تطرق الكاتب والشاعر المصري، محمد ضباشه، في سانحة فكرية من خلال تواصله مع «الشعب»، إلى موضوع «قصيدة النثر»، مبرزا دورها في الإبداع الأدبي العالمي والعربي بالخصوص، وعلى هامش اللقاء الافتراضي أعلن عن إصدار الجزء التاسع والثلاثون من الموسوعة الحديثة للشعراء والأدباء العرب ورقيا عن دار الجندي للنشر والتوزيع بالقاهرة، حيث عرف العمل الذي أشرف عليه عضو اتحاد كتاب مصر محمد ضباشه، مشاركة 14 شاعر وشاعرة من الوطن العربي من بينهم كتاب وشعراء جزائريون، وفي سابقة من نوعها استهل التعريف بالشعراء بومضات لطيفة امتزجت بين كتابات شعرية وأخرى نثرية من نبض أقلام المشاركين. استهل الكاتب محمد ضباشه حديثه إلينا عن ماهية قصيدة النثر «بما أنّ الإبداع الأدبي يعني خلق شيء جديد لم يكن موجودا من قبل (التحرر من الشعر العمودي وشعر التفعيلة) يتميز بالاستمرارية وقوة الأثر، نجد أنّ قصيدة النثر تعد لونا إبداعيا لأنها لم تخرج من عباءة الخليل بن أحمد الفراهيدي وبحوره وتفعيلاته، ولا من مدرسة نازك الملائكة في شعر التفعيلة، واستطاعت أن تجد لها مكانا متميزا بين ألوان الشعر الأخرى». القصيدة النثرية ولدت من رحم الحداثة كما صرح عضو اتحاد كتاب مصر محمد ضباشه ل»لشعب»، أنّ قصيدة النثر ولدت من رحم الحداثة، نتيجة طبيعية لتزاوج الشعر بالنثر، وقد ولدت محملة بجينات تسقط من الشعر الوزن والقافية والعروض، وتحافظ على السجع الذي يميز النص النثري، واستطاعت أن تفرض نفسها على الساحة الأدبية العالمية والعربية فيما بعد، مضيفا «يذكر التاريخ أنّ الشاعر والناقد الفرنسي بودلير Charles Baudelaire هو أول من كتب قصائده النثرية عام 1857 عقب نشر ديوانه أزهار النثر، مدفوعا بالرغبة في شكل شعري يمكنه من استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية، حتى يقتنص في شباكه الوجه النسبي الهارب للجمال.. حيث يقول في أحد قصائده: العالم، رتيب وصغير، بالأمس، غدا.. دائما يرينا في مرآته صورتنا.. واحة من الرعب في صحراء من الضجر». وفي ذات الصدد، تحدث عضو اتحاد كتاب مصر عن صاحبة أول دراسة أكاديمية حول قصيدة النثر، التي بفضلها تنفس العديد من الكتاب الشعراء بأعمال تبدو للقارئ أنها قصائد بلمسات نثرية، كما جاء على لسانه في هذا السياق: «تعد الناقدة الفرنسية سوزان برنار Suzanne Bernard 19 نوفمبر 1932 - 17 جويلية 2007، رائدة صياغة مصطلح «قصيدة النثر»، وتسويقه في الأدب الحديث. حيث أعدت في العام 1958 أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب، تحت عنوان: «قصيدة النثر: من بودلير حتى أيامنا هذه» في جامعة باريس، وبلغ عدد صفحاتها عندما نشرت الأطروحة في فرنسا في كتاب، نحو 814 صفحة، موزعة على ثلاثة فصول مع مقدمة تاريخية عن قصيدة النثر ما قبل بودلير، وتشير إلى أنّ قصيدة النثر هي قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحدة، مضغوطة، خلق حر ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجا عن كل تحديد، من الأخذ في الاعتبار إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية التي تعتمد على الألفاظ وتتابعها والصور وتكاملها والحالة العامة للقصيدة، ويضيف أنسي الحاج أنَّ النظم ليس هو الذي يميز الشعر عن النثر خلال حديثه عن قصيدة النثر، كما ورد في مجلة شعر حول مفهوم قصيدة النثر ويرى أنَّ قصيدة النثر شعرٌ، وليست نثرًا جميلًا، بل هي قصيدة مكتملة وكائنٌ حي مستقل، مادتها النثر وغايتها الشعر، والنثر المادة التكوينية فيها، لذلك ألحق باسمها كلمة النثر لتبيان منشئها، وسمِّيَت قصيدةً للتأكيد على أنَّ النثر يمكن أن يكون شعرًا دون التزامه ببحور الشعر والضوابط التقليدية، ولابد من توافر ثلاث شروط في قصيدة النثر، الإيجاز، والتوهج، والمجانية». لون من ألوان الشعر، يكتب بحرية مطلقة وتأسيسا على ما سبق، وعلى حدّ قول المتحدث «نجد أن قصيدة النثر خرجت على كلّ التقاليد والأشكال المتوارثة والمستقرة في الشعر العربي كالوزن والقافية في الشعر العمودي والتفعيلة في الشعر الحر، وكأنّها تحرّر العقل العربي من العودة للماضي وتنطلق به من الحاضر إلى نقطة ما صوب المستقبل بلون جديد من الشعر، يعتمد فقط على ثقافة الشاعر ورؤيته الذاتية لما يجول بخاطره أو ما يدور حوله من أحداث، ولهذا يمكن تعريف قصيدة النثر بأنها لون من ألوان الشعر الذي يكتب بحرية مطلقة ولا يعتمد على الأشكال التقليدية المعروفة، وإنما يعتمد على التكثيف والإيجاز والمجانية، وله موسيقى لا تحدثها الأوزان والقوافي». للإشارة، الجزء التاسع والثلاثون من الموسوعة الحديثة للشعراء والأدباء العرب عرف على غرار مشاركة جزائرية متمثلة في الدكتور الأديب والشاعر عبد العزيز شبين والشاعر قوادرية سالم، مشاركة كل من الشاعرة الفلسطينية أرزي زيدان، والشاعران السعوديان عبد العزيز مكي، ومطران العياشي، إلى جانب 07 أسماء قديرة لكتاب وشعراء من جمهورية مصر العربية.