انطلقت التحضيرات الفعلية، لتنظيم الانتخابات المحلية المسبقة، في موعدها المحدد ب 27 نوفمبر المقبل، والتي سيُكتمل بموجبها مسار التغيير المؤسساتي للبلاد، في وقت ينتظر أن يصل جيل جديد من المنتخبين للمجالس البلدية والولائية، في إطار ما يضمنه القانون لتعزيز مشاركة الشباب والجامعيين في الحياة السياسية. يكاد قطار التغيير السياسي العميق للمجالس المنتخبة، أن يصل إلى محطته النهائية، وفق الأجندة التي حددها الرئيس عبد المجيد تبون. فبعد تعديل الدستور، وتجديد المجلس الشعبي الوطني، سيأتي الدور قريبا على الانتخابات المحلية المسبقة. ووفق لمرسوم رئاسي موقّع في 30 أوت الماضي، تم استدعاء الهيئة الناخبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية والولائية، في 27 نوفمبر المقبل، بعد إجراء تعديلات على القانون العضوي المتعلق بقانون الانتخابات وقانون البلدية. وبموجب هذه التعديلات، تمنح السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ترخيصا للقوائم التي لم تتمكن من تحقيق المناصفة، كما سيقلّص عدد التوقيعات بالنسبة للبلديات التي يساوي عدد سكانها أو يقل عن 20 ألف نسمة، إلى 20 توقيع بدل 35 لكل مقعد من المقاعد المطلوب شغلها. وكما في الانتخابات التشريعية، ستجرى هذه الاستحقاقات الهامة، وفق نظام الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة، وبالتالي إسقاط نفوذ رأس القائمة، والذي كان العامل الرئيسي لتسلل المال السياسي للعمليات الانتخابية. وتكيفا مع هذا النظام الجديد، جرى تعديل قانون البلدية رقم 10/11 الصادر سنة 2011، ومس المواد 64 و65. وقلصت مدة استدعاء وتنصيب منتخبي المجلس الشعبي البلدي من قبل والي الولاية من 15 يوما إلى 08 أيام. وأحدث التعديل تغيير جوهريا في طريقة انتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي، فبعدما كان يعين في المنصب «متصدر القائمة التي تحصلت على أغلبية الأصوات»، سيتم «انتخاب رئيس البلدية من قبل أعضاء المجلس الفائزين». وتنص المادة 64 مكرر على أن: «يجتمع المجلس الشعبي البلدي تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنا قصد انتخاب رئيسه خلال الخمسة (5) أيام التي تلي تنصيب المجلس». وتضيف بأن يشرف مكتب مؤقت على الانتخاب «ويتشكل من المنتخب الأكبر سنا ويساعده المنتخبان الأصغر سنا، على أن يكونوا غير مترشحين، حيث يستقبل هذا المكتب المؤقت الترشيحات لانتخاب الرئيس ويقوم بإعداد قائمة المترشحين». 3 معايير لانتخاب رئيس البلدية يحدّد التعديل 3 معايير لانتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي من قبل المجلس، وهي أن «يقدم المترشح للانتخاب من القائمة الحائزة على الأغلبية المطلقة للمقاعد»، وفي حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، «يمكن للقائمتين الحائزتين 35 بالمائة على الأقل من المقاعد تقديم مرشح». وفي حالة عدم حصول أي قائمة على 35 بالمائة على الأقل من المقاعد، يمكن لجميع القوائم تقديم مرشح عنها، على أن يكون الانتخاب سريا ويفوز صاحب أغلبية الأصوات، أو الذهاب إلى الدور الثاني في حالة التساوي أو فوز المرشح الأكبر سنا. التغييرات الجديدة، الناجمة عن إنهاء نفوذ متصدر القائمة، جعلت من تقلد منصب رئيس البلدية، يشبه إلى حد ما انتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي من قبل أعضاء المجلس. في وقت عبّر بعض المهتمين عن مخاوف بشأن احتمال وقوع انسداد من الطريقة الجديدة. وأبدت بعض الأحزاب مخاوفها من صعوبة الوفاء بجمع التوقيع المطلوبة، والتي قد تصل في إجمالي البلديات عبر التراب الوطني 800 ألف توقيع فردي. وبالحفاظ على شرط أن يفرد نصف الترشيحات لما دون ال 40 سنة، وثلث القائمة من ذوي المستوى الجامعي، يتوقع أن تتغير بشكل جذري التركيبة البشرية للمجالس البلدية والولائية، ووصول جيل جديد كليا من المنتخبين المحليين، خاصة الشباب وحاملي الشهادات. المحطّة ما قبل الأخيرة تعتبر المحلية المقبلة المحطة ما قبل الأخيرة، في مسار تجديد المجالس المنتخبة، حيث سيليها انتخابات التجديد النصف لمجلس الأمة في ديسمبر المقبل. وكل هذا في إطار الورشة السياسية الكبرى التي استهلّها رئيس الجمهورية بتعديل الدستور، وترسيخ التغيير الجذري، انطلاقا من المؤسسات الدستورية والتمثيلية. مسار التغيير الذي يشكل دستور نوفمبر المقبل، قاعدته الأساسية، سيستكمل أيضا، بتنصيب المحكمة الدستورية بتركيبتها الجديدة وصلاحياتها الواسعة التي تشمل الفصل في النزاعات بين المؤسسات الدستورية، وتنصيب المجلس الأعلى للقضاء، بعد صدور القانون العضوي الخاص، والذي سيجسّد إبعاد السلطة التنفيذية لأول مرة من عضوية المجلس، ويحل الرئيس الأول للمحكمة العليا محل وزير العدل كنائب لرئيس المجلس الأعلى للقضاء (رئيس الجمهورية).