طاقة: سوناطراك وسونلغاز تبحثان فرص التعاون والاستثمار في اديس أبابا    المجتمع المدني الجزائري يدين الحملة العدائية لليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر    وزير الصحة يناقش توسيع آفاق التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50144 شهيدا و 113704 اصابة    الأونروا: نزوح 124 ألف شخص من قطاع غزة في غضون أيام جراء استئناف الاحتلال لحرب الابادة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: ركاش يناقش مع ممثلين عن أرباب العمل تحسين جاذبية الاستثمار    مؤسسة بريد الجزائر تصدر طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير    نقل جامعي: سعيود يشرف على اجتماع تنسيقي بخصوص المؤسسة الجامعية للنقل والخدمات    شكلت نموذجا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي    الجزائر تسجل "انخفاضا كبيرا" في عدد حالات الإصابة بهذا الداء    القرار يعكس التزام رئيس الجمهورية بوعوده تجاه الأسرة التربوية "    سنّ قانون تجريم الاستعمار سيرسل رسالة واضحة إلى فرنسا والعالم "    المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية    فوزوا يا رجال.. لنقترب من المونديال    إطلاق برنامج كيك ستارت الأسبوع المقبل    مرّاد: المشاريع هدفها خدمة المواطن    سِجال بين عدل ووالي وهران    جيلالي تشيد بعمل السلطات المركزية والمحلية    والي بجاية يستعجل الإنجاز وتجاوز العقبات    أستروويد تبدي استعدادها لتجسيد مشروع بالجزائر    غزة تُباد..    قدرات تخزين الحبوب سترتفع    إبادة جماعية جديدة بغزّة    تشكيل لجنة برلمانية لصياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار: خطوة تعكس إرادة سياسية ثابتة في الدفاع عن الذاكرة الوطنية    زروقي يستقبل كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج    متجاهلا كل القوانين الدولية والإنسانية: سكان غزة يواجهون التجويع والتعطيش والإبادة البطيئة    مجموعة "سادك" تجدد التأكيد على دعمها لاستقلال الصحراء الغربية    "مخيّم للقرآن" وتوزيع "سلة الإفطار"    منارة علمية ضاربة في عمق التاريخ    وفرة كبيرة في "الجلبانة" والفراولة والدلاع والبطيخ الأصفر هذا الموسم    مصالح الفلاحة تحشد إمكانياتها لإنقاذ حقول الحبوب    الوادي : تكريم 450 فائزا في مسابقة "براعم الذكر الحكيم"    بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق.. بلال بوطبة يتوج بالجائزة الوطنية الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي    وزير الثقافة والفنون: السينما الجزائرية تعرف "ديناميكية حقيقية"    نظام معلوماتي جديد لتحسين الخدمات    احتقان في المغرب بين محاكمات الأساتذة وغضب النّقابات    الجزائر- باريس.. الرئيس تبون يضع النقاط على الحروف    تجارب الحياة وابتسامة لا يقهرها المرض    كوميديا سوداء تعكس واقع الشباب والمسؤولية    دورة العنقى تتوِّج فرسانها    البرتغال تغتال حلم الدنمارك بخماسية درامية    اللعب في كأس العالم الحلم الأكبر    مباراة اليوم هي الأهم في تاريخنا    قرار التاس .. انتصار لمواقف الجزائر    الرئيس تبّون: الخلاف مع فرنسا مُفتعل..    الخضر يستعدّون لمواجهة الموزمبيق    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    حملاوي تستعرض استراتيجية المرصد الوطني للمجتمع المدني : فتح باب الحوار والنقاش مع كل فعاليات المجتمع المدني    إدماج أكثر من 82 ألف أستاذ متعاقد..نقابات التربية: قرار الرئيس سيدعم الاستقرار الاجتماعي والمهني    تنظيم موسم حج 2025:المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    المهرجان الوطني لأغنية الشعبي: الإعلان عن الفائزين في ختام الطبعة ال14    الميل القلبي إلى المعصية… حكمه… وعلاجه    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    رئيس الجمهورية يعزّي في رحيل أسطورة الكرة الجزائرية، جمال مناد    تصفيات مونديال 2026: تشكيلة المنتخب الوطني تستأنف تدريباتها بسيدي موسى    سايحي يبرز مجهودات الدولة    مدرسة الصيام الربانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة ليست كرنفالا أو حيزا للبروباغندا العابرة
نشر في الشعب يوم 30 - 06 - 2021

الكتابة باللغتين هي حالة طبيعية جدا في الجزائر
القراءة مفيدة ولكنها لا تعوّض وهج الحياة
أكد الروائي أمين الزاوي، في حوار مع موقع «فواصل» المتخصّص في الشأن الثقافي، أن حال الثقافة في الجزائر لم يتغيّر كثيرا، ولا يزال التركيز على التنشيط الثقافي أكثر من الفعل الثقافي الجاد والإستراتيجي، وأشار أن « الثقافة أمر جاد وليست كرنفالا أو حيزا للبروباغندا السياسية الموسمية العابرة»، من جهة أخرى، أوضح الزاوي أن الأديب هو صوت مهم في إدانة الخبث والنفاق الاجتماعي والديني والثقافي المستشري»، وأن المثقف يجب أن يراقب ويساهم فيما يجري اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وأن يُسمع صوته.
فواصل: في رواياتك تتحدث كثيراً عن القضايا الاجتماعية وأحوال المرأة، لماذا هذا التخصيص، الذي يرشّح منه موقف إيديولوجي معين؟
أمين الزاوي: أنا لست كاتب أيديولوجيا، أنا كاتب قضايا من خلال موقف إنساني، من خلال الالتزام، ما هي الأيديولوجيا؟ الأيديولوجيا هي موقف الكاتب / المثقف من قضايا المجتمع الذي يعيش فيه، الأيديولوجيا ليست غولا، كل نص يحمل بالضرورة أيديولوجيا إما تنويرية أو ظلامية، ولا توجد كتابة معلّقة في الهواء، من يقول إنني أكتب بدون أيديولوجيا فهو كاتب انتهازي، أيديولوجيته هي «الانتهازية» وهو كاتب «خبزيست» أو كاتب «رغوة كلامية»، لكن السؤال المهم في حالة الإبداع كالرواية مثلا هو: كيف تظهر الأيديولوجيا في الرواية إبداعيا، الأيديولوجيا في الإبداع يجب أن تكون في بناء جمالي وبناء شخصيات روائية متكاملة، وألاّ تتحوّل إلى خطاب خارجي فجّ وعار، بل كل شخصية روائية تحمل أيديولوجيتها من خلال تصرفاتها من خلال «انسانيتها» أو «عنفها».. في الرواية الأيديولوجيا تتحوّل إلى نسيج جمالي.
صحيح، أعتبر نفسي كاتب المرأة، أكتب عنها ولها وللدفاع عن قضاياها في الحرية والمساواة مع الرجل، إن معركة تحرير المرأة هي أساس المعارك، التخلف والتقدم، التنوير والظلام يبدأ في الموقف من المرأة. من يقول بأن معركة «مساواة المرأة وحريتها» هي معركة ثانوية لا يمكن تصنيفه إلا في باب العته السياسي والفكري والأيديولوجيا الذكورية.
لن تقوم لمجتمعنا قيامة إلا إذا تحرّرت المرأة، والتحرّر هو أن تصبح قادرة وحرة في التصرف في وقتها، في عمرها، في حريتها الشخصية في مالها وفي جسدها، لا تزال المرأة ملكا مشاعا يحرسها الأب والأخ والابن والجار وسائق الطاكسي والبقال، يحرسها ويراقبها ويحسب خطواتها الجميع وقد تكون أكثرهم تعليما وأكثرهم فهما وثقافة.. لكن المجتمع الذكوري متحالف ضد المرأة.
من هذا التصوّر كتبت عن المرأة في رواياتي بالعربية أو بالفرنسية: «الرعشة» و»يصحو الحرير» و»الملكة» و»الساق فوق الساق» و»حادي التيوس» و»شارع إبليس» و»حُرّ بن يقظان» و»قبل الحب بقليل» و»نيرفانا» (روايات كتبتها بالعربية) و»الخنوع» و»حارة النساء» و»عطر الخطيئة» و»وليمة أكاذيب» و»غرفة العذراء المدنسة» و»اليهودي الأخير في تمنطيط» و»قيظ صقيعي» (روايات كتبتها بالفرنسية).
- نشرت أكثر من 20 رواية بالعربية وبالفرنسية، مّا يعني أنك كاتب غزير الإنتاج، ما السرّ في ذلك؟
لا القلة تدل على جودة الكتابة وتميزها ولا الكثرة تدل على ضعفها، الكتابة لها منطق، كان نجيب محفوظ ينشر ثلاث كتب في السنة الواحدة إلى جانب سيناريوهات أفلام ومقالات صحفية، وقد نشر بلزاك ما بين العامين 1830 و1831 أزيد من عشرين رواية، القلة أو الكثرة ليست عملية حاسمة في جودة الأدب، النوعية قد تجيء مع القلة وقد تجئ مع الكثرة، وقد تختفي في القلة وتظهر في الكثرة والعكس صحيح، وأنا كاتب أحترم الوقت وأشعر بأن المثقف، ويدخل في هذه الخانة المثقف المبدع، هو من يحسن تدبير شأن وقته وصرفه ما بين القراءة والكتابة والنقاش والحوار في المجتمع، لذا فليّ طقوس خاصة في الكتابة، وأهم طقس هو «الالتزام والصرامة في الكتابة»، والصرامة لا تعني الكتابة من الخارج، أنا لا أكتب من «الخارج»، كل ما أكتبه متصل بهواجسي في الحياة، بقراءاتي لما يحيط بي اجتماعيا وسياسيا وسيكولوجيا، مجتمعاتنا روايات مفتوحة، فقط على الكاتب الذي يعرف تفكيك الرموز وفتح الشيفرات أن يقرأها ثم يكتبها، لكن لا كتابة بدون قراءة، والقراءة وحدها لا تكفي للكتابة، الحياة ثروة كبيرة في الكتابة، اقرأ الفلسفة كثيرا وهي من تجعل الأسئلة غزيرة في رواياتي، وتسهل لي مقاربة مفتوحة لجميع الشخصيات.
التكنولوجيا تساهم اليوم في التخفيف من الأعباء والمتاعب الجسدية الفيزيقية التي تفرضها الكتابة، فقبل عشريتين، كان من الصعب أن تدقّق بعض ما تطرحه في الروايات من أحداث تاريخية أو من أماكن جغرافية، اليوم مع التكنولوجيا بنقرة واحدة يمكنك أن تدقّق رأيا أو فكرة أو تحدّد مكانا روائيا أو نوعا نباتيا أو طيرا أو تاريخا أو شخصية.. قبل عشريتين كان عليك أن ترسل المخطوطة للناشر ورقيا وبالبريد والآن كل هذه الأمور انتفت، وقد تحرّر الروائي من كثير من الأمور التي كانت تأكل وقته وأعصابه وهي من محيط الكتابة ولكنها تؤثر عليها، لذا يبدو أن الروائي اليوم متفرغ أساسا للكتابة وللقراءة وللحياة بطبيعة الحال بمنطق آخر وبأدوات أخرى.
الكاتب الذي لا يعيش لا يمكنه أن يكتب شيئا جديدا، والقراءة مفيدة وضرورية للكتابة ولكنها لا تعوّض وهج الحياة.
أنا لست متلزما بوقت في الكتابة أنا لا أتسابق مع الوقت ولكني ملتزم بالكتابة كقبس من نار أو نور أقبض عليه قبل أن يخفت أو يبرد فيصبح رمادا.
- في أي وقت من النهار أو الليل تكتب؟
نادرا ما أكتب بالليل، الليل للقراءة، أحب وأفضل الكتابة بعد الاستيقاظ من النوم في حدود الساعة العاشرة صباحا إلى الثانية زوالا، ثم بعد القيلولة من الرابعة على السابعة، السرير بالنسبة لي هو بمثابة ورشة للكتابة، فيه تختمر كثير من الأفكار وتتركّب كثير من الشخصيات الروائية التي بمجرد نهوضي من السرير ألاحقها كي أكتبها على الورق.
- ثنائي اللغة، تكتب باللغتين العربية والفرنسية، هل هي طبيعة ثانية فيك، أم خيار مدروس؟
نحن تعوّدنا على كتاب وحيدي اللغة، لقد تغير الحال، فاللغات تتقاطع، والقراءات باللغات تتقاطع، واللغات نفسها تتحاور وتتناغم، أكتب بالفرنسية وبالعربية لأنني تكونت داخلي هاتين اللغتين، ولم أستطع أن أتخلص من هذه الازدواجية لأنها صورة للمجتمع الذي أعيش فيه، فالجزائر هي البلد الفرنكفوني الأول بعد فرنسا، هناك أزيد من أحد عشر (11) مليون جزائري يستعملون الفرنسية بدرجات متفاوتة، اللغة الفرنسية تدرس ابتداء من السنة الثالثة ابتدائي.
بالنسبة لي الكتابة باللغتين هي حالة طبيعية جدا في الجزائر، بلد التنوع الثقافي واللغوي، وإني أشعر بتوازن كبير وأنا أكتب باللغتين، أشعر وكأنني طائر يطير بجناحين، ولعل الواقع الثقافي وبالأساس القارئ الجزائري يدعم هذا الاختيار، فأكون سعيدا حين ألتقي بقرائي باللغة العربية وأيضا وبنفس السعادة حين أكون في حضرة قرائي باللغة الفرنسية. لا أشعر بالغربة في الجزائر وأنا أكتب بالفرنسية وهذا لوجود قارئ ووجود حياة لهذه اللغة تتأكد أكثر فأكثر على المستوى الثقافي. لا أختار لغة الكتابة بطريقة خارجية، أبدأ رواية بدون أن أفكر في اللغة التي سأكتب بها، بل إنها تجيء بشكل عفوي ولاواعي، لا علاقة للغة بموضوع الرواية، بل اللغة حالة لاواعية، فالموضوعات التي أطرحها في رواياتي بالعربية أطرحها بالفرنسية، لا أنافق مع القارئ، ولا يهمني طبيعة خلفيات القارئ، ما يهمني بالأساس هو حياة النص وليست حياة القارئ معربا كان أو مفرنسا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.