إبراهيم مراد ينصب علي بوقرة واليا جديدا لولاية أدرار    أهمية الأمن السيبراني في ظل التحديات المتزايدة على المجتمع    أولويات الحكومة للإصلاح الاقتصادي توفير مناخ للاستثمار    انطلاق فعاليات الحلول الزراعية المنظم من المدرسة العليا للفلاحة    اتفاقية شراكة بين التكوين المهني وجمعية للنساء بخنشلة    الصليب الأحمر يناشد العالم لإنقاذ الفلسطينيين في غزة    لقاء الخضر- ليبيريا انتهى لصالح الجزائر    أمن دائرة ششار عملية مداهمة و توقيف 07 أشخاص    جامعة عنابة تنظم ندوة تاريخية حول الشهيد باجي مختار    استهداف الجزائر ب 70 مليون هجمة سبيرانية خلال 10 أشهر    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3481 شهيدا و 14786 مصابا    متابعة آنية للمدارس وتسريع إصلاح التدفئة    الجزائر تتزعم إنتاج التمور وسنرفع كميات التصدير    الرئيس تبون على العهد الذي قطعه مع الجزائريين    توافد "أزيد من 4 ملايين زائر" على صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته ال27    التبليغ عن المواد الصيدلانية التي تشهد ندرة في السوق    شبيبة تيارت واتحاد الحراش يشددان الخناق على المتصدرين    تصفيات كأس إفريقيا/الجزائر- ليبيريا (5-1): ''الخضر'' يختتمون مشوارهم بالطريقة المثلى    قدرات الجزائر تؤهّلها لخلق آلاف المؤسّسات    بيت لاهيا والبريج والنصيرات تحت النيران الصهيونية    سيدي عمار يبيّن موقف الأمم المتحدة    الجزائر ستتصدر قائمة منتجي الفوسفات إفريقيا    سرطان البروستات من الأمراض الصامتة والتشخيص سبيل للشفاء التام    تأكيد على دور الإعلام في مكافحة الظاهرة والوقاية منها    إطلاق برنامج مكافحة العنف ضد النساء والفتيات    معلول يعترف بقوة البطولة الجزائرية ويتحدث عن بيتكوفيتش    شتوتغارت الألماني يصر على الفوز بصفقة إبراهيم مازة    الجيل الجديد من الشباب يحتاج للمرافقة    مشاركة مميّزة بإصدارات جديدة وصور نادرة    "الفاف" والأندية الجزائرية تنعى هداف المنتخب الوطني السابق    المناعة الطبيعية أحسن دواء لنزلات البرد    تيبازة : امتلاء سد كاف الدير بالداموس بنسبة 76 بالمائة    800 ألف زائر في يوم واحد    ممثل البوليساريو بالأمم المتحدة : 49 عاما تمر على اتفاقية مدريد في "تجاهل تام" لدعوات الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار    اختتام الاجتماع البرلماني حول المناخ بأذربيجان بمشاركة وفد مشترك من غرفتي البرلمان الجزائري    مباراة الجزائر/ليبيريا: مدينة تيزي وزو تتزين بالألوان الوطنية في لقاء تاريخي    لقاء بمجلس اللوردات حول الشراكة الثنائية    مئات الفلسطينيين تحت الأنقاض في جباليا    قوجيل يُخطر المحكمة الدستورية    عرقاب يعطي إشارة انطلاق أشغال فتح منجم الفوسفات    مباراة تاريخية على ملعب آيت أحمد    ندوة حول ثورة الجزائر في الكتابات العربية والعالمية    إبراز دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    وهران تحتضن أياما دولية للطب الفيزيائي وإعادة التأهيل    مخطط النجدة بورقلة: تنفيذ تمرين محاكاة تدخل إثر وقوع كارثة طبيعية    قمة الشباب الافريقي بإثيوبيا: حيداوي يستعرض تجربة الجزائر في التكفل بالشباب    هلاك ثلاثة أشخاص وإصابة اثنان آخران بجروح متفاوتة    صايفي يرافق الخضر    احتجاجات عارمة بالمغرب    بن عراب تتوّج بجائزة في الإمارات    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الصيدلي يلعب دورا محوريا في اليقظة الاستراتيجية للدواء    إطلاق حملات تحسيسية حول الكشف المبكر لمرض السكري    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة بطولية خلّدها جيش التحرير الوطني بوادي سوف
نشر في الشعب يوم 03 - 08 - 2022

هي إحدى أهم الملاحم الفاصلة التي خاضها جيش التحرير الوطني في بدايات الثورة المجيدة، وقد دامت ثلاثة أيام 8، 9، 10 أوت 1955 تمهيدًا للهجومات الواسعة على الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 لفك الحصار عن الأوراس وتزويد الثورة بأسلحة جديدة وتوسيع نطاقها.
صمد مجاهدونا الذين لم يزدْ عددهم عن (34 مجاهدا) في وجه القوات الفرنسية الضخمة والطائرات التي استخدمت في هذه المعركة، التي عُرفت ب (معركة هود شِيكَة) بتراب بلدية سيدي عون التي تبعد عن مقر ولاية الوادي بحوالي 30 كلم، ورغم طبيعة هذه المنطقة الصحراوية القاحلة والشهيرة بكثبانها الرملية الوعرة، وتوقيت العملية التي تزامنت وعزّ فصل الصيف حيث تشهد المنطقة حرارة منقطعة النظير يضاف إليها نقص الذخيرة والمؤونة.. إلا أن هذه العوامل لم تثن مجاهدينا عن مواصلة المهمة التي كُلفوا بها.
وكما هو معلوم فعقب اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 ضرب الغزاة الفرنسيون طوقا شديدا حول المناطق الساخنة من الوطن، من خلال قانون الطوارئ الذي فرضه الحاكم العام للجزائر جاك سوستال في أفريل 1955، وعلى رأسها منطقة الأوراس، حيث كانت فصائل جيش البطل الشهيد مصطفى بن بولعيد تتحصّن بها.
وحتى يتم فك الحصار عن هذه المنطقة والتخفيف من حدّته قررت قيادة الثورة تنظيم عمليات عسكرية نوعية تستهدف مراكز العدو الحساسة العسكرية، منها والاقتصادية بما فيها وادي سوف التي كانت آنذاك تتبع منطقة الأوراس قبل انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 حيث أضحت تتبع الولاية السادسة وكذلك تنشيط الخلايا الثورية وضخ دماء جديدة للثورة من الشباب السوفي والتخطيط للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق بالمنطقة، وتوسيع الإطار المكاني للثورة بالجنوب الشرقي وبالشريط الحدودي وتشتيت القوات الفرنسية وإرهاقها بمعارك واشتباكات وكمائن، وكذا الجدّ في تهريب السلاح باعتبار المنطقة نقطة عبور لوحدات جيش التحرير الوطني. وتم تحديد 20 أوت 1955 تاريخا لبدء هذه العمليات التي عُرفت في تاريخ الثورة ب (الهجومات على الشمال القسنطيني) بقيادة البطل زيغود يوسف.
شيحاني بشير يدعو للتطوّع بالوادي
ولهذا الغرض فقد عقد البطل شيحاني بشير اجتماعا بجبل الجرف بتراب بلدية سطح قنتيس، بولاية تبسة في أواخر شهر جويلية 1955، وبحضور نخبة من قيادات المنطقة، كان من بينهم القائد عباس لغرور والشهيد محمد لخضر الشايب بن إبراهيم وحفصية بنت عبد الله، والشهير باسمه الثوري (حمه لخضر) قائد معركة هود شيكة، المولود عام 1930 بقرية الجديدة ببلدية سيدي عون بولاية الوادي، والذي تتشرف جامعتها اليوم بحمل اسمه.
ونتيجة لدراية القائد شيحاني على الجغرافيا الصعبة لمنطقة وادي سوف وعزلتها وطابعها الصحراوي المكشوف والخالي من الأشجار، وللارتفاع الشديد لدرجة الحرارة بها في شهر أوت فقد أكّد على ضرورة الاستعداد الجيد لهذه العملية لاسيما بعد ما أدرك من خلال تقرير القائد حمه لخضر على الإمكانات العسكرية والمالية المحدودة لفصائل جيش التحرير الوطني بالوادي، كما قرر أن يكون المشاركون في الهجومات بالوادي متطوعين، لذلك خاطب الجميع قائلا: «على من يرغب في التطوع أن يرفع يده كإشارة للقبول» بعد هذا الاستفتاء أعلن (34 مجاهدا) استعدادهم للمشاركة في هذه العملية، وكان معظمهم من أبناء وادي سوف بحسب ما ورد في السّجل الذهبي لشهداء الثورة التحريرية بولاية الوادي 1954 - 1962 الصادر عام 2021 عن مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية الوادي والجمعية التاريخية أول نوفمبر وهذا بقيادة البطل حَمّه لخضر باعتباره أحد أبناء المنطقة وأحد العارفين بطبيعتها وغيطانها وحجم استعداداتها، كما سبق له أن قاد بربوعها معركة (هود كريم) بحاسي خليفة بتاريخ 17 نوفمبر 1954، ومعركة (صحن رتم) يوم 15 مارس 1955.. وغيرها من الاشتباكات والكمائن، إلى جانب تعيين نائبين له وهما المجاهد العربي بوغزالة والمجاهد عبد المالك قريد، وقد وثّق المرحوم الدكتور إبراهيم مياسي أسماءهم جميعا في مقاله (أوت 1955.. وادي سوف في خضم الملحمة) المنشور بمجلة المصادر، العدد الثاني 1999.
وقد شدّوا الرِّحال جنوبا نحو وادي سوف بأسلحتهم المتواضعة، بداية من يوم 31 جويلية 1955، ودامت رحلتهم (7 أيام)، حيث كانوا يختفون بالنهار حتى لا يكشف العدو أمرهم بواسطة طائراته الاستكشافية وعيون أذنابه، ثم يواصلون رحلتهم ليلا. وفي طريقهم استطاع المجاهدون تجنيد عدد من أبناء المنطقة.
وبمجرد وصولهم إلى المنطقة أرسل القائد حمه لخضر مجموعتين للاتصال بالخلايا المحلية، فعادوا أدراجهم وأعلموا قائدهم أن العدو قد تفطن لوجودهم بنواحي هود شيكة، فما كان منه إلا أن أعطى أوامره لمجموعته للاستعداد لمواجهة عساكر العدو الفرنسي.
سير المعركة
مع حلول فجر يوم 08 أوت 1955 قدمت وحدة فرنسية تتكون من عدة عربات متجهة نحو مكمنهم، فنصب لها المجاهدون كمينا في تلك الناحية الصحراوية الوعرة، حيث استطاعوا القضاء عليها، باستثناء بعض السائقين الذين تمكنوا من الفرار، وبمقابل ذلك لم يفقد المجاهدون واحدا منهم.
بعدها قاموا بجمع غنائم العدو المتمثلة في عدد من قطع الأسلحة والذخيرة، وفي الأثناء لَمَحُوا وجود وحدة عسكرية أخرى من مشاة الجنود الفرنسيين آتية من جهة الغرب، فأمر القائد حمه لخضر جنوده أن لا يطلقوا عليهم الرصاص وأن يتحصّنوا بغوطين (بستانين من النخيل) بين الشمال والجنوب ليكون الغزاة بين فكي كماشة ضمن كمين محكم، وما أن وصلوا المكان حتى باغتهم المجاهدون بوابل من الرصاص فأردوا أحد الجنود الفرنسيين قتيلا، ممَا حدا بهم إلى اللجوء إلى صَابَاط قديم (وهو مكان يُخصص لجمع وحفظ التمور ومختلف الغلات) يقع بين الغوطين سالفي الذكر، عقب ذلك قام قائد المجموعة الفرنسية وكان برتبة رقيب بنصب قطعته الحربية من نوع (مات 24) وأطلق النار بشكل عشوائي على المجاهدين، فأصاب واحدا منهم بجروح، وهنا سدد الشهيد حمّه لخضر سلاحه نحو هذا الرقيب فأرداه قتيلا.
بعد مصرع قائد المجموعة استسلم بقية الجنود للمجاهدين، وقد تم القضاء عليهم بعد ذلك بغوط مجاور حتى لا يرهقوا كاهل المجاهدين ويعيقوا حركتهم وسيرهم، باستثناء واحد منهم تمكن من الفرار وأبلغ قيادته بالوادي بهذه المذبحة.
وفي غمرة احتفال المجاهدين بهذا الانتصار كان العدو قد جهز ثلاث مجموعات عسكرية ضخمة، ولما علم المجاهدون بقدومها تحصنوا بغوط (هود شيكة) لكثافة نخيله وصعوبة ولوج كثبانه الرملية. وفي الأثناء كانت القوات الفرنسية تتأهب لاقتحامه والتحصّن به، لكن محاولاتها باءت بالفشل بعد احتلال الغوط من قبل المجاهدين الذين كمنوا بداخله ويعرف باسم (شيكة) نسبة إلى مستوطن إيطالي كان يملك هذا البستان من النخيل لذلك عمدت القوات الفرنسية إلى محاصرة هذا الغوط من جميع الاتجاهات عدا جهة الشمال، ففاجأها المجاهدون بوابل من الرصاص بفضل الأسلحة الحديثة وذخيرتها الحية التي غنموها عقب المعركتين الأولى والثانية بهود شيكة.
وأثناء حصار المجاهدين من قبل القوات المعتدية، ولحاجتهم الماسة إلى الماء فقد كلف قائد المعركة مجموعة بحفر بئر داخل هذا الهود وتزويد المجاهدين المحاصرين بالماء وإسعاف الجرحى.
ونتيجة لعدم قدرة الجيش الفرنسي على اقتحام الغوط وفشله في إنهاء المعركة بالقضاء على المجاهدين الذين كانوا يقاومون ببسالة متناهية وشجاعة نادرة، فقد اضطر العدو إلى الاستنجاد بالطائرات التي وصلت في الحال وشرعت في قصف الغوط وقنبلة المجاهدين بنيرانها الحارقة في ذلك اليوم المشهود الذي عرفت فيه درجة الحرارة أعلى قياساتها، واشتد القتال بين الطرفين طيلة اليوم الثالث من المعركة.
العدو يفقد المئات من جنوده
وبالرغم من قلة إمكانات هذه الفئة القليلة والمؤمنة بعدالة قضية شعبها وتصدّيها للترسانة العسكرية لقوات العدو ونفاد ذخيرة أفرادها، إلا أنهم تمكنوا من القضاء على المئات من المعتدين طيلة أيام المعركة وجرح الكثير منهم، وحسب الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين بالوادي السيد بشير عبادي فإن عدد قتلى العدو في هذه المعركة تراوح ما بين 500 و600 قتيل والعديد من الجرحى، إضافة إلى إسقاط أربع طائرات وتحطيم مجموعة من العربات والسيارات العسكرية، وبمقابل ذلك استشهد ستة من المجاهدين وأصيب أربعة عشر منهم بجروح متفاوتة الخطورة، وهذا قبل انتهاء المعركة.
ولما جَنّ الليل قَسّم القائد الشهيد حمه لخضر جنوده إلى فرقتين وأمرهم بالانسحاب عبر الجهة الشمالية التي لم يحتلها الفرنسيون، مع حملهم الجرحى، إلا أن العدو الذي مازال رابضاً بتخوم ذلك الهود كان لهم بالمرصاد، حيث لاحقتهم طائراته دون الجيش مما أدى إلى نشوب معركة أخرى غير متكافئة، حيث كان من بقي من مجاهدينا متعبين وهم يتداولون على حمل إخوانهم الجرحى، أضف إلى ذلك نفاد ذخيرتهم وزادهم ومائهم.. حيث قامت هذه الطائرات بملاحقتهم وقصفهم بعشوائية وهيستيريا مفرطة، فلحق الكثير منهم بربهم شهداء وهم في تلك الحالة المزرية، وكان على رأسهم قائد المعركة الشهيد حمه لخضر الذي عُثر عليه شهيداً بتاريخ 10 أوت 1955.
ومن الذين لم تُكتب لهم الشهادة في هذه الملحمة المجاهدان: داسي محمد بن الساسي (الشهيد الحي) وقريد عبد المالك المدعو (الجنة) رحمة الله عليهما، والمجاهدان عريف أحمد وقواسمية الهامل أطال الله في عمريهما الذين بقوا أحياء حتى الاستقلال ليرووا للأجيال بطولة رفاق دربهم واستبسالهم في وجه المعتدين ليتخذوا من تضحياتهم وبسالتهم وصبرهم القدوة والعبرة.
وقد حاولت قيادة العدو بوادي سوف في تقاريرها العسكرية وبياناتها الإخبارية ووسائل إعلامها المختلفة خاصةً الإذاعة والجرائد أن تهوّن من شجاعة المجاهدين بل نجد هذه الوسائل تصف مجاهدينا بالخارجين عن القانون وبالإرهابيين.
زار مكانها سوستيل وخلّدها
مفدي زكريا في الإلياذة
ولشراسة المعركة وللصدى الإعلامي الذي أحدثته في عديد الجرائد والإذاعات، وتسجيل ثبات المجاهدين وفقدان المئات من أفراد عساكر العدو الذين قاتلوا لأول مرة في مثل هذه الظروف الطبيعية فقد زار الحاكم العام للجزائر جاك سوستيل شخصيا وادي سوف، أين دارت رحى المعركة، وقد نشرت جريدة La Dépêche de Constantine خبرا عن هذه الزيارة، مكّننا بنسخة منه الباحث في التاريخ الأستاذ بوراس طليبة، حيث كتبت: «السيد جاك سوستيل سيلتحق بالوادي قريبا.. الجزائر، 12 أوت غدا صباحا في الساعة 6 و15 سيصل إلى الجزائر الحاكم العام السيد جاك سوستيل عقب مشاركته في أشغال اللجنة الدائمة للشمال الإفريقي. الحاكم العام سيحضر قريبا إلى الوادي للمشاركة في المراسيم على شرف الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في المواجهة المسلحة مع الإرهابيين. أ. س»
كما خلّدها شاعر الثورة الجزائرية المجاهد مفدي زكريا وأثنى على قائدها الشهيد حمه لخضر في إلياذته الخالدة التي تروي تاريخ الجزائر، وتحديدا في المقطع الذي خصصه لوادي سوف ومطلعه:
يا وادي سوف العرين الأمين
ومعقل أبطالنا الثائرين
ومأوى المناجيد من أرضنا
وأرض عشيرتنا الأقربين
وربض المحاميد وأحرار غوما
ومن حطموا الظلم والظالمين
ودرب السلاح لأوراسنا
وقد ضاقت السبل بالسالكين
إلى أن يقول حول معركة هود شيكة:
أننسى ثلاثة أيام نحس
وسوستال يندب في النائحين
وأخضر يحصد حمر الحواصل
فيها ويقطع منها الوتين
كما جادت قرائح عديد الشعراء الشعبيين بقصائد تمجد هذه المعركة وتعرّض بجبن الفرنسيين، ومن ذلك قصيدة للشاعرة المجاهدة فاطمة منصوري بنت نوار التي مطلعها:
نورّيك ضرب الحرب كانْ نسيتهْ
نشفّيكْ عن هدّة نهار هُود شيكهْ
نورّيكْ ضربي نَايَا
كانك غَديتي عايلة في اسمايا...
نورّيك حر مراره
ونشفّيك عن نهار غزاله
ونفرجك ما تعمل الرّجاله
ولتوثيق خلفيات وسير ونتائج هذه المعركة فقد تناولها عديد المؤرخين والباحثين كالدكتور أبي القاسم سعد الله في مقاله المنشور بمجلة أول نوفمبر، عدد جوان 1987، والأستاذ سعد العمامرة والأستاذ علي عون، في كتابهما (معارك وحوادث حرب التحرير بمنطقة وادي سوف) المنشور عام 1988، والدكتور إبراهيم مياسي بمجلة المصادر، عدد عام 1999، والدكتور علي غنابزية ضمن كتابه (فصول في تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية بوادي سوف 1854 1962) الذي صدر عام 2022. والأستاذ رشيد قسيبة في كتابه القائد حمه لخضر ودوره في الثورة التحريرية الصادر في 2019، إلى جانب تقارير سابقة حول كتابة التاريخ من إنجاز المنظمة الوطنية للمجاهدين؛ وهي مطبوعة بآلة الستانسيل التقليدية، كما يحتفظ متحف المجاهد بوغزالة حمد الهادي بالوادي بعدة تسجيلات حية لبعض المجاهدين حول هذه الملحمة.
باحث في التاريخ ومدير المجاهدين لولاية الوادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.