يتحدّث الكاتب رابح خدوسي، عن أهمية الذاكرة الثقافية الجزائرية وحمايتها من التدمير المادي والتزوير والنسيان، وأشار إلى أن الذاكرة هي الماضي والحاضر والمستقبل، ودعا المعنيين لدعم المبادرين بتدوينها، وقال خدوسي، في حوار مع موقع «الشعب»، إن كتابه الجديد «رأيت في الهند» رحلة أدبية، يسافر فيها مع القارئ إلى أحد عجائب الدنيا السبع، ويروي تفاصيل عن الحضارة الإسلامية في الهند. ويمتد المسار الإبداعي لابن مدينة حمام ملوان بالبليدة، الكاتب رابح خدوسي، عبر محطات، تولى فيها مناصب عديدة، من مفتش التربية والتعليم، إلى مدير عام دار الحضارة للنشر، مرورا بمنصب أمين وطني باتحاد الكتاب الجزائريين، وأيضا بمؤسسة مفدي زكريا، يكتب الرواية والقصة والمقالة، ويهتم بثقافة الطفل والتراث، ويحاضر فيهما داخل وخارج الوطن، وكتاباته منشورة بعدة صحف وطنية ومجلات عربية. - «الشعب»: بداية، هل يمكن إعطاء نبذة عن كتابك الجديد «رأيت في الهند»، وهل تضمّن تاريخ الشعوب، أم الثقافات في بلد الهند وتنوّعها؟ رابح خدوسي: عموما كتاب «رأيت في الهند»، هو رحلة أدبية إلى الهند، فيها ما رأيت من عجائب وغرائب، كانت رحلة خيالية حققت فيها حلما كان يجول بخاطري منذ سنوات، ونفسي تتوق وتصل وكنت مارا في أجواء الهند على بومباى باتجاه ماليزيا، وتمنيت زيارة الهند بلد الغرائب والديانات واللغات، أرسلت مشاركتي وكانت عبارة عن ملخص لمداخلة فتم دعوتي من طرف جامعة لنهرو بنيودلهى الهندية، حضرت لمؤتمر دولي كان موضوعه صورة الهند في الأدب العربي وترأست جلسة في المؤتمر، وعلى هامش الزيارة كانت لي الفرصة لزيارة المدن الهندية، لمدة عشرة أيام زرت خلالها الأهم منها المعلم الإسلامي تاج محل أحد عجائب الدنيا السبع. كل الذي رأيته من آثار للحضارة الإسلامية التي بقيت هناك 8 قرون ونصف، ويعتبر الهند أندلس الشرق، فكل المعالم والآثار أغلبها من الحضارة الإسلامية، حيث نقلت ما رأيت للقارئ الجزائري في كاتب «رأيت في الهند» لتكون رحلة ثانية له يتمتع بها، وفيه كثير من المفاجآت أتركها للقارئ يكتشفها. - حول الموسوعة الثقافية التي أصدرتها بمعية ثلة من الباحثين والأدباء في عديد المجالات، كيف تمّ انتقاء الأعمال؟ موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين التي أصدرتها دار الحضارة للنشر بالجزائر، وأشرفت عليها وجمعت ثلاثة آلاف عالم وأديب من عديد المناطق والأزمنة، من علماء وأدباء جزائريين كانت حدثا ثقافيا مميزا في الذاكرة الثقافية الجزائرية لأول مرة في تاريخ الجزائر الثقافي القديم والحديث. أما فيما يتعلّق بكيفية انتقاء الأعمال، فقد أشرفت لجنة القراءة العلمية على ذلك، لإدراج هؤلاء في الموسوعة منها جودة النص المكتوب والمضمون وما يؤهله حتى يكون ضمن المتواجدين في موسوعة العلماء والأدباء، حفاظا على سمعة ومصداقية ومستوى الموسوعة التي تبقى مفخرة للجزائر والأجيال، وهذا العمل هو ورشة عمل مفتوحة تتجدّد وتنقح من حين لآخر. - أول مرة في تاريخ الجزائر القديم والحديث تجمع كتابا فيه مجلدين ل3 آلاف أديب وعالم جزائري، هناك من يتحدّث عن تقصير في حق أعلام الجزائر، هل يعني هذا أن اهتمامكم بالموسوعات الأدبية والثقافية، جاء لسد هذا التقصير؟ صحيح، أول مرة في تاريخ الجزائر القديم والحديث أجمع بمعية ثلة من الباحثين والمحررين، كتابا فيه مجلدين ل3 آلاف أديب وعالم جزائري، وهذه مفخرة للجزائر «موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين»، فيما يسمى بالحفاظ على الذاكرة الثقافية للجزائر، وكذلك «موسوعة الأمثال الشعبية الجزائرية» وسلسلة «حكايات جزائرية»، إلا أنه حقيقة الاهتمام ضعيف بالذاكرة الثقافية، ونتمنى من المعنيين والسلطات ووزارة الثقافة إن لم يبادروا بأنفسهم، على الأقل دعم المبادرين في هذا الشأن. وللإشارة، كل هذه الأعمال ترجمت إلى الفرنسية وعرضت في معارض كتب دولية. - قلت إن هذه الموسوعات سواء للعلماء والأدباء الجزائريين، أو الأمثال والحكايا الشعبية الجزائرية، ترجمت إلى اللغة الفرنسية والإنجليزية، ما الهدف، وما هي الكتابات التي تستحق الترجمة أيضا؟ حقيقة، ترجمت هذه الموسوعات إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية، وأيضا وضعناها على المنصات الرقمية، ونهدف من ذلك إلى تسويقها للعام، من أجل أن يكتشف التراث الثقافي الجزائري الزاخر، وأيضا نهدف لبناء الذاكرة الوطنية، وحمايتها من التدمير والنسيان، لأن الذاكرة هي الحاضر والمستقبل، ولا مستقبل لمن لا ماض له كما يقال. وفي نظري الكتب التي تستحق الترجمة هي كل الكتابات التي تضيف إلى الواقع جديدا، وتضيف للإنسانية وإلى الحياة حتى يستفيد منها الآخر، وتعطى صورة يجهلها الآخر المترجم له، إذن هي الكتابات التي يستفيد منها الآخر وتعطى صورة للآخر المترجم له وكذلك الكتب التي تحتاج إلى التسويق وللترويج لتاريخ البلد، وتراثه وأدبه، فالمكتبات العالمية تزخر بإنتاجات الحكايات الصينية والكورية واليابانية، وهي حكايات مترجمة ولا نخجل من ترجمة تراثنا الشعبي أولا والكتب الفكرية والعلمية وإبداعات الكتاب التي تستحق الترجمة. - تعرف الساحة الأدبية، حاليا، غزارة في الإنتاج الأدبي، خاصة في صنف الرواية، هل ترى الظاهرة صحية؟ الغزارة في الإنتاج الأدبي، في الحقيقة هو سلاح ذو حدين كالسيف، وهو ظاهرة صحية عموما، لأن التاريخ الذي يرتب النصوص الجيدة، لكن المسؤولية تقع على دور النشر التي يجب أن تعتمد على لجان قراءة، ولا يجب أن تكون فقط آلة حاسبة لجمع الأموال، لأن لجان القراءة تفرق بين الغث والسمين، وتنشر ما يستحق، ولأن الكتاب وثيقة تاريخية تبقى للأجيال خاصة ولا مجاملة في الإنتاج العلمي والأدبي، وهنا يجب أن أقول إن هناك تفريط وإفراط في موضوع النشر.