وقف عند جناح الشعب بالمعرض الدولي للكتاب عدد مميز من الزائرين من الجنسين ومن مختلف الشرائح العمرية، صغار شدهم الفضول لمعرفة نوع الصحافة التي كانت سائدة مع السنوات الأولى للاستقلال، وكبار استذكروا ذكرياتهم لما كانت الشعب هي منبرهم وفضاؤهم الاعلامي الوحيد بالعربية. وقد حضي المجلد المتعلق بأرشيف الشعب للثمانينيات بحصة الأسد من الزائرين للجناح، حيث تلمح ابتسامة عريضة مرسومة على وجه كل واقف أمامه ممن عرفوا عميدة الصحافة الجزائرية وهي تصدر بالحجم الكبير، وتجده يتصفح الأوراق وفي كل مرة يقف عند حدث أو منعرج مهم في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال، إلا أن الصفحة الرياضية التي جاءت في هذا المجلد والتي حملت فوز الجزائر على الفريق الألماني سنة 1982 صنعت نوع من المتعة والحركية في جناحنا، حيث دخل بعض الواقفين أمام هذا العدد وتحدثوا عن المباراة وكأنها أجريت أمس أو اليوم، مثمنين الاحتراف وحب الوطن الكبيرين للاعبين في تلك الفترة مع بحثهم بالدرجة الأولى إلى رفع العلم الوطني ودوي النشيد في سماء تلك الدول دون ايلاء اهتمام كبير للمقابل أو المال. كما تلقينا عبر جناح الشعب ب''سافكس'' اقتراحات وانتقادات من طرف عديد الزائرين، خاصة أولئك الذين عايشوا العصر الذهبي لأم الصحافة الجزائرية الناطقة بالعربية، منهم من رأى وجوب إعادة بعض الأركان التي أحبها القارئ في تلك السنوات منها ركن ابتسم، التحقيقات الكبرى وغيرها، هذا ولم يستثن البعض منهم التطورات والخطوات الايجابية التي خطتها الجريدة في السنوات الأخيرة، يتعلق الأمر بالمشهد الثقافي الذي رآه الكاتب بن لمبارك نجيب الالتفاتة الوحيدة للإعلام المكتوب للجان الثقافي، والذي رآه مكسبا وتنفسا للكاتب، الأديب والشعار والفنان، الا انه تساءل عن سبب إيقاف وعد استمرارية مثل هذه المشاريع الإعلامية الناحجة. وان كانت الشعب أضاعت المكانة المرموقة التي كانت تتمتع بها إلى غاية أوائل التسعينيات لدى القارئ الجزائري عموما، حسب عديد الزائرين، إلا أنها ما تزال تحتفظ بقيمتها عند أولئك القراء الذين لا تستهويهم الإثارة والتضخيم في نقل المعلومات والحقائق، ثمن عديدهم خاصة المثقفين الموضوعية التي تتحلى بها الشعب، حيث قال احدهم وهو كاتب في العقد الخامس من عمره للأسف أصبح شبابنا وحتى بعض الكبار اليوم يبحث في الجرائد على مواضيع القتل والسرقة و...والدخول في عالم الحرب الإعلامية التي لا تفيد شيئا في كثير الأحيان سوى إشعال فتيل النار أو التشتيت وهذا الشيء بعيدا كل البعد عن الإعلام الحقيقي الهادف الذي يوحد الصفوف ويبني المجتمعات. ومع كل الانتقادات والاقتراحات التي تلقيناها هناك عبارة جالت في جناح الشعب يوما كاملا مفادها جريدة الشعب ما تزال موجودة وخمسون سنة من الوجود والعطاء تكفيها، فهي أم وعميدة الصحافة رغما عنا وتاريخها والموضوعية التي لا يختلف فيها اثنان تشهدان لها.