أكّد المكلّف ببرنامج ترقية الصحة العقلية بوزارة الصحة البروفيسور محمد شكالي، أنّ ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي تعرف تزايدا ملحوظا، وباتت تشكّل خطر كبيرا يهدّد الصحة العقلية والنّفسية للأطفال والمراهقين، مشيرا إلى أهمية تبنّي استراتيجية وطنية وقائية فعّالة بالتّنسيق مع مختلف القطاعات والهيئات المحلية من أجل الحد من استهلاك المؤثّرات العقلية والمهلوسات داخل المؤسّسات التربوية وخارجها. أفاد البروفيسور شكالي في تصريح ل "الشعب"، أنّ العمل الوقائي المكثّف في إطار مكافحة تعاطي المخدرات ينبغي أن يمس الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة من أجل التمكن من إنقاذهم في وقت مبكر من مخاطر تعاطي المخدرات قبل الوصول إلى مرحلة خطيرة من الإدمان تتطلّب خضوعهم الى العلاج، قائلا إنّه ينبغي الاستعانة بطرق أخرى سهلة لتحسيس صغار السن بخطورة المخدرات كالمسرحيات والأفلام القصيرة والرّسوم المتحرّكة، وأن لا تقتصر البرامج الوقائية على التّوعية الدينية والمجتمعية. ويرى بأنّ العمل الوقائي والتّحسيسي بخطورة تنامي هذه الآفة في الوسط التربوي ما يزال غير منظّم على ضوء غياب استراتيجية وقائية عملية، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من تجارب بعض الدول الأجنبية التي نجحت في انتهاج سياسة وقائية فعّالة في مجال مكافحة المخدرات، والحد من مخاطرها في المجتمع مع تكثيف العمل المشترك والتعاون بين بعض الدول الرائدة في مكافحة هذه الآفة لإطلاق برامج وحملات تحسيسية على مستوى المؤسّسات التربوية والجامعات ومراكز التكوين المهني. فيما يخص علاج حالات الإدمان، أفاد المكلف بترقية الصحة العقلية، أنّ الجزائر تتوفّر على 43 مركزا لمعالجة الإدمان في جميع ولايات الوطن، وكذا 4 مراكز استشفائية تستقبل عددا كبيرا من حالات الادمان على تعاطي المخدرات، كاشفا عن زيادة الطلب على العلاج من قبل الشباب والمراهقين، خاصة وأنّ وزارة الصحة تدرج الادمان في قائمة الأمراض التي يجب التكفل بها رغم الصّعوبات في الميدان. القنب الهندي والمهلوسات الأكثر استهلاكا من قبل الشباب حذّر البروفيسور شكالي من تزايد استهلاك المخدرات من قبل الفتيات في سن المراهقة إلى جانب الذكور، مشيرا إلى أنّ المواد المخدرة الأكثر انتشارا من قبل جميع الفئات تتعلق بالقنب الهندي "الكيف" والمهلوسات، ومختلف أنواع المؤثرات العقلية مع تسجيل ارتفاع في استهلاك الكوكايين والهيروين، قائلا إنّه توجد علاقة وطيدة بين الادمان والاصابة بالأمراض العقلية، وتأثير المخدرات على سلوكيات المدمن وحالته الصحية تختلف من شخص، ولا يمكن تعميمها على الجميع لذلك فإنّ العلاج أيضا يختلف بين المرضى. وتطرّق إلى بعض العراقيل التي تعيق ضمان أحسن تكفل بالمدمنين على مستوى مراكز العلاج والمتمثلة في نقص تكوين الأطباء المتخصّصين في علاج حالات الادمان وشبه الطبيين والأطباء النفسانيين، موضحا أن هذا الجانب لم يؤخذ بعين الاعتبار في البرنامج الجامعي، ما جعل وزارة الصحة تطلق دورات تكوينية متخصصة في هذا المجال لمدة سنة ونصف، والتي استفاد منها أطباء عالميون لتحسين قدراتهم في التكفل بالمدمنين. في ذات السياق، لفت المكلف بترقية الصحة العقلية الى أنّ علاج الادمان لا يقتصر على وصف الأدوية للمريض فقط، وإنما يتطلب متابعة مستمرة ولفترة طويلة لحالة المريض، وتقبل إمكانية حدوث نكسات في العلاج واستعداد الأطقم الطبية وشبه الطبية لمرافقة المرضى في رحلتهم العلاجية الطويلة رغم الصعوبات التي تواجههم في التعامل مع بعض الحالات الخاصة التي تصل إلى مرحلة خطيرة من الادمان، مؤكّدا أنّ التكفل بهذه الفئة من المرضى صعب، ولكن ليس مستحيلا خاصة إذا كانت هناك مثابرة في العمل، وتكوين أكبر عدد من المهنيّين المتخصصين في هذا المجال.