تعود اليوم للأذهان الذكرى الأليمة للزلزال الرهيب الذي ضرب منطقة الشلف (الأصنام سابقا) في ال10 أكتوبر 1980 والذي خلف وراءه الآلاف من القتلى والجرحى وخسائر مادية مازالت الحكومة تتكفل بتصليح أضراره إلى حد اليوم. واسترجاع الذكرى يستوقفنا حتما للحديث عن الإستراتيجية وكذا التدابير حبيبة غريبالتي اتخذتها الجزائر للوقاية من الكوارث الطبيعية ومحاولة معرفة مدى نجاعتها وتطبيقها على أرض الواقع، الأمر الذي ناقشته جريدة «الشعب» أمس مع عبد الكريم شلغوم الخبير في هندسة مقاومة للزلازل والاستناد بجامعة باب الزوار، الذي كان ضيف «الشعب». وأوضح الأستاذ شلغوم الذي يدير أيضا معمل أبحاث في مجال اختصاصه إلى جانب ترأسه لنادي الأورو متوسطي للمخاطر الكبرى أن «القانون والإجراءات التي وضعتها الدولة للوقاية من الكوارث الطبيعية لم يتسن له أن يطبق فعليا على أرض الواقع، هذا بالرغم من المخاطر المحدقة بالجزائر بحكم موقعها الجيولوجي وطبيعة طبقاته الصخرية المعرضة لنشاط زلزالي مكثف». وأضاف الخبير في هذا الشأن أن «الجزائر بدأت تفكر في وضع قانون خاص بالوقاية من مخاطر الزلازل ابتداء من سنة 1976 المشروع الذي أوكل في تلك الفترة إلى المعهد التقني للمراقبة (ش)، والذي شارك في وضع الخرائط المبينة لمناطق المهددة بالزلازل خبيرين من أمريكا وهما الأستاذ (لوشا) والأستاذ (زوتي)، ولكن حدوث زلزال الشلف اضطر الهيئة المكلفة بوضع القانون إلى التعجيل في إصداره في 1981. «وكان الهدف من هذا المشروع القانوني، تنصيب لجان مختصة، تكوين الخبراء والمهندسين في الوقاية من الكوارث وبناء مخابر بحث لم ترى الوجود، ولم يجسد شيء على أرض الواقع إلى حد اليوم»، كشف ضيف «الشعب»، مضيفا أن «القانون ذاته قد أعيدت صياغته أو تعديله في 1988 ثم في 1999وأخيرا في 2004 (وهو القانون رقم 04 20 المؤرخ في 25 ديسمبر/كانون أول) وقد جاء كل تعديل بحكم طارئ خلقه حدوث كارثة طبيعية أخرى، كان آخرها زلزال بومرداس في 21 ماي 2003 ». وعن هذا الزلزال، الذي أرغم حدوثه والأضرار الخطيرة التي خلفها، إعادة النظر في القوانين والإجراءات الوقاية المتخذة ، قال الأستاذ شلغوم، أن المنطقة التي ضرب فيها لم تكن مدونة على خرائط المناطق المعرضة لمخاطر الزلازل والتي أعتمد عليها في وضع وتعديل القوانين السابقة. واستنكر من جهة أخرى، ضيف «الشعب» أن «الأخصائيين والخبراء في هذا الميدان الحساس مهمشين تماما ، ولا يأخذ رأيهم في اتخاذ القرارات وخاصة تلك المتعلقة بإختيار أماكن إقامة المشاريع التنموية والمجمعات السكنية وكذا المؤسسات العمومية والإستراتيجية. وأضاف الخبير في ذات السياق، أنه «لابد للوزارات والولايات وكذا البلديات أن تعتمد على خرائط الكوارث والمخاطر الكبرى الموضوعة من قبل الخبراء لتفادي الوقوع في الأخطاء السابقة والتي أدت إلى التعمير فوق أرضيات هشة، وبمحاذاة أودية وفي مناطق نسبة تعرضها للكوارث الطبيعية جد مرتفعة.