط الضوء عليها حسب ذات المصدر. هذا وتعد «الشعب» قراءها بمتابعة تطورات الملف ومستجداته بعدما حاولت تسليط الأضواء على القضية التي انفردت في التحقيق تنويرا للرأي العام المحلي على وجه الخصوص والوطني على وجه العموم.