أكّد فلاحون منتجون لمادة البطاطا في سوق الخضر والفواكه للجملة بالوادي، حدوث فجوة عدم ثقة بين وزارة الفلاحة والمنتجين، تعود إلى سنة 2020 التي شهدت كساد وانهيار للشعبة وإفلاس كثير منهم، بسبب الفائض الضخم الذي سُجّل وأدى لسقوط الأسعار إلى ما دون 15 دينارا للكيلوغرام الواحد. قال منتجون لمحصول البطاطا في تصريحات متطابقة ل "الشعب" خلال استطلاع بسوق الجملة للخضر والفواكه بالوادي، إن ارتفاع أسعار المنتوج هذا الموسم ليست مستجدّة أو آنية، وإنما سجّلت بالأسواق منذ أشهر، مردّها انخفاض بسيط في الإنتاج وزيادة في الطلب، نتاج تراجع مردود الهكتار وتراكمات السنوات السابقة لا سيما سنة 2020، التي عرفت كساد للمنتوج وإفلاس كثير من المنتجين، في حين لم تحرّك وزارتي الفلاحة والتجارة حينها أي ساكن لحماية محصولهم وتجنيبهم الإفلاس. «الهادي. خ« فلاح من منطقة حاسي خليفة، متخصّص في إنتاج البطاطا منذ عقد، أوضح ل«الشعب"، أن محصول هذا العام أقل من السنوات السابقة بسبب ضعف المردودية وتخوّف كثير من الفلاحين من عملية توسيع المساحات بداية الموسم الزراعي، خشية وقوع وفرة وكساد وإفلاس، خاصة مع ارتفاع تكاليف الإنتاج لأضعاف مضاعفة ولا جود لضمانات حقيقية لحماية الفلاح من مختلف الكوارث مثل كساد المنتوج وسقوط أسعاره إلى ما دون تكلفة الإنتاج. وأضاف الهادي أن ما وقع من خسائر جسيمة للفلاحين خلال موسم 2019 /2020 المفلس، بانهيار الأسعار وعدم حماية محصولهم من الكساد، رسّخ لديهم قناعة بعدم الثقة في وزارة الفلاحة وباقي القطاعات المعنية، ودفع بكثير منهم إلى تقليل المساحات المزروعة أو الامتناع عن الزيادة فيها، وهو ما يجني السوق الوطني تبعاته إلى اليوم. وشَكّك الفلاح "سليم. ع« في قدرة الوصاية على حماية محصوله في حال وجود فائض زائد عن حاجة السوق، مبرزا أن وفرة المنتوج أصبحت نسبيا دائمة كل موسم زراعي نظير تطوّر وسائل الإنتاج وتوفّر الإمكانات في الأقطاب الزراعية الكبرى، لكن يبقى فقط تنظيم تسويقه وفق آليات صحيحة تضمن للفلاح حقوقه وعدم إفلاسه. ويعتقد "نصر. ب« فلاح قديم زاول مهنة الزراعة منذ فترة طويلة ببلدية الطريفاوي، أن بعض الفلاحين حاولوا استغلال الظرف الحالي المتعلّق بنقص منتوج البطاطا المعروض في الأسواق لزيادة الأسعار والتحكّم فيها، لكن مساعي السلطات المحلية حالت دون ذلك، حيث تعود عمليات الجني إلى عادتها لضخّ المنتوج في باقي أسواق ولايات الوطن، منوّها أيضًا أن عمليات تخزين للمحصول تجري هذه الآونة قصد إخراجه في شهر رمضان الفضيل بعد شهر ونصف من الآن. أما "أيمن. ل« فلاح شاب دخل غمار إنتاج البطاطس منذ سنوات قليلة ببلدية المقرن مستغلا مساحة صغيرة اكتراها من أحد المزارعين، فأبرز أنه وجد صعوبة في الحصول على بذور البطاطا بداية الموسم الزراعي في شهر أوت الماضي، وتحصل عليها بأسعار باهظة بعد عناء وتأخر عن موعد الزرع، وهو ما جعل هامش ربحه بعد الجني بسيطا للغاية رغم الأسعار مرتفعة ومتراوحة بين 70 و80 في سوق الجملة حسب جودة ونوعية المنتج المعروض. «زياد. ب« فلاح مستثمر في محصول البطاطا وعديد المنتجات الأخرى ببلدية سيدي عون قال بأن تكاليف الإنتاج ارتفعت بشكل مبالغ فيه خلال السنوات والأخيرة، من دون تسجيل أي تدخل لوزارتي الفلاحة والتجارة لحماية المنتجين من تسلط لوبيات استيراد المدخلات الزراعية، ووصول المبيدات والأسمدة ووسائل السقي بأثمان باهظة جدا وغير معقولة لهم، وذلك بعد مرورها على عدة وسطاء وسماسرة، مضيفًا أن أي حديث عن دعم المنتج الزراعي يجب أن يبدأ بحماية الفلاح من الدخلاء عن القطاع المتحكمين في أسعار وسائل الإنتاج، وضمان حماية المنتوج في الأسواق خاصة أثناء الوفرة والفائض. المستهلك الجزائري على ضوء التسويق المضطرب، حسب متابعين، يبقى اليوم يدفع ضريبة فشل منظومة التسويق الزراعي وعدم ضبط الإنتاج، وقلة حيلة مسؤولي القطاع حيال هذه الوضعية برغم توفر المحاصيل وإمكانية رفع حجمها، بالإضافة لضعف إجراءات حماية محصول البطاطس وغياب العوامل المشجعة على زيادة مساحاته خلال السنوات الماضية، إذ يأتي ضعف التسيير بالقطاع بالرغم الإمكانيات الضخمة التي ترصدها الدولة لتطويره وترقيته في شتى جوانب الإنتاج والتسويق. جدير بالذكر، أن الوادي هي الولاية الوحيدة المنتجة لمحصول البطاطا في الفترة الشتوية من كل سنة، وتموّل به الأسواق الوطنية في الفترة الممتدة من شهر أكتوبر إلى غاية مارس، كما تحتل المرتبة الأولى وطنيا في الشعبة بإنتاج يتراوح بين 10 و12 مليون قنطار سنويا، مزروعة على مساحة في حدود 27 و30 ألف هكتار، بمساهمة تتجاوز 40 بالمائة من المنتوج الوطني، وفق معطيات مصالح الفلاحة.