اعتبر رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين الجزائريين منيب أوبيري، قرار رفع وتسقيف الأسعار المرجعية لشراء القمح من الفلاحين، عاملا مشجعا للفلاحين على توسيع رقعة زراعة الحبوب بأنواعها مما سيساعد على رفع مستويات الإنتاج الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي. سجّل رئيس اتحاد المهندسين الزراعيين، في تصريحه ل»الشعب» وجود عدة نقائص أخرى يمكن تداركها من أجل تشجيع الفلاح على رفع إنتاج الحبوب، أكثر مادة كلفة للخزينة العمومية لارتباط تأمينها بالأسواق الدولية، منها توفير الأسمدة بالشكل المناسب وتحرير أسعارها من خلال إلغاء الرسم على القيمة المضافة، مما سيتيح حسبه لكل الفلاحين الحصول على حاجاتهم من هاته المادة، لضمان أحسن مردود بتطبيق المسار التقني الصحيح من خدمة تربة وتسميد ومكافحة أعشاب ومقاومة الأمراض، ولم يغفل ضرورة الاهتمام بتحديث وتوفير آليات الغراسة والحصاد المتطورة التي تحافظ على عدم ضياع المنتوج. ويعتقد أوبيري أن الجزائر بإمكانها تحقيق اكتفاءها في مادة الحبوب باعتمادها العديد من الأساليب وتحقيق بعض الشروط، من بينها وضع بنك بذور محلية خاصة بالجزائر تعطي مردودا جيدا وتقاوم الجفاف والتغيرات المناخية وتتأقلم مع التربة وطبيعة المناخ الخاص بنا، ثانيا زيادة رقعة مساحة زراعة الحبوب في أغلب المناطق خاصة غير المشغولة وغير المستغلة، منها الأراضي البور الصالحة للفلاحة، وكذلك توسيع الإنتاج بالمحيطات الفلاحية في الصحراء باستخدام الممارسات والأسمدة الصحيحة، لتفادي أقل الخسائر بسبب سوء استعمال الأسمدة التي أصبحت تشكّل عائقا للفلاحين بالرغم من دعمها، مما يؤثر على رفع المردودية ومواصلة إنتاج الحبوب. وأشار في هذا السياق، إلى تسجيل مردودية ضعيفة للحبوب بسبب عدم استخدام التقنيات الحديثة والتمكن من استعمال الأسمدة بطريقة جيدة، حيث يتراوح مردود الهكتار الواحد من 5 إلى 20 قنطار في أحسن الأحوال في المناطق التي تعتمد على التساقطات المطرية، ومن 40 إلى 60 قنطار في الجنوب حيث يعتمد السقي التكميلي، وهذه الأرقام في نظر المتحدث بعيدة عما تسجله بلدان أوروبية حيث يتجاوز الإنتاج 100 قنطار في الهكتار باستعمال ممارسة زراعية سليمة واستنباط أصناف تعطي مردودا عاليا، واستعمال المكننة، وعوامل الإنتاج التي تجعل الإنتاج قوي. بالإضافة إلى ذلك تكلفة الإنتاج لا تشجع الفلاحين على مواصلة الإنتاج في هذه الشعبة، وتدفعهم للفشل، مثلما قال أوبيري، إذا تصل تكلفة زراعة هكتار واحد 100 ألف دينار، في حين لا يتجاوز مردوده 5 إلى 20 قنطار والسعر القديم لشراء الحبوب كان يقدر ب 4500 دج، وهذا يجعل الفلاح خاسرا ويتركه يعزف عن ممارسة هذا النشاط وبالتالي تقليص الإنتاج. ومن عوامل الإنتاج الواجب توفيرها، لتحسين المردودية، إدخال المكننة واستخدام عتاد سقي التكميلي والبذر بالآلات الحديثة التي تحافظ على البنية التحتية للتربة وتجعل المواد العضوية والكائنات الحية تعيش أكثر وتعمل على تخصيبها، توفير الحاصدات وآلات الحرث والجرارات وهي آلات يصفها ب»المهمة»، مع تعزيز المرافقة عن طريق الإرشاد والتحسيس لتشجيع الفلاحين على مواصلة العمل والنشاط، وتقريب هياكل ووحدات تجميع الحبوب من المنتجين، وتسهيل الحصول على مستحقاتهم والقضاء على البيروقراطية وتشجيع الفلاحين على إنشاء التعاونيات التي تنقص أعباء كثيرة عليهم منها كراء العتاد، شراء المدخلات الفلاحية، وعديد الأمور التي تسهّل الإنتاج وتحقق منتوج ذو جودة وبكمية ومردودية عالية. ودعا أوبيري إلى تحديد مناطق الإنتاج وتخصص كل جهة ومنطقة كما قال رئيس الجمهورية لإظهار مكمن القوة والضعف بالنسبة لإنتاج كل صنف من الأصناف، حتى نتمكّن في التحكم في الطلب واحتياجات السوق المحلية وتحديد الفائض، وهذا لم ينطلق بعد، وسيكون بعد إحصاء مناطق الإنتاج وتحديد كل منطقة ما تنتج وهذا يجب الاشتغال عليه كثيرا حتى نتمكن من إعداد خطة دقيقة نحدد بها احتياجاتنا ونضمن بها استقرار السوق. واعتبر المهندس الزراعي، العقار الفلاحي «حافزا أكبر للفلاح و المصدرين»، وعليه يجب أن تمنح الفرص للاستثمار الحقيقي والمنتج، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في كل الحبوب، خاصة القمح اللين والشعير الذي يزرع في مساحات محتشمة ويوجه للأعلاف. أما القمح اللين، فيجب تغيير النمط الاستهلاكي والاستغناء عن الفرينة البيضاء، ويمكن التنسيق بين جميع الأطراف من جمعيات وتعاونيات ووزارة وصية والعمل على إنقاص فاتورة الاستيراد لمدة 4 أو 5 سنوات واسترجاع قدراتنا الإنتاجية. وختم أوبيري يقول «الجزائر تستهلك منذ 20 سنة ولم تصل إلى الاكتفاء الذاتي نظرا للسياسات المنتهجة من قبل القطاع وتغليب سياسة الاستيراد على الإنتاج، ودون دعم، ولكن مع التوجه الجديد والدعم المحدد ستتغير الذهنيات وتتحرك الضمائر نحو الاتجاه لتأمين غذاء الجزائريين».