دعا الكاتب مسعود كواتي بعض المثقفين إلى النهوض من سباتهم ولم شملهم المتشتت لحماية ما بقي حيا من التراث الجزائري الذي يعاني الاندثار والضياع مما يتيح الفرصة للقضاء على هويتنا وشخصيتنا، وتحدث وبمرارة عن صناعة الكتاب في بلادنا التي تفتقد لأهم حلقة تربط بين الإعلام، الكاتب والناشر.. * الشعب: اولا مرحبا عندنا، ماذا تقول ل''الشعب'' وهي تحتفل بخمسينية تأسيسها؟ @@ مسعود كواتي:أهنئ جريدة الشعب بذكراها الخمسين، هذه السنوات التي واكبت فيها طموح الجزائريين في جميع المجالات الثقافية السياسية، الفكرية، وصراحة تربطني علاقة حب بهذه الصحيفة الغراء، حيث كتبت الكثير والكثير من المقالات حول شخصيات تاريخية، التعريف ببعض الكتابات التاريخية والكتب الفكرية. لا بد أن نعترف بأن عميدة الصحافة الجزائرية عرفت الجمهور بشخصي المتواضع، وأتمنى لهذه الجريدة أن تواصل صمودها وتواجدها في ظل الزخم الإعلامي الكبير والمنافسة الشرسة. * ألا تفكر كغيرك من الكتاب في جمع مقالاتك في كتاب؟ @@ فعلا، فقد جمعت عددا كبيرا من مقالاتي وأصدرت مجموعة أولى بعنوان ''شخصيات جزائرية'' وصدر الكتاب عن دار طليطلة بمناسبة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث نشرت المقالات كما هي وأضفت عليها بعض المعلومات والأشياء التي لم أتحصل عليها في ذلك الوقت بهدف إثراء محتواه، وهذه الإضافات جاءت في إطار الملاحق في حين أن النصوص ومقالاتي ب''الشعب'' احتفظت بها كما كتبت لأول مرة. * وهل حقق كتابك هذا نجاحا عند القارئ وفي السوق؟ @@ صراحة هذا الشيء الذي ينقصنا في الجزائر فنحن نفتقر لمؤسسات وجهات مختصة في سبر الآراء، حيث الكاتب أو المبدع يكتب دون أن يعرف ما مدى تأثير كتاباته على القارئ والمجتمع، وتبقى دار النشر هي الجهة الوحيدة التي تفيدنا بمعلومات حول المبيعات فحسب، وهنا لا أريد التعمق في أشياء تتعلق بواقع النشر في بلادنا وعلاقة الناشر بالكاتب. * من كلامك نفهم أن هناك حلقة ضائعة في صناعة الكتاب بين الكاتب والناشر؟ @@ فعلا هناك حلقة مفقودة بيننا ككتاب ودور النشر، وكذلك الإعلام، هذا الأخير الذي من دوره التعريف بالمنتوج المعرفي والعالمي والثقافي، وبعيدا عن لغة المجاملة وكما قلتها من قبل، فجريدة الشعب لعبتها دورها الإعلامي المنوط به حيث عرفت بشخصي وبكتاباتي داخل وخارج الوطن، فلابد أن نجد صيغة تجعل الكاتب،الناشر ووسائل الإعلام على اتصال دائم. * حسب رأيك ما سبب هذا التقصير، وألا ترى أن الكاتب هو المسؤول الأول حيث عليه متابعة إصداره حتى بعد النشر ومحاولته لفتح جسور التواصل وفرض نفسه بعيدا عن سياسة الاتكال؟ @@ هذه قضية جوهرية في صناعة الكتاب، وأقولها وبكل مرارة للأسف إلى حد اليوم لا توجد في الجزائر صناعة حقيقية للكتاب، إذا قارناها مع بعض الدول، لكن رغم ذلك لا ننكر الحركية التي بدأها مؤخرا عالم النشر، إلا أن المشكل الذي يبقى قائما هو علاقة الناشر بالكاتب، فعلى هذا الأخير أن لا يرى للمبدع، الأديب والمثقف على انه سلعة مالية، فالمسألة لا تتعلق بالمادة والربح السريع فقط فالرهان الكبير هو ثقافتنا الجزائرية، فالكتاب هو لسان حال المواطن، وهويته، والعمل على إيصالها لأبعد النقاط ضرورة حتمية للتعريف والحفاظ على كنوزنا الثقافية والتراثية ووضع مكان لها خارج رقعتها الجغرافية، فالكتاب سفير الوطن، وبالتالي علينا الاهتمام به اهتماما كبيرا من طرف كل الجهات. باعتبارك كاتب ومختص في التاريخ، هل لك مشاركة في احتفائية الخمسينية؟ @@ الكاتب المحب للقلم والإبداع لا يعتمد اعتمادا مطلقا على العروض، لدي مشروع إنتاج ثقافي، وصلت للمساته الأخيرة، حيث أتعامل مع دار النشر قرطبة لإصدار كتاب جديد تحت عنوان ''معجم نساء الجزائر'' وهو عبارة عن معجم بيوغرافي يحمل سير ذاتية لأكثر من 500 شخصية نسوية في جميع المجالات، السياسي، الرياضي، التاريخي، الإعلامي والثقافي، التراثي وغيرها، منها زهور ونيسي، خليدة تومي، الإعلامية امينة دباش، ربيعة جلطي، السيدة برقي رئيسة جمعية ''اقرأ''، تينهينان، فاطمة نسومر، وغيرها. * ما هي المراجع التي تعتمد عليها للإحاطة بكل جوانب الشخصية التي تتناولها؟ @@ كل ما أراه سبيلا في إفادتي بالمعلومات أدق بابه، وللأسف الكثير من الناس لا يعطي مثل هذه الكتابات حقها، وصراحة أتمنى أن يكون كتابي الجديد مرجعا، خاصة وأنني اعتمدت على حتى على أدق التفاصيل التي تحافظ على الشخصية التاريخية، في وقت نفتقر إليه إلى الكتابات التي تنفض الغبار على الأسماء الجزائرية البارزة وتحيي تراثنا، والهدف الأساسي من كتاب الجديد هو التأكيد على الدور الأساسي للمرأة في القديم واليوم الذي لم يكن في الظل. * تكلمت عن التراث، اليوم نرى منوع من الإجحاف في حقه، كمثقف ماذا تقترح لحماية هويتنا وموروثنا المادي واللامادي؟ @@ هي مسالة سياسة معتمدة وإستراتيجية صارمة، فلا ألوم الشاب الذي لا يعرف إذا لم اعلمها أنا، فبكل بساطة نتهم الناس بأنهم شعب لا يقرأ ولا يعرف و..، وهنا أتساءل على أي أساس بنيت هذه الأحكام الجاهزة، هل هناك دراسات؟ وأؤكد على الدور الكبير الذي تلعبه الجمعيات المدني في التعريف والحفاظ على تراثنا الثقافي والتاريخي، إلا أننا نجد تهاونا كبيرا في هذا المجال أدى إلى ضياع كنز كبير وبالتالي علينا الاستفاقة من نومنا لحماية ما بقي من تراث من الاندثار والتهميش والضياع.