بدأ الرئيس إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين، جولة إفريقية في وقت تعهدت فرنسا بتجديد شراكاتها العسكرية في القارة لتتمكن من البقاء في المنافسة الاستراتيجية المتزايدة التي تجري هناك بين القوى الكبرى وبينها روسيا. يلخص ضابط فرنسي متمركز في غرب إفريقيا الوضع بالقول «لم نعد سوى واحدة من قوى أخرى» في مجال عرض التعاون العسكري. وسيأخذ الرئيس الفرنسي ذلك في الاعتبار عندما يزور الكاميرون وبنين وغينيا بيساو من 25 إلى 28 جويلية. وقد زار وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو النيجر وكوت ديفوار في منتصف جويلية، بعد إعلان رئيس الدولة رغبته في «إعادة التفكير بحلول الخريف في مجمل الترتيبات العسكرية الفرنسية في القارة الأفريقية». وبعد دفعها إلى الخروج من مالي تحت ضغط المجلس العسكري الحاكم منذ 2020، ستغادر القوات الفرنسية البلاد بحلول نهاية الصيف بعد تسع سنوات من مكافحة الإرهابيين. وسينخفض حجم وجودها في منطقة الساحل إلى النصف، أي أقل من 2500 عسكري. على الرغم من هذا التراجع، تؤكد فرنسا أنها لن تتخلى عن مكافحة الإرهابيين التابعين لتنظيمي «القاعدة» و»داعش» الإرهابيين الذين تم احتواؤهم لفترة طويلة في منطقة الساحل، لكنهم يحققون تقدما باتجاه خليج غينيا حاليا. لكن التدخلات العسكرية لفرنسا ستتحول إلى «قوات أقل ظهورا وأقل انكشافا»، على حد تعبير إيمانويل ماكرون، وخصوصا لتجنب إثارة مشاعر معادية لفرنسا قابلة للانفجار. والرهان أساسي أن باريس تريد تجنب تراجع استراتيجي في مواجهة خصومها أو منافسيها في هذه القارة التي سيبلغ عدد سكانها 2,5 مليار نسمة في 2050. في الوقت نفسه، تريد باريس الاستمرار في المشاركة في مكافحة انعدام الأمن الذي يهدد شركاءها الأفارقة ويغذي الهجرة إلى أوروبا، لكن بتكتم. وفي منطقة الساحل، وافقت النيجر على الإبقاء على قاعدة جوية فرنسية في نيامي ودعم 250 جنديا لعملياتها العسكرية على الحدود المالية. وستواصل تشاد استضافة قوة فرنسية في نجامينا، بينما يأمل الفرنسيون في الإبقاء على كتيبة من القوات الخاصة في واغادوغو ببوركينا فاسو. وفي خليج غينيا يمكن للقوات الفرنسية في كوت ديفوار، حيث تتعاون فعليا مع الجيش المحلي، أن تؤمّن وسائل للمراقبة في شمال البلاد بطلب من أبيدجان. أما بالنسبة لبنين وتوغو، «فهناك طلب لدعم فرنسي في مجال الإسناد الجوي والاستخبارات والتجهيزات»، بحسب الإليزيه. وما زالت غينيا تدرس احتياجاتها لتأمين حدودها مع مالي.