في لحظات مؤلمة يشرد ذهن الأسير أحمد مناصرة، وهو يستيقظ صباحاً، يستذكر زملاءه وهم ذاهبون إلى المدرسة ورنين جرس المدرسة ، يعلن عن بدء طابور الصباح، ثم الذهاب الى الفصول المدرسية، حلم جميل استغرق لحظات، لكن دموع الألم، تفاجأه بواقع المعتقل،وعويل جلاوزة الظلم والإرهاب من سجاني وسجانات معتقلات الموت الصهيونية، التي تغتال الطفولة، وبدلاً من أن يعيش طفولته البريئة، كباقي أطفال العالم، إلا أن الإحتلال الصهيوني النازي يريد عكس ذلك، يغيب عن أحمد مناصرة، صوت أمه الحنون وهي توقظ إخوته، للذهاب إلى المدرسة، لكن تلك اللحظات الجميلة، تذهب. أدراج الرياح بسرعة، مع زرد السلاسل، انها الزنزانة الضيقة، التي تجعل الإنسانية تنزف دماً، ووجعاً والماً، أجساد غضة، أثخنتها الجراح. ومعاناة تعجز الجبال عن حملها، في 22 يناير/ كانون الثاني 2002، وفي بيت حنينا بالقدس المحتلة استقبلت الدنيا الصرخة الأولى أحمد مناصرة وسط أسرة مقدسية مناضلة، عانت كغيرها من الأسر الفلسطينية من ظلم الاحتلال الصهيوني، نما وترعرع أحمد في بيت حنينا، حتى كبر واشتد عوده، وغدا فتىً رافعاً، ورأى بأم عينيه انتهاكات الاحتلال الإجرامية، فحمل كل ذلك في نفسه الوديعة، وكان السؤال الذي ظل يراوده، لماذا يعذب الشعب الفلسطيني؟ وفي يوم، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، كان أحمد يتجول برفقة صديقه الحميم وابن عمه حسن مناصرة (15 عاما)، لكن فاجأتهما قوات الاحتلال الصهيوني ومعها المستوطنين الإرهابيين، بالرصاص والدعس ثم الضرب والاعتداء والإهانة وبعد ذلك تم اعتقاله وإيداعه في السجن، ارتقى حسن ابن عم أحمد مناصرة إلى ربه شهيدا، في حين نقل أحمد وهو بين الحياة والموت إلى المستشفى مكبل اليدين، حيث اعتقد الكثيرون أنه استشهد هو الآخر، لكنه ظهر بعد ذلك مع إخوته الأبطال المعتقلين. أيها السادة الأفاضل: انتهج كيان الاحتلال الصهيوني الفاشي سياسة استهداف الطفل الفلسطيني من خلال القتل والجرح والاعتقال كجزء من الانتهاكات الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، أحمد مناصرة كغيره من أطفال فلسطين الذين غُيبوا في سجون الاحتلال، لسنوات طوال بحجة حماية أمنها وتفصيل استراتيجيات الردع لديها لكبح التطلعات الفلسطينية في العودة والتحرير وهذا مخالف للمادة (37) من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني 1989 والتي جاء فيها (تكفل الدول الأطراف ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رغم طفولتهم البريئة إلا أنهم شكلوا رقما صعبا في معادلة الصراع مع المشروع الصهيوني بعد أن فجروا بسواعدهم التي لا تحمل سوى الحجارة أعظم انتفاضة شهدتها البشرية في وجه قوة محتلة خلال القرن العشرين. أطفال فلسطين الذين عاشوا وولدوا في الخيام، وتذوقوا مرارة فقد الأحبة والأهل خلال غارات المحتل المتواصلة ومن حمم الطائرات الصهيونية (الأمريكية الصنع) وشاهدوا منازلهم التي تهدمها جرافات الاحتلال، وهؤلاء الاطفال مازالوا يملكون لكثير من طاقاتهم رغم كل هذا الحزن والألم، مازال يحلم بأن يعيشون طفولتهم كسائر أطفال العالم. في فلسطين، الأطفال أصبحوا رجالاً ، لديهم تجارب وحياة مختلفة تماما عن سائر أطفال العالم، فهم يصنعون تاريخ وطنهم بمقارعة المحتل الإرهابي، ويتعلمون كيف يعيشون الحياة التي تسرق منهم تفاصيلها، ويحملون فلسطين في عقولهم وقلوبهم وحدقات عيونهم ، ويدفعون حياتهم دفاعاً عن ثرى الوطن الطهور. حقاً: الإنسانية تنزف ألماً ووجعاً، ولكن أطفال فلسطين يعيشون الحياة رغما عن أنوف من أراد لهم الموت سلام لك أحمد ولكل الأطفال الأسرى ولكل أخواتنا المعتقلات ولكل أبطالنا الأسرى الحرية لأسرى الحرية الفرج قادم باذن الله