يواصل مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط إصداراته العلمية، والتي من بينها الكتاب الجماعي الدولي «العمل المصرفي الإسلامي في الجزائر: تقييم الماضي ومتطلبات النجاح». ويحاول هذا الكتاب، الذي ألفته نخبة من الباحثين، الإجابة عن تساؤلات حول واقع العمل المصرفي الإسلامي في الجزائر، والكيفية التي يمكن بها تقييم أدائه كبنوك وكشبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية، وكذا متطلبات نجاحه على ضوء الاستفادة من أخطاء الماضي. تحت عنوان «العمل المصرفي الإسلامي في الجزائر: تقييم الماضي ومتطلبات النجاح»، يقترح علينا مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط مؤلفا جماعيا دوليا جديدا من إصداره، بإشراف وتحرير د - خيرة مسعودي، وتأليف نخبة من الباحثين، أما الخط فهو للدكتور محمد بن عزوزي، وتصميم الغلاف لطارق مجلد. وينطلق الكتاب، وعدد صفحاته 553، من كون الجزائر عرفت العمل المصرفي الإسلامي مبكرا، أين تعود أول فكرة لإنشاء أول بنك إسلامي سنة 1929 بمبادرة من الشيخ أبو اليقظان، من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث دعا الشيخ الأعيان ورجال الأعمال في المدن الجزائرية الكبرى إلى بلورة فكرة بنك وفق قواعد الفقه الإسلامي، وقد لقيت دعوته ترحاباً من قبل كبار رجال الأعمال القاطنين بمدينة الجزائر، فقدّموا ملفاً كاملاً لإنشاء مصرف باسم «البنك الإسلامي الجزائري». وبعد أن تمّ إعداد قانونه الأساسي وجمع رأسماله الاسمي من قبل رجال أعمال المسلمين بمدينة الجزائر، وتمّ حتى تعيين مدير له، تصدت سلطات الاحتلال الفرنسية لهذا المشروع وأوقفته بالكامل. ومنذ ذلك الحين، يقول ذات المصدر، والمطالب تتزايد بضرورة توسيع نشاط المصارف الإسلامية في الجزائر؛ للاستفادة قدر الإمكان من خدماتها في عمليات الادخار والقروض وتمويل المشاريع، إلى أن تحقق الأمر بترخيص لأول مصرف إسلامي بالجزائر، (مصرف البركة 20 ماي 1991، ثم تلاه مصرف السلام 2008)، اللذين يعملان حاليا في الجزائر، لكن لا يوجد قانون واضح وخاص ينظم عمل ونشاط النظام المصرفي الإسلامي، جنبا الى جنب النظام المصرفي التقليدي، خاصة بعد الاصلاحات المالية والمصرفية لسنة 1990، فالمصارف الإسلامية في الجزائر كانت تعاني من غياب تقنين خاص بالمصارف التي تتعامل بأحكام الشريعة الإسلامية، إذ لا وجود لمثل هذا الوعاء ضامن قانوني على مستوى البنك المركزي، والذي يؤطّره ويحميه من مجموعة المخاطر المصرفية الممكن حدوثها في السوق المصرفية. لكن الجزائر، يضيف المصدر، أمام فرصة قوية ومتاحة لأن تصبح نموذجاً مميّزاً في المصرفية الإسلامية محليّاً وإقليمياً، إذا ما استغلّت الطاقة الاستيعابية للسوق النقدية الواعدة كأحد أهمّ مصادر تعبئة الموارد المالية، ومن ثَمّ تمويل احتياجاتها، فتفكير الحكومة في تبني الصيرفة الاسلامية، (خاصة بعد الأزمة النفطية مؤخراً) يعدُ خطوة هامة، بإصدار تنظيمين (التنظيم رقم 18-02 المؤرّخ في 26 صفر عام 1440 الموافق ل 04 نوفمبر 2018، المتضمّن قواعد ممارسة العمليات المصرفية المتعلقة بالصيرفة التشاركية من طرف المصارف والمؤسسات المالية)، الذي تمّ إلغاؤه وإصدار (التنظيم رقم 20-02 المؤرخ في 20 رجب عام 1441 الموافق ل 15 مارس 2020، الذي يحدّد العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية)، أي أنّ هذا التنظيم يخص الصيرفة الإسلامية في الجزائر بشكل عام، كبنوك وكشبابيك، وحتى وإن كان هذا التنظيم في بدايات تطبيقه، إلا أنه يبقى عزوف فئة كبيرة من فئات المجتمع الجزائري في التعامل مع هذه الشبابيك الإسلامية لاعتبارات عقائدية ودينية (كشبهة اختلاط الأموال الربوية بها). ومن هذا المنطلق، يطرح الكتاب الأسئلة الإشكالية: ما هو واقع العمل المصرفي الإسلامي في الجزائر؟ وكيف يمكن تقييم أدائه كبنوك وكشبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية؟ وما هي متطلبات نجاحه على ضوء الاستفادة من أخطاء الماضي؟