تعرف العديد من أحياء وشوارع مدينة الجسور المعلقة وضواحيها انتشارا واسعا للمتشردين والمتسولين بمختلف الأجناس والأعمار منهم نساء، رجال، شيوخ وأطفال يفترشون أرضية الأرصفة والشوارع ليلا ونهارا، يتخذون من التسول مهنة ومصدر رزق مضمون، وقد تفاقم الوضع إلى حد احترافهم النشل والسرقة، الأمر الذي شوه المنظر العام للمدينة إذ تشهد ظاهرة التشرد تزايدا ملحوظا وانتشارا رهيبا لما تحمله من مآسي اجتماعية خطيرة على غرار إدمان الأطفال على المخدرات. ناهيك عن تفشي ظاهرة الانحراف الأخلاقي.. وهو ما زاد الطين بلة خاصة مع توافد العديد من المتشردين والمتشردات من خارج الولاية ليعيشوا تحت جسور قسنطينة العتيقة، هذا فضلا عن تشرد المختلين عقليا، وهي ظاهرة خطيرة لها تبعيات سلبية وتطرح مشاكل عديدة وما يلحقها من اعتداءات جسدية خطيرة تلحق بالمواطنين بصفة متكررة تصل أحيانا إلى حد الموت. المدينة بمجرد حلول الليل تتحول إلى مرتع آمن للمتشردين الذين تحولوا بفعل قسوة العيش بالشوارع إلى منحرفين ومجرمين، في ظل استفحال ظاهرة البطالة وتزايد نسبة الفقر اللذان يعتبران عاملان أساسيان في انتشار ظاهرة التشرد التي تساعد على تنامي ظاهرة الانتحار وفقدان التوازن العقلي، فالإدمان يفتك بالبعض فيما يصيب الجنون البعض الآخر. .. المدينة تسجل حضور متسولين سوريين عرفت مؤخرا عاصمة الشرق الجزائري انتشارا واسعا لظاهرة تسول رعايا سوريين أمام أبواب المساجد والمحلات، ومن مختلف الأعمار منهم شباب وأطفال يفترشون باحات المساجد والساحات العمومية، حيث كانت مجموعة من الشباب والأطفال السوريين يتوسلون للمارة بوسط المدينة من اجل مساعدتهم ماليا إلا أنهم تنقلوا من المدينة نحو البلديات المجاورة، ليتم تسجيل على مستوى بلدية ديدوش مراد وتحديدا بالمجمع الحضري واد الحجر حيث يقوم شباب وأطفال سوريين بدخول المساجد والتوسل للمصلين، هذا وقد جرى حديث على أنهم جاءوا في شكل عائلات وتمركزوا بضواحي المدينة. وجهان لعملة واحدة الظاهرة ولدت ظواهر أخرى فمن التشرد إلى التسول اللذان يعتبران وجهان لعملة واحدة في ظل غياب القوانين الرادعة لمثل هذه السلوكات التي ما تنفك أن تتفاقم ضاربة بجمال وأمن المدينة عرض الحائط حيث أن ظاهرة التشرد تطورت بفعل الحاجة للعيش إلى ظاهرة أخطر قد تفقد المجتمع توازنه ألا وهي التسول، الذي استقطب إليه مختلف الشرائح صغارا وكبارا، مرضى وأصحاء.. يستعملون العديد من الأساليب لكسب ود وتعاطف المواطنين لمنحهم نقودا يسترزقون منها حسب العديد ممن استطلعت يومياتهم »الشعب«. خلال تجولنا بالشوارع الكبرى لمدينة سيرتا العتيقة لاحظنا أن أغلب المتسولين يرتدون نفس القناع ويستعملون نفس الوسائل لكسب الأموال، يرددون نفس الأدعية والعبارات التي قد ترق لها قلوب النفوس الرحيمة، هنا استخلصنا من اغلب المتسولين لاسيما الانتهازيين منهم أن الذي يدفع يحصل على دعوات فريدة من نوعها.. »الله يفتح عليك، الله يسترك«.. والذي لا يدفع أو الذي لا يتأثر بدعاويهم واستمالاتهم ينال الكثير من اللعنات والشتائم.. هذه هي الحقيقة التي وقفنا عليها في العديد من الأماكن التي تستأجر، حسب من لهم أعين على هذه الفئة التي أصبحت تمتهن هذه الحرفة بدلا من العمل والكد لكسب قوت أولادهم خاصة الرجال منهم. أطفال رضع رفقة نساء وأمهات يخترن مخارج ومداخل المساجد لعل المتمعن في هذه الظاهرة التي تعرف انتشارا أكثر في فصل الصيف منه في فصل الشتاء، أن هناك العديد من النساء اللواتي يخترن أبواب المساجد وأوقات الصلاة رفقة رضع لا ندري إن كانوا فعلا أطفالهن، فهناك عائلات بأكملها تفترش الأرصفة وأطفال يمتهنون كل الأساليب لكسب بعض القطع النقدية على غرار »شارع لابراش« وسط المدينة الذي يكتض بالأطفال الصغار معظمهم إناث رفقة أمهاتهم يقال عنهم أنهم من أصول تونسية جاءوا منذ زمن كلاجئين، والبعض الآخر يقول أنهم يعملون لصالح عصابات، لكن الأمر الذي يدعونا للتساؤل عن دور المؤسسات الاجتماعية وعن القوانين التي بإمكانها ردع هؤلاء عن ابتزاز كل من يصادفهم فهذه الظاهرة تختلف باختلاف الفئات وتتنوع مصادر الكسب حسب الكيفية التي تليق بمن يريد دخولها من الباب الذي يراه مناسبا، فهاهي فئة الشباب غيرت الطريقة والأسلوب لكن كل الطرق تؤدي إلى كسب القطع النقدية مثلما أكده بعض المواطنين ل»الشعب«. الشباب يستغل توقف السيارات على حواف الطرقات أو بالقرب من الأحياء السكنية التي يقطنوها وبعد الانصراف يفاجأون بشاب يطلب منهم مبلغ التوقف وكأنها حظيرة سيارات، السائق المسكين لا يمانع في دفع ما يطلبه خوفا من الدخول في أمور أخرى لكننا تأكدنا من أن البلدية لم تمنحهم أية رخصة، ليبقى المواطن الضحية الأولى لمثل هؤلاء الانتهازيين، فإلى جانب شارع »لابراش« نجد أيضا شارع »العربي بن مهيدي« المعروف ب»طريق جديدة« تحول هو الآخر إلى مرتع للمتشردين والمتسولين على حد سواء حيث تراهم أمام المحلات التجارية والعمارات بشكل يومي على جوانب أرصفة الشارع يفترشونها رفقة أطفالهم الرضع.. والغريب في الأمر أن هؤلاء المتسولين يتقاسمون الشوارع والأماكن حيث لكل متسول مكان خاص به ولا يمكن تقاسمه مع أحد آخر، خاصة إذا كان جديدا في هذا النشاط حيث أكد لنا أحد الباعة بذات الشارع أنه شهد عراكا عنيفا بين امرأتين من أجل المكان.. وعليه فإن عاصمة الشرق تحولت مؤخرا إلى مجرد شارع كبير يكتظ بالمتسولين حيث تكاد صور التسول بالأطفال لا تغيب عن شوارعها، أطفال، رضع، معاقون وأمهات لا يتوقفن عن طلب المعونة لاقتناء الحليب لأطفالهن أو لشراء الخبز لمن هم أكبر سنا قليلا، ومن بين العينات التي التقيناها صدفة كانت امرأة في الأربعينات من العمر لا تكاد تبرح مخرج سوق »سانجان« بوسط المدينة، جالسة تتوسل كل من يمر بها، اقتربنا منها لتقول لنا أنها أرملة ولديها 3 أطفال وأنها مجبرة على إعالتهم، لكن الأمر الغريب هو أننا لدى عرضنا عليها المساعدة بإيجاد مكان آمن لها ولأولادها رفضت وقالت لنا أنها لا تريد منا شيئا غير المال. يفترشون الشوارع.. والمواطن يتساءل..؟ لم يعد منظر المتسولين يثير استغراب المواطنين بعد تعودهم على رؤية مناظر جديدة لأشباه المتسولين كل يوم، فمن دخول الأطفال حديثي الولادة هذا الميدان، إلى الشيوخ والعجائز الطاعنين في السن.. لم يعد يثير دهشة المواطنين ولا حتى شفقتهم نتيجة الكم الهائل لأعداد المتسولين، خاصة منهم النساء، حيث أكد لنا عدد من المواطنين أنهم أصبحوا غير قادرين على التفريق بين المحتاج الحقيقي والمزيف. كما أكدت لنا مصادر مطلعة أن التسول بالأطفال يندرج ضمن نشاطات عصابات مختصة في تأجير الأطفال بغية تحقيق الربح المادي عن طريق عرضهم بالشوارع بصورة مأساوية ملفتة للانتباه، وأن هذه الظاهرة استفحلت بشكل كبير بكافة ولايات الوطن دون استثناء أين أصبحت تستدعي تدخلا فعليا، صارما وردعا من السلطات والجهات المعنية.