تزخر عاصمة الغرب الجزائري، وهران، بمقوّمات تراثية وأثرية وطبيعية، كفيلة بتحقيق التميز السياحي بمختلف فروعه، وخاصة السّياحة الثقافية، لغناها بالمعالم والمواقع التاريخية والأثرية، وكذلك الفنون والعادات والتقاليد التراثية التي تعكس ثراء الهوية الوطنية، حيث أكد رئيس مصلحة النشاطات بمديرية الثقافة، نوري مخيسي على "الجهود المبذولة بالولاية لتطوير منظومة سياحية متكاملة بالتعاون مع مختلف الهيئات والجهات المعنية بقطاع السياحة والتراث والثقافة، ضمن رؤية شاملة تسعى إلى الترويج السياحي المشترك." وأشاد مخيسي بمستوى العلاقات بين مديريتي الثقافة والسياحة على المستوى الولائي، مؤكدا المساعي الحثيثة التي يبذلها قطاع الثقافة، من أجل المساهمة الجادة في تنشيط السياحة الثقافية واستثمار مخزون التراث المادي واللامادي الذي تزخر به وهران، المتميزة بعاداتها وتقاليدها، وفق تعبيره. وذكر مخيسي بالحركية التي شهدتها السياحة الثقافية خلال الفترة الصيفية المنصرمة، في إطار الألعاب المتوسطية، واعتبارها طفرة نوعية بالنسبة للسياحة الداخلية، ولاسيما ما يتعلق بالتسويق السياحي، نظرا لأهميته في تحديد السوق السياحية المرتقبة، والتعرف عليها. مسارات سياحية جديدة وقد كانت الألعاب المتوسطية، التي نظمت في وهران من 25 جوان إلى 5 جويلية الماضي، فرصة لاستحداث 10 مسارات جديدة، هي: مسار جولة في مدينة وهران "أورون ستي"، المسار العثماني، مسار مساجد سيدي الهواري، مسار بوابات وهران، مسار حصون وهران، فضلا عن المسار العثماني، المسار السياحي، المسار الحضري، وكذا المسار الأخضر ومسار التسوق التجاري. وقد وضعت مديرية السياحة والصناعات التقليدية هذه المسارات تحت تصرف الوكالات السياحية والمواطنين والمقيمين المحليين والأجانب، حسبما أكدت حمداني إكرام، مفتش سياحة بنفس الإدارة. وعلى هذا الأساس، ذكّرت حمداني بضرورة إدراج المسارات السياحية في مخطط عمل الوكالات السياحية، وكذا الجمعيات السياحية الناشطة عبر الولايات، وعددها32، إضافة إلى ديوانين اثنين، حتى يكون هناك توسيع في نشاطها وإشباع رغبة السياح المحليين والأجانب، كما قالت. حافلة "سيتي تور" تجوب 11 معلما دينيا وثقافيا وتطرقت المتحدثة ذاتها إلى عديد الإنجازات المحققة لخدمة السياحة الداخلية المحلية، أبرزها تفعيل الحافلة السياحية "ستي تور"، بالتنسيق مع الديوان الوطني الجزائري للسياحة "أونات، وهي أول حافلة سياحية، تم تفعيلها ضمن المسار السياحي بالولاية، تجوب 11 معلما تاريخيا وحضاريا ودينيا وثقافيا، وغيرها من المقاصد السياحية والأثرية بمبلغ رمزي لمدة ثلاث ساعات كاملة، خلال الفترة الصباحية، وحتى ما بعد الظهيرة، ما جعلها قبلة لمختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية. وقد عززت النتائج الواضحة لتجربة "ستي تور" مكانة "أونات" وهران بالمشهد السياحي، لما تتيحه من فرصة للتعرف على المقومات الطبيعية والجغرافية والتراثية بتأطير شباب متمكن في تاريخ وتراث المدينة الضارب في القدم، وعلى رأسهم المرشد السياحي، بركان كراشاي هارون، الذي يعتمد على شروحات سهلة وسلسة، تجمع بين اللغة العربية الفصحى والعامية المستخدمة بين مختلف جهات الوطن، حسب تصريحات المواطنين. وتتضمن الرحلة معلومات مستفيضة، انطلاقا من مقر الديوان الوطني للسياحة بشارع محمد خميستي، مرورا بمقر الكاتدرائية القديمة وقصر الثقافة وساحة أول نوفمبر، حيث يتواجد "فندق المدينة"، مرورا بحي سيدي الهواري بمعالمه قصر الباي وجامع الباشا وحديقة ابن باديس وساحة بود اليحسني (كليبر سابقا)، والتي تضم فندق السلام، وباب كناستال وأول مقر لولاية وهران، مع زيارة الحمامات التركية ومستشفى بودان العسكري، وكذا كنيسة "سالويس" وباب المرسى، وصولا إلى جبل مولاي عبد القادر، أين تتواجد مغارة لعبادة ومسجد جيش الطلبة الذي تم بناءه خلال السنوات الأخيرة، مع زيارة الحصن الإسباني "سنتا كروز" وكنيسة السيدة المنقذة أو العذراء التي تعود للحقبة الفرنسية، ثم العودة إلى ساحة أول نوفمبر 1954 عبر شارع واجهة البحر. وأبرز المرشد السياحي، بركان كراشاي هارون، الجهود التي تبذلها مؤسسة الديوان الوطني للسياحة لتعزيز جاذبية الوجهة الوهرانية، عبر حافلة "سيتي تور"، باعتبار أنها تقدم مسارا سياحيا متميزا بأشهر المعالم الأثرية بالولاية، كوجهة فريدة للاستكشاف والاستمتاع بلحظات من الاسترخاء والترفيه. ونوّه أيضا إلى الإقبال الكبير على هذا المسار منذ انطلاقته الفعلية في ديسمبر 2019، بالاعتماد على دراسة دقيقة برؤية تسويقية وترويجية في متناول جميع الطبقات الاجتماعية، سيّما وأنّ تكلفة هذا المنتوج، لا تتعدى 250 دينار. وفي الختام، أكد الباحث والمرشد السياحي، بركان كراشاي هارون، على دور السياحة الثقافية في جذب السياح المحليين والأجانب على السواء، من خلال طابعها الموسمي المتكرر، ومساهمتها في زيادة نسبة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الوطني ومكونات الهوية.