إنشاء هيئة مستقلة للتحول الرقمي وتكوين الموارد البشرية أكدت الدكتورة أسماء اسطنبولي، الباحثة في التسويق السياحي بجامعة البليدة-2، أن الجزائر تزخر بالعديد من المقومات الطبيعية والتاريخية والحضارية عالية الجودة، تؤهلها لاحتلال المراكز الأولى كوجهة سياحية بامتياز في حوض المتوسط، وقالت إنه في الوقت الراهن تسجل إرادة قوية من خلال الاهتمام بهذا القطاع الحيوي، نظرا لمساهمته في العديد من المتغيرات الاقتصادية الرئيسية، من حيث كونه مصدرا مهمّا للدخل بصفة عامة وموردا من موارد النقد الأجنبي بصفة خاصة، كما يعد عنصرا مؤثرا في تنشيط الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، والمساهمة في الناتج المحلي والنمو الاقتصادي. وتطرقت إلى دور وتأثير التسويق الإلكتروني في تنمية السياحة. وقفت الدكتورة أسماء اسطنبولي، في أثناء حديثها مع «الشعب»، على طاقات سياحية كامنة غير مستغلة تزخر بها الجزائر، واعتبرت أنها في حالة استغلالها ستحقق نتائج باهرة، خاصة في ظل تبني الدولة الجزائرية استراتيجية المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية آفاق 2030، الذي تم تخطيطه وتعديله ويحتاج إلى التفعيل والتقييم والمراقبة باستمرار. رفع مستوى الوعي السياحي وحول واقع السياحة في الوقت الراهن، أوضحت الباحثة اسطنبولي أن السياحة تعد صناعة قائمة بذاتها لتكاملها مع بقية القطاعات. لذا، بحسب تقديرها، فإن النهوض بها يتطلب تكاتف جهود كل تلك القطاعات للحصول على منتج سياحي لائق يلبي حاجات السائح ورغباته، لذلك اقترحت دراسة كل من العرض والطلب السياحي في الجزائر، ومن ثم السعي إلى تهيئة مختلف البنى التحتية التي توفر للسائح الراحة والرفاهية، انطلاقا من الفندقة والإطعام والنقل، إلى جانب الدفع الالكتروني وتوفر تدفق جيد لأنترنت، وأماكن الراحة والتسلية والترفيه المختلفة، هذا من جانب، ومن جانب آخر، نشر الثقافة السياحية في الأوساط الشعبية، والتحسيس بأهمية السياحة في التنمية الاقتصادية عن طريق وسائل الإعلام والاتصال المختلفة. وفي ظل الاستخدام الواسع لشبكة الأنترنت، وتصاعد أعداد مستخدمي الهواتف الذكية في مجالات متعددة، دعت أسماء اسطنبولي إلى استغلال هذا الجانب في الترويج للمنتوج السياحي. وذكرت في سياق متصل، أنه إذا توفرت فرص سوقية، ينبغي اقتناصها عبر الانتقال إلى النموذج الرقمي والتخلي عن الطابع المادي في القطاع السياحي، كون التحول الرقمي يساعد على الانتقال من الخدمات التقليدية إلى الخدمات الرقمية، وبالتالي القضاء على البيروقراطية، وتقليل الأخطاء البشرية، وترشيد النفقات، وتحقيق كفاءة المعاملات والخدمات، إلى جانب تحسين اتخاذ القرار، وخلق فرص لتقديم خدمات مبتكرة وإبداعية. اندماج الهيئات السياحية بطرق حديثة وبخصوص عملية التحول الرقمي الجارية، أوضحت الدكتورة اسطنبولي أنها تهدف إلى تحسين أداء المؤسسات من خلال تغييرات جوهرية، تمزج بين عمليات المنظمة التشغيلية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتسعى الدولة إلى استخدام التقنيات الرقمية لتوليد ومعالجة وتبادل المعلومات، كونها الأكثر نموا وانتشارا حول العالم، وباستخدام التقنيات الرقمية الحديثة لتغير الأعمال وتوفير فرص عمل جديدة من الدخل والقيمة المضافة والتحول إلى الاقتصاد الرقمي تقنيا وإداريا وتسويقيا، من خلال اندماج الهيئات السياحية المتنوعة ضمن طرق حديثة من أجل الوصول إلى تحقيق جذب أكبر عدد ممكن من السياح. ومن مقترحات الباحثة، تنويع المنتج السياحي الجزائري عن طريق إثراء البرامج السياحية واعتماد أشكال جديدة من السياحة لجلب فئات أخرى من السياح، مثل سياحة الحوافز، سياحة المؤتمرات، سياحة المغامرات والسياحة العلاجية، مع إعادة الاعتبار للسياحة الثقافية والصحراوية والدينية، عن طريق حماية واستغلال المناطق السياحية والتراث الثقافي في المناطق الريفية، بهدف تنمية هذه المناطق وخلق التوازن الجهوي. وراهنت اسطنبولي على ضرورة نشر الثقافة التسويقية الرقمية، والسعي للتحول نحو الإدارة الرقمية للمؤسسات والوكالات السياحية المختلفة، مع إلحاحها على توفير الإطارات والمهارات بإدراج البعد التكنولوجي في التكوين للمختصين في صناعة السياحة والأسفار، والاستغلال الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لكل من السياحة والفندقة، العادات والتقاليد المتنوعة والصناعة التقليدية بالجزائر. كما تحدثت عن أهمية الاهتمام بالتشريعات والقوانين المنظمة والداعمة لممارسة التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي لكافة القطاعات الاقتصادية، ومحاربة الجريمة الإلكترونية وجعل المعاملات الرقمية أكثر أمانا وثقة وتشجيع استخدام المنصات الرقمية كوسيلة للتسويق السياحي الإلكتروني، بهدف تقديم الجزائر كوجهة سياحية بامتياز. ودعت محدثتنا الوكالات السياحية الجزائرية وأصحاب المنشآت السياحية والفنادق والمكاتب السياحية، إلى الترويج للسياحة في الجزائر محليا ودوليا، باستخدام الأساليب الحديثة في التسويق الخدمي، من خلال استهداف رواد شبكات التواصل الاجتماعي بنشر محتويات هادفة، بالإضافة إلى الاعتماد على المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي. وتحدثت عن ضرورة إنشاء هيئة مستقلة للتحول الرقمي وتدريب وتأهيل الموارد البشرية في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وبناء شراكات مع شركات كبري لتدريب وتأهيل المختصين بتنفيذ التحول الرقمي.