المغرب على حافة الانفجار، هذا هو الواقع الذي أصبح النظام المخزني يتخبّط فيه مع ارتفاع التذمر الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث باتت الاحتجاجات والإضرابات تهزّ الشوارع، والغضب يعصف بأركان المملكة التي تجد نفسها عاجزة عن مواجهة الأزمات التي يتخبّط فيها الشعب، وفي مقدّمتها أزمة الغذاء والمعيشة التي تدنّت بشكل مريع حتى بات معظم المغاربة تحت عتبة الفقر. أعلنت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بالمغرب، عن تسطير برنامج احتجاجي رفضا للمخرجات الأولية للحوار القطاعي، وأكّدت أنّ الساحة التعليمية تشهد حالة احتقان غير مسبوقة. ويتضمّن البرنامج الاحتجاجي اعتصاما إنذاريا لأعضاء اللجنة الإدارية للنقابة يوم 15 نوفبر الجاري أمام وزارة التربية الوطنية، واعتصامات إنذارية للمكاتب الجهوية يوم 29 من نفس الشهر أمام الاكاديميات الجهوية. استخدام القوّة ضد الأساتذة في السياق، ندّد المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، باعتماد المقاربة الأمنية واستخدام القوة المفرطة في قمع التظاهرات السلمية وقمع احتجاجات نساء ورجال التعليم، ضحايا سياسات "التسويف والمماطلة والظلم والتهميش"، معتبرة ذلك انتهاكا صارخا للحق في التظاهر والاحتجاج السلمي. وجاء تنديد الجامعة، عقب "القمع" الذي تعرض له اعتصام الأساتذة ضحايا تجميد الترقيات بالرباط، والذين ترفض الحكومة ووزارة التربية الوطنية التعاطي الإيجابي مع مطالبهم. ودعت الجامعة الشغيلة التعليمية إلى التعبئة الشاملة وتوحيد الفعل النضالي من أجل الكرامة ومواجهة كل المشاريع التخريبية، وانتزاع المطالب العادلة والمشروعة. مسيرة وطنية ضدّ غلاء الأسعار من ناحية ثانية، أعلنت الجبهة الاجتماعية المغربية عن تنظيم مسيرة وطنية شهر نوفمبر الجاري احتجاجا على غلاء الأسعار، واستنكارا لغياب أي إجراءات حكومية للتخفيف من وطأة المعاناة التي تعيشها الأسر المغربية. وسجّلت الجبهة، أنّ الأوضاع الوطنية تتسم بتفاقم غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب على الاطلاق، وهذا رغم كل الاحتجاجات والنداءات، لكن لا حياة لمن تنادي. وممّا زاد الطين بلة، حسب الجبهة، أن مشروع قانون المالية جاء فارغا من أي إجراءات ولو مرحلية للتخفيف من معاناة الفئات المسحوقة، بل سيعمقها من خلال تدابير عدة منها تحرير أسعار الغاز. ومقابل ذلك، سجلت الجبهة أن مشروع المالية يقدم هدايا ضريبية هامة للأثرياء، لدرجة أن نقابة "الباطرونا"، وفق تصريح لأحد مسؤوليها لم تكن لتحلم بها. وأوضحت الجبهة الاجتماعية، أنه سيتم الإعلان خلال الأيام القليلة المقبلة عن التاريخ المحدد للمسيرة الوطنية الشعبية التي ستنظم هذا الشهر. أغلبية فقيرة وأقلية تحتكر الثّروة في الأثناء، ندّد حزب "النهج الديمقراطي العمالي" بتنامي الغلاء وارتفاع الأسعار، وتوسع دوائر الفقر والإقصاء والتهميش، مقابل تركيز الثروة في أيدي أقلية تحتكر الثراء والنفوذ. وانتقد الحزب في بيان له، ما أسماه باشتداد قبضة الاستبداد المخزني في محاولة لإغلاق الحقل السياسي، عبر قمع الحريات العامة والحركات الاحتجاجية الشعبية والتضييق على القوى الديمقراطية وفعاليات اليسار. وسجّل استمرار وهم "السلم الاجتماعي" في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على تمرير حوار اجتماعي على أرضية الالتفاف، والتراجع على حقوق الطبقة العاملة وعموم المأجورين. الأمن الغذائي والطّاقي والدّوائي مهدّد دقّت تقارير وطنية ودولية ناقوس الخطر للتنبيه إلى التهديد الحقيقي الذي يواجهه المغرب على مستوى أمنه الغذائي والطاقي والدوائي، داعية إلى اتخاذ الإصلاحات اللازمة في هذا الباب لتجاوز الأعطاب. وأكّدت تقارير صدرت في الأيام الماضية، على رأسها تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتقرير للبنك الدولي، التبعية الكبيرة للمغرب في هذه القطاعات بشكل يهدد سيادته. فبخصوص الأمن الغذائي، توقف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على تفاقم العجز البنيوي الذي يعرفه القطاع الفلاحي بالمغرب، والصعوبات الجمة التي يعيشها، وما لها من انعكاسات سلبية على السيادة الغذائية للبلاد. كما نبّه التقرير إلى ارتهان السيادة الغذائية للمغرب بالواردات من المنتجات الفلاحية، ولا يختلف الحال بالنسبة للأمن الطاقي للمغرب الذي لا يزال بدوره مرتهنا بشكل كبير إلى الخارج، وهو الأمن الذي تزيد درجة تهديده بفعل التغيرات الموجودة على الساحة الدولية اليوم، وعلى رأسها تبعات الحرب في أوكرانيا. كما كشف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ارتهان المغرب الكبير للواردات من الادوية، منبها إلى أن الأدوية واللقاحات ومختلف المنتجات ذات الصلة ليست سلعا استهلاكية عادية، بل هي موارد استراتيجية ينبغي أن تحظى بعناية خاصة في إطار السياسات العمومية، وسجل تراجع المغرب في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية.