تعتبر الفترة من رمضان الى رأس السنة الميلادية والتي تمتد من جويلية الى ديسمبر جحيما بالنسبة للجزائريين، حيث تعرف المصاريف ارتفاعا مذهلا تأتي على جميع مدخراتهم وتستنزف أموالهم ويلجأ الكثير منهم الى الاستدانة أو العمل ''بالكريدي'' لسد الحاجيات وتلبية مطالب الأسرة. وامتصت فوضى الأسعار والمضاربة جميع الزيادات التي أقرتها الدولة منذ سنوات ووجد العمال أنفسهم في وضع أسوأ من المرحلة التي سبقت الزيادات في الأجور لأن الأسعار كانت مستقرة نوعا والتضخم لم يتجاوز 3 ٪ . ويتخوف الجميع من التداعيات السلبية للأزمات الاقتصادية العالمية والاقليمية على الجزائر التي مازال اقتصادها خاضعا للمحروقات، وهو ما سيزيد من المتاعب الاجتماعية للعمال ويهدد القدرة الشرائية بالتدهور أكثر، وهو ما من شأنه أن يؤثر على السير الحسن للجبهة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي. وتأتي هذه التطورات مع إصدار المركزية النقابية والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي لسلسة من الاجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين والتي بقدر ما حملت أمورا ايجابية، الا أن ضعف المتابعة وعدم التحكم في الاقتصاد وانتشار السوق الموازي وهشاشة الأجور قد تحول دون إنجاح المبادرة التي لا تعتبر الأولى، حيث سبق للكثير من قمم الثلاثية أن اتخذت الكثير من الإجراءات للنهوض بالقدرة الشرائية وتفعيل الزيادة في الأجور غير أن كل شيء سقط في الماء بفعل سيطرة السوق الموازي وتواصل عمليات الاستيراد الفوضوي وغيرها من الآفات الاقتصادية التي تؤثر سلبا على المحافظة على القدرة الشرائية. الوثيقة تضمنت إجراءات لفائدة المؤسسات أكثر من المواطن تضمنت الوثيقة أو المذكرة التي اتفقت عليها المركزية النقابية مع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي 7 تدابير تصب معظمها في صالح المؤسسات، حيث تضمن البند الأول الذي يحمل عنوانا إصلاح كامل لنظام الضبط النقد والميزانياتي المرتبط بدور ومسؤولية الدولية وتضمن 5 نقاط تتحدث عن ضرورة تقليص الجباية وخاصة للمؤسسات الاقتصادية حتى تشجع على خلق مناصب عمل جديدة وتشجيع الاستثمار بينما اقترحت المركزية النقابية و''الكناس'' تشجيع الدفع الالكتروني وتنصيب مكاتب صرف خاصة. ودعا البند الثاني الذي حمل عنوان مكافحة التضخم عن طريق رفع العرض المتأتي من الانتاج الوطني والحفاظ على القدرة الشرائية، حيث تطرق في النقاط الأربعة التي تضمنها إلى تشجيع القروض للمؤسسات والمستثمرات الفلاحية العمومية والخاصة مع وضع نظام قرضي للاستهلاك مخصص للمنتجات المصنوعة محليا والتي تتجاوز نسبة إنتاجها 30 . أما الإجراء الثالث والذي يعتبر الأكثر أهمية فهو المتعلق بالإجراءات المتعلقة بتثمين الانتاج الوطني من أجل تحسين القدرة الشرائية والمحافظة عليها وجاء في 24 نقطة مهمة، لكن تطبيقها يحتاج إلى وقت والى جرأة بالنظر لاستهدافها الاستيراد والحديث عن توجيهه بالأخذ بعين الاعتبار الانتاج الوطني. كما أدمجت الوثيقة نقطة هامة تمثلت في تشجيع البنوك لوضع حلقة للمقيمين في الخارج لتحويل العملة الصعبة نحو بلادهم، كما تضمنت استحداث جهاز ترخيص الاستيراد الذي يضبط هذه العملية التي تفتقد لكل الضوابط. ومن الإجراءات أيضا وضع علامة الانتاج الوطني وإعادة إنشاء القرض عند الاستهلاك لفائدة المنتوجات التي تحمل علامة منتوج وطني. ومن التدابير مكافحة التضخم من خلال تطوير أنظمة التوزيع والتسويق، بالإضافة إلى مكافحة التضخم من خلال تطوير آليات المراقبة الفعلية لاحترام قواعد المنافسة وأسعار السوق.