أدان الاتحاد الأفريقي، أمس، على لسان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، الانقلاب الذي وقع في بوركينا فاسونو، وقال في بيان أن «التغيير غير الدستوري للحكومة» في بوركينا فاسو مرفوض. دعا الجيش البوركينابي إلى «الامتناع فورا وبشكل كامل عن أي أعمال عنف أو تهديدات للسكان المدنيين والحريات المدنية وحقوق الإنسان». كما طالب الاتحاد الإفريقي بإعادة النظام الدستوري بحلول جويلية من العام 2024 «كحد أقصى». من جهتها، اعتبرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، أن استيلاء عسكريين على السلطة في بوركينا فاسو، جاء في وقت غير مناسب، بعد أن أحرزت البلاد تقدما نحو العودة إلى الحكم الدستوري، عقب استيلاء الجيش على السلطة في جانفي الماضي من حكومة مدنية، مدينة بذلك الانقلاب الثاني الذي تشهده في ثمانية أشهر. ومساء الجمعة، أعلن عسكريون في بوركينا فاسو في بيان متلفز إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم، اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب في نهاية جانفي أطاح بالرئيس المنتخب روش مارك كريستيان كابوري، وقالوا إن القائد الجديد هو إبراهيم تراوريه. وفي بيان متلفز أعلن عسكريون، مساء الجمعة إقالة داميبا. وعقب يوم شهد إطلاق رصاص في حي مقر الرئاسة في العاصمة واغادوغو، تحدث حوالي 15 عسكريا بعضهم يضع قناع وجه، عبر التلفزيون الوطني. وتضمن بيان للعسكريين تلاه واحد منهم «تمت إقالة اللفتنانت كولونيل داميبا من منصبه كرئيس للحركة الوطنية للإنقاذ والإصلاح»، وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري. التدهور الأمني..مبرّر الإنقلابيّين
أوضحوا أن النقيب إبراهيم تراوري صار الرئيس الجديد للمجلس العسكري. كما أعلنوا إغلاق الحدود البرية والجوية، وكذلك تعليق العمل بالدستور وحل الحكومة والمجلس التشريعي الانتقالي، وفرض حظر تجول. وبرّر العسكريون خطوتهم ب «التدهور المستمر للوضع الأمني» في البلاد. وجاء في بيانهم «قرّرنا تحمل مسؤولياتنا، مدفوعين بهدف أسمى واحد، استعادة أمن أراضينا وسلامتها». وكان داميبا تعهّد عند توليه السلطة جعل الأمن أولويته في البلد الذي تقوضه الهجمات الإرهابية منذ سنوات، لكن العنف الدموي تضاعف في الأشهر الأخيرة خاصة في الشمال. وفي الأسبوع الماضي فقط، قتل إرهابيون أحد عشر جنديًا خلال هجوم على قافلة مؤلفة من 150 مركبة كانت تنقل الإمدادات إلى بلدة في شمال بوركينا فاسو، فيما لا زال خمسون مدنيا في عداد المفقودين. وأصبحت مناطق واسعة في الشمال والشرق غير خاضعة للحكم منذ 2018، فيما فرّ الملايين من منازلهم خوفا من المزيد من المداهمات التي يشنها إرهابيون كثيرا ما ينزلون على المجتمعات الريفية على دراجات نارية. ومنذ عام 2015، تسبّبت الهجمات المتكررة التي تشنها حركات إرهابية تابعة لدمويي «القاعدة «وتنظيم «داعش» في مقتل الآلاف ونزوح نحو مليوني شخص. وتعد بوركينا فاسو الواقعة في غرب إفريقيا، وهي واحدة من أفقر دول العالم، بؤرة للأعمال الإرهابية التي بدأت في مالي المجاورة في عام 2012 لكنها انتشرت منذ ذلك الحين عبر الامتداد القاحل لمنطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى. من هو النّقيب إبراهيم تراوري؟ على قدر غموض تفاصيل دوافع الانقلاب، يأتي الغموض حول شخصية قائده النقيب إبراهيم تراوري، الذي أصبح الرجل القوي في واغادوغو الآن، والذي سيحدّد سياسة البلاد في المرحلة القادمة. تولّى إبراهيم تراوري رئاسة الحركة الوطنية للحماية والإصلاح، وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري، وعيّنه داميبا في مارس الماضي، رئيسا لفوج المدفعية في منطقة كايا، خلفا له، وهي تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، وخامس أكبر مدينة في بوركينا فاسو، على بعد 100 كم من واغادوغو. وتقول الباحثة البوركينابية منى ليا، إنه حتى الآن لا يوجد إعلان حول هوية الرئيس المؤقت، هل سيكون «تراوري» هو الرئيس لمرحلة انتقالية جديدة أم سيتعين آخر. كذلك فإن مصير داميبا مجهول، فلم يوضح بيان «تراوري» هل تمّ اعتقاله أو التحفظ عليه. ويعلق مختصون في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، بأن الأوضاع لم تنتهِ بإقالة داميبا؛ فمصيره غامض؛ وهو ما يؤشّر لعدم إمساك الانقلابيين الجدد بكل الخيوط. ويتوقّعون أنّ قيادات الجيش ما زالت منقسمة بشأن الانقلاب، ما ينذر بعدم استقرار الأوضاع. وتحذّر «منى ليا» من استغلال الجماعات الإرهابية لهذه الأوضاع لتوسيع نشاطها، لافتة إلى أن الشعب قلق من تنامي قوة هذه الجماعات في ولاية الساحل شمالا. الجيش البوركينابي يتكوّن من القوات البرية والقوات الجوية، والدرك، واللواء الوطني، والتجمع المركزي للجيوش. لا تمتلك بوركينا فاسو قوة بحرية؛ لأنها دولة حبيسة. يقدر عدد القوات بين 15 ألف و20 ألف رجل، أكثر من نصفهم يخدمون في الجيش. ومنذ 2015 يمتلك الجيش 3 أفواج دعم، و9 أفواج قتالية، بما في ذلك 5 أفواج «مشاة كوماندوز» و1 فوج مظلات، تتوزع على 3 مناطق عسكرية، الأولى في كايا، والثانية في بوبو ديولاسو، والثالثة في واغادوغو. وبجانب ذلك هناك فوج المنطقة المركزية «التجمع المركزي للجيوش»، ويتواجد في معسكري جيوم ويدراوغو وسانغولي لاميزانا في واغادوغو، إضافة لمفارز في مناطق متفرقة.