إذا كانت الصحف الوطنية قد تقاطعت في التأكيد بأن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، اعترف بجرائم الاستعمار الفرنسي في خطابه أمام ممثلي الشعب الجزائري، وان اختلفت في القراءات بين من اعتبره «اعتراف غير صريح» ومن انتقد مساواته بين الضحية والجلاد، فان الصحيفة الفرنسية «لوموند» اعتبرت بأن خطاب هولاند لم يختلف كثيرا عن خطابي الرئيسين السابقين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، لكنها توقفت بدورها عند الاعتراف والجوانب الايجابية للزيارة التي من شأنها أن تؤسس لعهد جديد في العلاقات بين البلدين. في الوقت الذي يجزم فيه البعض من رجال السياسة والإعلام بأن زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر حملت الجديد في إشارة إلى اعترافه بما اقترفه «النظام الاستعماري العنيف والجائر وغير العادل» وهو ما تم وصفه ب«الخطوة الايجابية»، فان البعض الآخر اعتبرها غير كافية لأن «الاعتراف غير صريح» حسبهم وذهبوا إلى أبعد من ذلك بتسجيل «مساواة الرئيس الفرنسي بين الضحية والجلاد»، و«وضع الاحتلال والثورة في نفس الكفة»، وعدم تقديم اعتذار عن المجازر والتعذيب الذي أشار له هولاند في سابقة أولى من رئيس فرنسي . وبالمقابل، فإن الصحافة الفرنسية التي كانت منقسمة حسب التوجهات السياسية، إلا أنها لم تختلف في نقطة كانت بمثابة قاسم مشترك بينها وهو أن الرئيس هولاند لم يذهب إلى أكثر مما ذهب إليه سابقوه، مذكرة بأن ساركوزي كذلك ندد بالنظام الاستعماري بقوله «النظام الاستعماري غير عادل بطبعه»، فيما تطرق قبله شيراك إلى الفترة الاستعمارية التي دامت 132 سنة، وذهب هولاند في نفس اتجاه هذا الأخير الذي دعا إلى «رؤية إلى الماضي من الجهتين» وذلك بقوله «لا بد من احترام الذاكرة كل الذاكرة»، أما بخصوص تطرقه إلى مجازر الثامن ماي 1945 فقد سبق وتطرق إليها السفير الفرنسي. كما سجلت يومية «لوموند» عدم اعتراف هولاند بما اقترفه النظام الاستعماري باسم فرنسا وفضل التحدث باسمه الشخصي بقوله «أعترف بالآلام التي تسبب فيها الاستعمار للشعب الجزائري»، ولم يقل فرنسا وفق ما أورده مبعوثو الجريدة وهي نقطة جد هامة برأيهم، لأن الاعتراف بذلك ينسب له وليس إلى فرنسا، غير أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني بلقاسم بلعباس سبق وأكد ل«الشعب» في هذا الشأن «اعتراف فرانسوا هولاند بالماضي الاستعماري لفرنسا بصفته رئيسا للجمهورية، هو اعتراف فرنسا الرسمية». ورغم اختلاف القراءات، إلا أن الثابت أن الرئيس الفرنسي الذي عبر عن إرادة كبيرة لفتح «عهد وصفحة جديدة» أنه لم يقدم اعتذارا الذي تأكد بأنه عقدة ليس من السهل على فرنسا تجاوزها، كما أنه وان اعترف إلا أن اعترافه لم يكن صريحا وفق ما أكده ممثلو الشعب الذين ورغم ذلك سجلوا نقطة ايجابية وهي مرافعة هولاند لشراكة الند للند ومن أجل تأكيد عزمه وإرادته لم يتوان في التأكيد بأن الجزائروفرنسا قد تكون محرك لبناء وحدة المتوسط». وفي هذا السياق، حرص المجاهدون على التأكيد بأن الجزائر لم تطلب لا اعترافا ولا حتى اعتذارا، لأن هذا الأخير لا يطلب وإنما يقدم أما الاعتراف فقد تم تحقيقه وافتكاكه قبل 50 سنة توجت حرب التحرير التي كانت بدورها عقدة لسنوات طويلة بفرنسا، كما أن التاريخ يحمل الاعتراف الأكبر لأنه سيسجل وفق ما أكدته المجاهدة زهرة ظريف بيطاط الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها المستعمر الفرنسي طيلة 132 سنة من الاحتلال.