بعدما انتعشت آمال الجزائريين بعودة الحياة إلى طبيعتها، وتدني الإصابات بالفيروس المتحور لعدة سلالات وانطلاق حملات التلقيح عبر كافة ولايات الوطن، عادت الهواجس مجددا لتحتل الأحاديث اليومية والعالم الافتراضي، بعد عودة الخطر وارتفاع الحالات المصابة بالمتحور «دلتا» في موجة ثالثة تعد الأخطر والأسرع انتشارا. لجأت الحكومة لإصدار قرار العودة للحجر المنزلي وغلق القاعات العامة والمرافق الترفيهية بعدة ولايات شهدت ارتفاعا محسوسا في نسبة الإصابات، في مقدمتها ولاية قسنطينة، التي بلغ عدد الإصابات أكثر من 112 حالة إصابة، مع وصول مصالح الإستشفاء والإنعاش بالمستشفيات لمرحلة التشبع، حتى إن بعض المؤسسات الإستشفائية التي شرعت في تحويل أسرَّة المصالح الطبية والجراحية غير المستعجلة إلى مصالح كوفيد-19. الوضع الوبائي الذي حط بثقله على المنظومة الصحية التي ما انفكت تواجه الفيروس المتحور والذي يضرب بقوة في موجة اعتبرها المختصون في علم الأوبئة الأسرع انتشارا والأخطر فتكا، حيث وجهت الدكتور «سامية كرميش»، مختصة في الأمراض الصدرية، في مباشر عبر صفحتها الرسمية، نداء لساكنة الولاية بضرورة التحلي بالمسؤولية والالتزام بالحجر المنزلي لمدة أسبوع لغاية مرور الموجة الوبائية، رافعة شعار «أقعد في دارك». وتحدثت عن قوة التحكم والسرعة في التصرف تجاه المرضى المصابين بالفيروس بالمستشفى الجامعي لم يتم تسجيل أي حالة وفاة بسبب نقص الأكسجين. من جهتها حثت الدكتورة «مريم بوخناف» المختصة بعلم التشريح المرضي والمتطوعة بقسم الكوفيد بالمستشفى الجامعي ابن باديس، على ضرورة التقيد بإجراءات الوقاية والتعقيم الدوري وعدم الخروج من المنزل سوى للضرورة، معتبرة المواطن العنصر الهام في معادلة ارتفاع أو انخفاض عدد المصابين بالفيروس، حتى لا نضطر للذهاب للوضع الوبائي الخطير الذي يفرض بتداعياته انهيارا تاما للمنظومة الصحية التي ماانفكت، بحسبها، ترفع التحدي ضد فيروس خطير ومراوغ والمواطن لايزال يستهين بخطورة الوضع والعدوى. وأكدت أن تراخي المواطن بعد استقرار الوضع وتراجع التقيد بإجراءات الوقاية جعلنا اليوم ندفع فاتورة قاسية جدا، فسرعة التصرف بعدم الخروج والتزام الحجر هو الحل الأول والأخير للوضع الذي قد يخرج عن السيطرة. بالمقابل، تحركت السلطات الولائية وبعض الجمعيات الناشطة عبر العمل التحسيسي والتوعوي بضرورة إلتزام الحجر ومحاولة التوجه نحو مراكز التلقيح، فضلا عن عمليات التعقيم لمعظم الأحياء والشوارع الرئيسية للمدينة، حيث وسعت عمليات التحسيس والتذكير بالبروتوكول الصحي في ظل الوقوف على ضرورة مواصلة عملية التلقيح ضد الوباء. يقوم وبشكل دوري والي الولاية بتفقد عديد النقاط التي خصصت لعملية التلقيح بالولاية، منها هياكل ثقافية كالمكتبة المركزية بباب القنطرة، مكتبة الخروب، دار الثقافة مالك حداد، فضلا عن هياكل مدرسية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي ودور الشباب التي تنشط تحت إشراف مديرية الصحة وفرق طبية تابعة للحماية المدنية، وخصص عدد من المساجد والمؤسسات التربوية ودور الشباب عبر كافة البلديات كمراكز للتلقيح وتعميم العيادات متعددة الخدمات وقاعات العلاج والعيادات الخاصة. ومن أجل التأطير والتوعية لإنجاح هذه العملية، جند قطاع الشباب والرياضة، بالتنسيق مع الحركة الجمعوية، 07 أطباء و03 عمال شبه طبيين، مع تسخير كل من القاعة متعددة الرياضات ببلدية عين السمارة، القاعة متعددة الرياضات بالمدينة الجديدة ودار الشباب أحمد سعدي بحي فيلالي كمراكز للتلقيح، زيادة على باقي المؤسسات على غرار القاعة متعددة الرياضات برشاش، القاعة متعددة الرياضات دقسي، ودار الشباب عزالدين مجوبي بالمدينة الجديدة، مركز التسلية العلمية بلدية زيغود يوسف، المركب الرياضي الجواري عين أعبيد والمركز الثقافي ابن زياد. وانضم أعضاء المكتب البلدي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالتنسيق مع المكتب الولائي للمنظمة الوطنية لحماية الطفولة والأسرة، إلى جانب المؤسسة الجوارية للصحة العمومية بشير منتوري، حملة تحسيسية جابت شوارع المدينة. ففي حديث ل «الشعب»، قال رئيس المكتب البلدي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان «ياسر سعدوني»، إن الحملة جاءت نتيجة للوضع المتراجع التي تعرفه البلاد عموما والولاية، خصوصا من تزايد وارتفاع الحالات المصابة بسبب التراخي في تطبيق البروتوكول الصحي، ما فسح المجال لعودة وتراجع خطير في نسبة المصابين بالفيروس المتحور «دلتا». وأكد أن المبادرة جاءت لكسر جدار الخوف من أخذ اللقاح وتحسيس المواطنين بخطورة الوضع الذي قد يؤدي إلى انهيار كبير في المنظومة الصحية، وأنها كانت بمثابة نقاش مجتمعي مع المواطنين، حيث تم الوقوف على تخوفهم من أخذ جرعة اللقاح، ليتم تقديم شروحات مفصلة من طرف الأعضاء على أهمية الوقاية والعودة للالتزام بإجراءات الوقاية من أجل حماية عائلاتهم وأنفسهم وتفادي انتشار العدوى، حيث تم توزيع مطويات على المواطنين وحتى على مستعملي الطريق. وأضاف، أن الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان مع شركائها تدرك جيدا حساسية المرحلة الحالية التي لابد من تجند كل أفرادها، كما تهدف المبادرة إلى تشجيع الجمعيات الأخرى من أجل الانضمام وتشكيل تكتل مدني شريك مع السلطات في مواجهة التحديات والأزمات التي تمر بها البلاد، سيما وأن دور المجتمع المدني كبير جدا في مثل هذه الأزمات نظرا لامتلاكه قنوات اتصال مع المواطنين والعبور من خلاله لبر الأمان.